الشعر فن وصياغة وموسيقى
بقلم : المحامي يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

اشتهر العرب قديما بنظم الشعر وابدعوا به وكان لسوق عكاظ شهرته المعروفة باعتباره اكبر منتدى للتبارى بالقاء الشعر حيث كان يحضره فحول الشعر العربي ويقدموا فيه قصائدهم الرائعة ذات الكلام المقفى ذو الوزن الموسيقي البديع واللحن الطربي الرائع يشنف اذان المستمع اليه ويطربه بالوانه المتنوعة واهدافه المختلفة من المدح الى الهجاء و الى الغزل العاطفي الرقيق حيث ابدعوا في جميع هذه المجالات بشعر محبوك ومقفى ذو الشطر والعجز الذى انفرد به العرب دون غيرهم من الشعوب والامم فكانوا بحق وحقيق صناع الشعر ومبدعيه واستمر الشعر بهذا المستوى الرفيع حتى بعد ظهور الاسلام ومرورا بعهد الخلفاء الراشدين حيث برز فيه ليس فقط شعراء من الرجال بل برز في الشعر الكثير من نساء المسلمين كالخنساء وغيرها وكل اولئك الشعراء التزموا باوزان الشعر وقوافيه ولم ينزلقوا الى هذا الد رك الذى يسمونه اليوم بالشعر الحر وكان لذ لك الشعر دوره العظيم  في  شحذ الهمم واثارة المشاعر وكم هز هذا الشعر من عروش واطاح من كراسي بفضل الحماسة التى  ولدها في نفوس الجماهير الغاضبة  و الجيوش المقاتلة وكان احذ  عوامل انتصارها وكان للشعر في حياة الدولة الاموية نفس التا ثير الذى عرف به  قبل  الاسلام  وبنفس  المتانة  والحبكة واما في العصر العباسي فقد لعب دورا رائعا وعظيما في الغزل والمديح والهجاء دون ان يسف ويضعف  اويتخلى عن اوزانه  وقوافيه  وقد انتقل الى الاندلس  بجميع خصائصه الاصيلة وبرزت روائع من الشعر والموشحات  التي  التزمت بالوزن ولم تتخلى عنه حتى في بلاد الافرنجه  وقد قرأ نا  اروع القصائد لابن زيدون واخرين مع تلك المعاني والمقاصد  ولم يتاثروا  بشعراء  الغرب واشكال شعرهم التي لاتعدوا عن كلام  مجمع غير ملتزم بقانون او قافية 0وفي الاجمال فان الشعر في  جميع  تلك العهود  كان شعرا رائعا يطوف على اوزان من الموسيقى العذبة والشهية فلم تعرف كل تلك الدهور هذه الكلمات المسخ التى ظهرت علينا في عصرنا هذا واطلقت على نفسها الشعر الحر فالكلام الغير مقفى  لايمكن ان يكون شعرا حتى لو امتلا بالمعاني العميقة والمؤثرة  فقد يكون لوحة ادبية لابأ س بذلك لكن لايمكن ان يطلق عليه شعرا  وان د ل هذا على شيء فانما  يدل على عجز من يسمون انفسهم  شعراء هذا  الزمن  فلو استطاعوا  نظم  شعر مقفى  لما انجرفوا  الى هذا  المنحدر بكتابة  مثل  هذه  الدواوين التي  ملات اسواقنا في هذه الايام  للاسف  الشديد ومع كون هذه الكلمات غير مقفاة  فهي لاتشكل جملة  مفيدة فهي  كلمات  مبعثرة  هنا  وهناك لامعنى فيها ولانغم فصفة الشعر هو الوزن ومعيار الوزن هي القافية 00فان اردت ان اعتب  فلا اعتب على هولاء الذين اعلنوا انفسهم  شعراء  ولكن على  من يستمع اليهم ويصفق لهم وهم يستمعون الى طلاسم والغاز وكانك امام  لوحة من الكلمات المتقاطعة لاتعرف الاول من الاخر 000 لقد ظهر في اواسط القرن الماضي شعراء اجادوا وابدعوا وقدموا لنا قصائد غاية في الروعة واذا بهم يصابون بموجات هذا الوباء الذى عم البلاد ذلك السونامي الهائل بامواجه الغربية فتغربوا معه وتركوا اسلوبهم  الرائع الذى كانوا ينتهجونه واتجهوا الى هذا المنحى وهذا المنزلق الذى اسقطهم في مستنقع وحل الغرب وتجردوا من قافيتهم واخذوا يسردون الكلام سردا دون الالتفات الى الوزن واللحن والنغم 00 فعندما تستمع الى هذا البيت من الشعر ( ديوان شعرى ملئه غزل بين العذارى بات ينتقل )لا يمكنك ان تتصور ان هذا الشاعر هو نفس الشخص الذى قدم بعد ذلك تلك الجمل المفككه الركيكة من الكلام الخالي من الطعم والاحساس الذي يصل اذنيك بصوت مطرقة الحداد وليس كسحبة قوس الكمان كما كنا نسمعها فيما مضى فلقد اصيب هذا الشاعر وللاسف بهذا الوباء الغربي فخرب ذوقنا واحالنا الى جماد 000 لقد كان العرب في كل زمان ضحايا الافرنجة من الشرق ومن الغرب فهم تقدموا ونحن تراجعنا الى الوراء فقد فقد العرب هويتهم وهو شعرهم واستهانوا بلغتهم وقدرتهم على الكلام المحكم الموزون فهم لم يكونوا بحاجة الى سيبويه ذلك الغريب الذى دفعه عجزه عن التحدث بلغة العرب التى كانوا يتحدثون بها على السليقة ولم يكونوا  بحاجة الى هذه الفتحة والضمة والكسرة والفاعل والمفعول التى وضعها لنفسه كى يتمكن من مجاراة العرب في كلامهم ولغتهم الرائعة فوقع العرب في فخ ومصيدة  ذلك الافاق الاجنبي 00 فالعرب ليسوا بحاجة الى هذه او تلك فهم يعرفون كيف يتكلمون دون الحاجة الى من يرشدهم ويعلمهم لغتهم من الاجانب اللذين ابتلانا الله بهم في كل زمان ومكان وللاسف عندما تخلصنا من امواج الشرق جاءتنا امواج الغرب بهذه البدع التي سمتها شعرا فتهافت عليها العاجزون فقد رمى الغرب علينا عوقه في حبك الكلام شعرا فتشبث به من اراد ان يكون شاعرا اويريد ان يتفرنج فبدأ يصوغ الكلام والجمل ويطلق عليه شعرا ولم نلتفت الى ماوصل اليه الغرب في العلم والتكنلوجيا التي مكنته من تقديم هذه الصناعات المعقدة التى بهربها العالم بل اكتفينا بالسهل من الكلام فقد استحال عليه صياغة الشعر المقفى  بسبب عجز لغته من صياغة جمل موزونة ومقفاة كما تستطيع فعله لغتنا العظيمة الواسعة الفسيحة  فاعتقدنا  ان  ذلك  تطور في  الكلام ولم ندرك انه العجز في الغرب منعه من اتيان ما يجارى لغة العرب التى كرمها الله واعزها وجعلها  لغة القرأن  فالنعد الى  ماسار عليه اجدادنا في كتاباتهم ونظمهم لاشعارهم بتلك الاوزان الرائعة الرقيقة ولنترك هذا النمط الدخيل الذى سف بذوقنا وانزله الى الحظيظ 00 فتبا لاولئك الذين اطلقوا على انفسهم شعراء فكتبوا هذه الاسطر التي سموها شعرا حرا واليحاولوا ان يكتبوا الشعر الاصيل الموزون المقفى او يتركوا كتابة الشعر ويختاروا لانفسهم مجالا اخر في النثر اوغير ذلك فلغتنا واسعة وفيها ابواب عدة فاستمرارهم على  هذا النهج بكتابة هذا المسخ من الكلام اعتداء على الشعر والشعراء الفطاحل اللذين كتبوا لنا اروع القصائد المحبوكة الجمل والواضحة المعنى والتى تهز المشاعر بتاثيرها في النفوس واوزانها الموسيقية الرقيقة كهذا البيت

انا الذي نظر الاعمى الى ادبي        واسمعت كلماتي من به صمم

  كتب بتأريخ :  السبت 28-08-2010     عدد القراء :  2352       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced