الرمزية واسبابها
بقلم : المحامي يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

هي ان تتحدث عن شخص او كيان لاباسمه الصريح او بمركزه الاجتماعي او الوظيفي وانما تشير اليه بما يدل القاريء او المستمع اليه دون ان يتمكن من تتحدث عنه محاسبتك بما يمتلكه من سلطة  امام القانون وقد غدى هذا الاسلوب السمة البارزة في الحديث في الندوات او الكتابة بوسائل الاعلام او أي محفل اخر او قد يتجه الى هذا الاسلوب في ضروف معينه تمنع الكاتب او المتحدث من تقديم نتاجه وذلك لتفشي الخوف في نفوسه فلا يتمكن من كشف الحقائق او التحدث عنها بشكل صريح وكثيرا ما يعتمد هذا الاسلوب داخل الانظمة الاستبدادية التى يحضر فيها الحديث عن سلبياتها وظلمها بطريق مباشر فيقوم الكاتب بعرض كل صور واشكال ذلك الاستبداد على شكل قصة اورواية او التحدث عن انظمة اخرى يعرض فيها الصورة الحقيقية للنظام الذى يعيش فيه الكاتب نفسه ولا يقتصر الامر على الكتابة فقط بل يشمل جميع النشاطات الممكن عرض صور الاستبداد عن طريقها كالتمثيل مثلا او الرسم او الغناء فكلها وسائل جيدة لنشر صور الظلم الذى تمارسه تلك الانظمة التى يراد التحدث عنها 00كماان هناك دوافع قد لاتدخل ضمن ما بينناه من اغراض الرمزية فقد يكون الدافع انتهازى وهو المداهنة والتزلف للحاكم والسلطة الغاشمة فيقدم كلامه بطريقة تحتمل التاويل لصالح النظام وكذلك ضده او انها ضبابية المظهر  فيعتقد السامع بان الكاتب ينتقد السلطة بما يشير له من بواطن الكلمات او ما يقرا خلف السطور فاذا ما استجد له امر قربه من السلطة فيمكنه ان يفسر ماكتبه بانه لم يكن يقصد المساس بالنظام وانما قصد امرا اخر فيتملص وينسل بكل شطارة ودهاء وقد صبغت معظم الانتاجات الادبية او التمثيليات المسرحية بهذه الصبغة واستطاعت ان تستمر بكتاباتها وتصدر المئات من الكتب و العشرات من المسرحيات خلال الثلاثين سنة الماضية ولم يتعرضوا لاي مسائلة  ولكن على اية حال فلا يمكن ان تكون تلك الاصدارات مشوقة عند القارىء كماطغت على معظم المسرحيات ظواهر التهريج ولم نشاهد مسرحية بنفس النوع الذى كنا نشاهده من قبل الرواد الذين قدموا مسرحياتهم في الاربعينيات والخمسينيات من القرن الما ضي كما لم نقرا كتابا شد نا اليه كما كنا نقرا من كتب كانت تصدر في بعض الدول الاوربية اوحتى العربية مثلا في لبنان في الخمسينات من القرن الماضي ايضا  فقد كان معظم الكتاب ينشرون كتبهم في اسواق بيروت بكل حرية لايتورعون في نشر كل مايجول بخاطرهم بثقة تامة واطمانانهم بعدم المسائلة او الاعتراض من احد او الخوف من اعتقال او محاسبة فتقرا في تلك الكتب من المواضيع وماتكشفه من الحقائق ماقد يؤدى الى اعدام صاحبه لوحاول نشره في بلده مع انعدام من يتجرا من دور النشر ان وجدت على نشره بل ومن المفارقات ان يصدر نفس الكتاب في بلد ما بمواضيع صريحة تكشف الكثير من الحقائق نجدان هذا الكتاب قد صدر داخل بلد الكاتب محذوف منه العديد من تلك المواضيع المنشورة خارج بلده  كذلك كنا نشاهد المسرحيات الهزلية الفكاهية التي يراها المشاهد العادي مجرد تهريج وتسلية للاستمتاع وقضاء الوقت ولكنها قد تحوي بعض المشاهد المعبرة عن وضعا سلبيا اواجراءا ظالما تتخذه السلطة فمسرحية الزعيم مثلا التى مثلها على المسرح عادل الامام مليئة بالمشاهد التى تعبر عن الحكام المستبدين قدمها باسلوب رمزي رائع حيث لاقت نجاحا منقطع النظير ومع ذلك فقد اثارت حفيظة بعض الحكام الذين منعوا عرضها في بلدانهم 00فالرمزية تكون على درجات ايضا وبحسب الضروف فهي ليست على درجة من الوضوح والابهام بشكل  متساوي فكلما زاد الضغط والارهاب زاد ت درجة الابهام  واتجه المبدعون الى الرمزية الغامضة اكثر فاكثر وكلما استمتعوا بدرجة من الحرية كانت نتاجاتهم اكثر وضوحا واشد ابداعا فالرمزية تقلل من جودة المنتج مهما حاول المبدع ان يقدم شيئا جيد لكن القبود تحد من نشاطه ففي الحرية الابداع وفي القهر والاستبداد يغيب كل شيء فالفكرة لاتصل الامن خلال طريق معبد ومفتوح 00

والرمزية لايتعامل معها الجميع فهي تبقى محفوفة بالمخاطر مما دفعت العديد من الكتاب والفنانين من التوقف نها ئيا عن الانتاج حفاظا لكرامتهم وتوجسا من اجراءات السلطة وتعسفها وهناك العديد من الكتاب والمؤلفين من كتبوا العشرات من المؤلفات ولكن لم يسعفهم الحظ لنشرها خوفا من ملاحقة السلطة لهم  وقد لايكون الامتناع عن النشر ارهاب السلطة وتعسفها فقط فقد يكون هناك ارهابا لايقل عن ارهاب السلطة وهو الارهاب العقائدى  او الطائفي او الحزبي فلا يستطيع الكاتب ان يعبر عن وجهة نظره في فكرة او عقيدة يؤمن بها تتعارض وافكار او معتقدات شريحة اخرى او تعارضها او تختلف فيها00 فيتصدون لها ويحاربونها وقد تصل حد القتل فتلجأ الجماعات المعارضة اما الافصاح عنها بالاساليب الرمزية او يحجمون عن التحدث بها تماما او ينشرون ارائهم في بلد اخر اكثر حرية لايعارض نشرها كما تعترض  بعض دور النشر عن نشر مؤلف  قد تجده يسبب لها الاحراج او المسؤولية فتطلب من الكاتب تغيير بعض فقراتها فيلجا الكاتب الى التعبير عن نفس الفكرة باسلوب رمزى يقدم نفس مايريد طرحه ولكن بشكل مقبول سلطويا او اجتماعيا فمثلا  الكتابة في المواضيع الجنسية محذور في مجتمعاتنا المحافظة ويعتبرون التطرق اليها نوع من الفساد 0 فقد دفع الكثيرون البحث بهذه الامور بعبارات رمزية غير مباشرة ولكنها توصل الى المعنى والغرض الذى يقصده الكاتب فالرمزية صور واشكال متعددة لها مرونتها وبامكان المنتج الروائي او المسرحى ان يسلكها دون اثارة او ازعاج الاخرين  ولم تكن الرمزية من نتاج المعارضين من الناس فقط 0 فقد مارسها الكثير من الانتهازيين الذين قد موا  نتاجات تجارية ومن اجل المكاسب فسخروا الرمزية في الاداء تحاشيا من كشف نوازعهم وغاياتهم ولكن ليس امام السلطة  بل امام  المجتمع  والرا ي  العام  وتحاشيا  من  سخطه  وغضبه وهكذا غدت الرمزية ظاهرة اجتماعية لايكاد يوجد نشاط داخل اى مجتمع دون ممارستها00

  كتب بتأريخ :  الأحد 29-08-2010     عدد القراء :  2174       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced