العراق: تشكيل الحكومة الى أين..؟!
بقلم : باقر الفضلي
العودة الى صفحة المقالات

كنت في مقالة سابقة، (العراق: الحلول الصعبة )، قد أجملت جانباً من طبيعة الصراع المحتدم بين القوائم الإنتخابية الفائزة في الإنتخابات الأخيرة في السابع من آذار المنصرم، وكنت قد أشرت الى طبيعة تمسك بعض تلك القوائم بمفهوم " الطائفية" كسلاح ذي حدين، منتهياً الى القول :[[ بأن ما يدور حالياً من شلل عام للحياة السياسية في البلاد، وفي مقدمته العجز التام للكتل السياسية الفائزة في الإنتخابات، من تشكيل الحكومة الدستورية الجديدة، إنما يعود مرده لطبيعة الصراع المبني في أساسه، على قاعدة "الطائفية" كسلاح للتكتيك والتحشيد والمناورة، وليس بعيداً عن ذلك أيضا، إستغلال وإستثمار الطقوس والعادات والشعائر والمناسبات الدينية للطائفة المعنية كإحدى وسائل ذلك الصراع ومن أدواته..!؟]]
لقد أثبتت التجربة العملية صحة التوقعات التي تم الإشارة اليها في المقالة أعلاه، وأيدت الأحداث ما كان متوقعاً مما قد تؤول اليه نتائج ذلك الصراع،  وها هو الزمن يُهدر بدون طائل، في وقت لازال فيه تشكيل الحكومة الجديدة يراوح في مكانه، وما يصدر من هنا وهناك من تصريحات بقرب تشكيل الحكومة وأن الحكومة على الأبواب، لا يشكل غير سحابة من دخان، لتمرير الوقت، والتعتيم على ما يطبخ في الخفاء، بعد أن توضحت صورة الصراع، وبعد أن بذلت أطرافه كبير جهدها، للخروج بما يؤمن لها سبل النجاح في كسب "معركة" منصب رئيس الوزراء، ليشكل المشهد السياسي العراقي أخيراً، حالة من التأزم الكبير بين جميع الأطراف المفترض مشاركتها في تشكيلة الحكم بعد أن أصبحت الوسائل مفضوحة، في توظيف "الطائفية" علانية، كسلاح رئيس في التنافس والصراع، وبعد أن أعلن عن توقف المفاوضات بين القائمتين الرئيستين العراقية ودولة القانون للسبب المذكور طبقاً لوسائل الأعلام..!؟
وليس أدل على ذلك، من ما جاءت به التصريحات الأخيرة للسيد رئيس الوزراء، ناعتاً فيها القائمة العراقية بأنها تمثل " المكون السني"، في وقت لم تتوقف فيه التصريحات المتواترة عن مضي المحادثات بين القائمة المذكورة وقائمة دولة القانون بكونها تجري على قدم وساق، وكثير من كان يرقب نهايتها الى النجاح في إيجاد الحل المرتقب للخروج من الأزمة المستفحلة، فأية مفارقة مثل هذه، وفي وقت لا تنقطع فيه تصريحات قائمة دولة القانون بأن برنامجها مبني على مناهضة "الطائفية"، ولكن الجديد في الأمر ما يتعلق بتشكيل حكومة المشاركة، حيث برزت الى مقدمة الأحداث من جديد، مقولة "المكونات الإجتماعية" كأساس لتشكيل مثل هذه الحكومة..!!؟
ليس المهم في الأمر كيف جري توصيف القائمة النيابية العراقية، من حيث تكوينها الإجتماعي، فهذا أمر يعود تفسيره الى القائمة المذكورة، بل الأكثر أهمية، ما يتعلق بقواعد تشكيل الحكومة الجديدة "حكومة المشاركة"، فطبقاً لفحوى التصريح نفسه وظروفه الزمانية، وإستناداً لتفسير السيد عزة الشابندر نائب البرلمان وعضو قائمة دولة القانون للتصريح المذكور بتأريخ 17/8/2010، يصبح من البدهي تصور آفاق مثل هذه الحكومة المنتظرة، ويكفي كونها إفتراضاً، ستشاد وفقاً لنفس الأسس التي قامت عليها الحكومة الحالية  المنتهية ولايتها،  وذلك بإعتماد قاعدة "المكونات الإجتماعية" بشقيها الديني – المذهبي، والإثني، وهذا هو أقل ما كان يمكن أن يتوقعه المراقب، من خلال سير العملية الإنتخابية وما ترتب عليها من نتائج وما رافقها من تداعيات، ليأتي التلويح بنظرية "المكونات" مجدداً ليدعم تلك التوقعات السابقة، بشأن تشكيل الحكومة الجديدة وإشكالية الكتلة البرلمانية الأكبر، إذا ما سارت عليه الأمور وفقاً للسياق المطروح، وكل هذا كان فيه حديث غير قليل..!!(*)
المقلق في الأمر أن يطول أمد تشكيل الحكومة الجديدة، بعد أن سئمت الناس حالة الفراغ الدستوري _ السياسي والفراغ الأمني ، الذي أصبح مدخلاً خطيراً لتدهور الحالة الأمنية، ومصدراً لمزيد من نزيف الدم، ومنفذاً لقوى الإرهاب بشتى ألوانها، ليأتي التلويح مجدداً بالطائفية كأحدى سبل هذا التشكيل اللاديمقراطية، والتي كانت نفسها ورديفتها المحاصصة، الطامة الكبرى في إنزلاق الأوضاع الى ما هي عليه الآن، من تدهور وتراجع في أكثر من مكان..!!

18/8/2010

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 18-08-2010     عدد القراء :  2034       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced