السلطة والقانون
بقلم : المحامي يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

تتكون الدول جميعها في الوقت الحاضر من ركنين اساسيين هما السلطة والقانون فبدون قانون تحدث الفوضى وبدون السلطة تعودالبشرية الى حياة الغاب التي يقتل فيها القوي الضعيف وتنتشر الفوضى ويعم الخراب  او تتحول الدول الى دكتاتوريات يحكم حكامها شعوبهم بالنار والحديد دون حسيب او رقيب00 ولزمن ولكنه بألتأكيد سوف لن يطول فلايمكن ان تستقيم مثل هذه الاوضاع 0 بل لقد شاهدنا  كيف تنهار مثل هذه الدكتاتوريات التي تلغي القوانين وتحكم وفق ارادتها وبموجب مزاجها الخاص0 وقد جربت العديد من الدول فترات انعدام القانون وغيابه وما حل بها كما جرى لالمانيا في عهد هتلر وماحل بايطاليا في عهد موسليني وماجرى في مصر في عهود كثيرة واخيرا ما حل بالعراق في عصر الانقلابات 00 فكلهم فشلوا في اخر المطاف واندحروا وقضي على انظمتهم وانتهت فترة حكمهم بدمار بلدانهم وخراب اقتصادها  وابادة الملايين من ابناء شعوبهم ثم عادت بلدانهم من بعدهم بالتزام القانون ومع ان الكثير من حكومات تلك البلدان لم تلتزم بالقانون مائة بالمائة ولكن مع ذلك فقد وجدت نفسها مرغمة بالالتزام به الى درجة جيدة لابأس بها وهذا اذا ما عرفنا بان الكثير من شعوب هذه البلدان هي شعوب لازالت متخلفة وتعيش حياة البداوة وتنتشر فيها الامية والجهل ولم تصلها معالم المدنية والتطور 00

ولو عدنا الى الوراء ملايين السنين ومنذ وجود الانسان على هذه الارض لوجدناه كان يعيش حياة البداوة في الصحراء او الحياة الغابية داخل الغابات واعتاش على القنص والافتراس مما يتواجد من حيوانات ليأكلها قبل ان يدجن العديد منها بعد مضي زمن طويل ولربما لملايين السنين ما جعل هذا الاسلوب من الحياة مترسخا ومتجذرا في كيانه وتوارثتها الاجيال جيل بعد جيل وبقيت هذه الطباع متأصلة فيه حتى الوقت الحاضر فنجد اليوم الانسان قد تعود على القتل والسلب والاعتداء بعضه على بعض وقد اخبرنا التاريخ كيف كانت القبائل تغزوا بعضها بعض وتسلب الممتلكات وتسبي النساء وتقتل من يتصدى لمقاومتها وهي طباع ترسخت كما قلنا منذ ملايين السنين ودخلت ضمن جيناتها وداخل دمائها ولن تستطيع ان تتخلى عنها واضحت هذه الخصائص ما نطلق عليها اليوم بالروح الشريرة التي تلازم كل فرد على وجه البسيطة ولا يخل من جذور الشر هذه أي فرد يعيش على وجه الارض ولم ينجو من هذه الطباع الشريرة إلا الانبياء والانبياء كما نعلم قلة قد لايتجاوزون العشرين او الثلاثين فردا وهو امر لايعتد به بالطبع الى جانب ست او سبع مليار انسان يعيش على هذه الارض 00 وهو الامر الذي ادى الى ظهور الزعامات في الحياة البدائية والمشيخات لترأس الجماعات وتنظيم حياتهم وايجاد الحلول لخلافاتهم مما جعل من هذه الحلول قواعد تنظيمية ثم غدت شرائع يلتزم بها الجميع وهي نواة القوانين التي شرعت للدول فيما بعد 00من قبل الهيئات والمنظمات التشريعية التي اخذت تنظم الحياة البشرية وتفرضها على الناس للالتزام بها عن طريق السلطات التي ترأست المجتمعات في يومنا هذا 00والتي سميت في العصور الجديدة بالبرلمانات او المجالس الوطنية والمنتخبة من قبل شعوبها لتنظيم حياتها وتحديد العلاقات وقيمها فيما بينها 00

نستنتج من هذا بان كل انسان هو شرير بطبعه وعليه يجب ان يكون هناك قوة تتصدى له وتمنعه من الاعتداء على غيره مطبقة قواعد محددة تفرضها على الجميع دون تمييز او محاباه  وهذا ما جعل وجود الدولة والقانون امرا لامناص منه ولكن قانون دون تطبيق يعني ايضا عدم وجود لهذا القانون فالقوانين تشرع من اجل تطبيقها لا ان تركن على الرفوف وتكون المساومات والمجاملات بديلا عنها  ولن تستقيم الحياة بدون هذين العاملين والشواهد على مانقول كثيرة فان ضعفت السلطة عمت الفوضى وانتشر العدوان وان غاب القانون انبرت الدكتاتورية تحز رقاب الناس دون وازع من ضمير 00 فالضمير كلمة وهمية اخترعها الضعفاء ليقذفوها في وجه الاقوياء ولكنه وللاسف كان سلاحا فاشلا لم يثبت خلال عصور التاريخ فعاليته على الاطلاق 00 فكل هذه المفاهيم الانسانية من القيم الاخلاقية كالصدق والامانة والنزاهة وغيرها كثير و التي جاء بها الانبياء كانت ولازالت مجرد اقوال تضيع في الفضاء اومجرد حبر على ورق  لاقيمة لها في خضم الغش والنفاق والنهب والسلب والاعتداء والقتل فكل هذه الافعال الشنيعة لايقف في وجهها سوى العقاب والقوة المتمثلة بالسلطة الكاسحة التي تضرب بيد من حديد فلا يفيد هذا البشر الا القوة والعقاب الصارم وبغير هذا فلا حياة ولا استقرار 00 اما ما يشاع من ديقراطية تدعيها بعض الاوساط فهي تريد من خلالها ان تنشر الفوضى وتمارس افضع انواع الجرائم باسم الحرية التي تطالب بها هذه الديمقراطية المزيفة وقد قال احد المفكرين الفرنسيين ايام الثورة  الفرنسية  التي اطاحت بالملك ( ايه ايتها الحرية كم سالت باسمك الدماء )  فكما طرحت الشيوعية في فترة من فترات التاريخ شعارات التحرر من الاستبداد لكي تهيمن جماعات متسلطة  على مقدرات الطبقات الكادحة باسم الدفاع عن هذه الطبقات والتي ثبت زيفها وغدت تحكم بدكتاتورية لامثيل لها  داخل الستار الحديدي  ثم اندحرت وتلاشت 0 فاليوم تروم فئات اخرى ان تروج للديمقراطية بالصورة التي تطمن مصالحها  ليتسنى لها الهيمنة على مقاليد الحكم والسيطرة على الشعوب 00 فلا وجود لهذه الديمقراطية اليوم حتى في اكثر دول العالم تقدما وتطورا وانما هناك القانون الذي يحكم تلك البلدان فالقانون هو الذي يجب ان يرفع ويكون شعارجميع الامم ومع ان بعض الجهات تحاول ان ترفع شعاره زيفا وبهتانا ولكنها ان لم تلتزم به فسوف يكتشف الشعب زيفها ويتخلى عنها وينقلب عليها فالحكومة الناجحة هي الحكومة القوية  التي ترفع شعار القانون وتطبقه وسوف تطبقه رغم انفها مهما حاولت ان تتحايل عليه او تتهرب منه لان الشعوب هي صاحبة السلطات جميعها وهي التي تعين الحكومات وتراقب اعمالها و سوف تحتكم للقانون في أي خلاف او نزاع ينشأ بينهما  اولا واخيرا 00 

  كتب بتأريخ :  السبت 28-08-2010     عدد القراء :  2023       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced