منصير أوادم!!
بقلم : الكاتب التركي الساخر عزيز نسين
العودة الى صفحة المقالات

للكاتب التركي الساخر عزيز نسين
تعريب عادل حبه

تعالى صوت رجل نحيف وسط جمهرة متكدسة في عربة القطار، ليرغم الجميع على السكوت والإنصات.
- أخواني منصير أوادم!!
هكذا أخذ هذا الرجل النحيف يردد كلماته في زحمة عربة القطار. أبدى البعض تأييدهم له وأكدوا:"بالطبع..إن ما تقوله صحيح وكل الصحة، فنحن لا نستقيم"، وهزوا رؤوسهم تأييداً. ولكن  في خضم هذه الجلبة تقدم  أحد الركاب من بين هذه الجمهرة وأبدى اعتراضه على ما قاله الكهل قائلاً:
- ما هذا الهذيان، أنت تقيس الجميع على مقاسك! الحق مع من قال الكافر ينظر إلى الجميع بمقياس كفره، أرجو أن تسحب كلامك.
كنت في ذلك الوقت شاباً بلغت الخامسة والعشرين من عمري، وأبديت تأييدي لكلمات الرجل الأخير وأخذني الحماس وارتفع ضغط الدم عندي وأعلنت معترضاً:
- الحياء صفة جيدة لأبناء آدم
ولكن الرجل الكهل عاد وصرخ وقد أحمر وجهه جراء نرفزته وارتعش بدنه وقال:
- منصير أوادم!
صدّق المسافرون كلام الرجل الكهل وهزّوا رؤوسهم دعماً له.
تدفق الدم في رأسي. وصرخت بعصبية منفلتة وقلت:
- يا رجل ..يا مهرّج يا تافه! هل خرج مخك من جمجمتك وأخذ إجازة. أريد أن أعرف لماذا لا يمكن أن نصبح أوادم...استغرب المسافرون من كلامي والتزموا الصمت. ولكنهم وبعد برهة هاجموني معترضين على ما قلته.
كان لتعاطف المسافرين مع الكهل أثراً في التخفيف من غلوائه، وعلى أثرها اقترب الرجل مني وبادرني بالقول:
- أنظر يا بني، أتفهم ....نحن جميعاً "منصير أوادم"!.
ثم عاد وصرخ بأعلى صوته قائلاً :
- يمكن القول وبجرأة إننا وحتى آخر أيام عمرنا "منصير أوادم"!.
عندها قلت له:
- من دون إكراه، أننا سنصبح أوادم.
عندها علت الابتسامة على محيا الرجل وقال:
- نعم سنصبح أوادم، ولكننا الآن لسنا أوادم، أليس كذلك؟
لم أرفع صوتي بوجهه، ولكن منذ ذلك اليوم وإلى الآن وبعد سنوات أطرح نفس السؤال على نفسي: لماذا "منصير أوادم"؟.
كان ذهابي إلى السجن في السنوات الأخيرة بمثابة فرصة ثمينة حلت لي المعمعة والإشكالية التي رافقتني كل هذه السنوات، وأزالت الستار عن هذا السر. ففي مخدع السجناء السياسيين في بلادنا والذي يضم بين جدرانه 50 سجيناً، حُشرت وتعرفت على شخصيات بارزة من ذوي المناصب الهامة وشخصيات مشهورة ومعروفة من حكام ورؤساء دوائر الدولة وقضاة معزولين ورجال سياسة في الوزارات السابقة وموظفين كبار ومهندسين وأطباء. وكانت الغالبية من هؤلاء قد تخرجت من الجامعات الأوربية والأمريكية. لقد تعرف هؤلاء السجناء عن كثب على غالبية الدول المتمدنة والدول المتقدمة والدول النامية وحتى المتخلفة. وكان كل واحد منهم يتحدث بأكثر من لغة أجنبية. وكانت تنظم حلقات البحث والانتقاد. وعلى الرغم من التفاوت الفكري بيني وبينهم إلاّ أنني تعلمت الكثير منهم. وكان أكثر أهمية من كل ذلك هو إنني اكتشفت سرّي القديم أثناء زيارة العوائل للسجناء. ففي تلك الزيارات لا يجلب الأهل أي خبر مفرح لي. فلم يسددوا إيجار البيت، ولم يوفوا ديون البقال في رأس الزقاق. وهكذا كانت تتراكم يوماً بعد يوم الأخبار غير المفرحة والمثيرة للكسل. ولم أعرف الطريق لحل هذه العقد. كنت في حيرة من أمري بعد أن سدت جميع الطرق بوجهي. تحدثت مع نفسي.. لماذا لا أكتب القصص!!، فعسى أن تشتريها بعض المجلات. وهكذا قررت أن أتناول الورق والقلم، ورحت أكتب وأنا ممدد على فراش السجن. كنت غير ميّال في أن أقضي وقتي بالثرثرة، أو أهدر الوقت بالهذيان. وما أن كتبت بضعة سطور حتى نبع أحد النزلاء وجلس على السرير، وكان أول ما أعلنه:
- منصير أوادم....منصير أوادم   
واستناداً إلى تجربتي، ولأنني كنت أريد كتابة قصة، فلم أسأله عن السبب. ولكن كما يبدو وكأنه كان مكلفاً بتقديم توضيح لذلك وقال:
- عليك أن تدقق، هل تعرف لماذا "منصير أوادم"؟
وبعدها وبدون أن ينتظر أن أطرح عليه أي سؤال شرع بالقول:
- أنني من خريجي سويسرا، وعملت ست سنوات بعمل شاق في بلجيكا.
وهكذا شرع زميلي السجني بالحديث عن مغامرات وحوادث الدراسة في سويسرا وبلجيكا بشكل مفصل. كنت قلقاً، ولكن  لم يكن أمامي أي مفر ولم أستطع أن أتلفظ  بأية كلمة.... وكنت أشغل نفسي وأسليها بالأوراق. وضعت القلم على الورق، وحاولت أن أفهمه بأن لدي عمل طارئ وآني كي يختصر حديثه ببضع كلمات وأتحرر من شرّه. ولكنه لم يبد أي اهتمام بذلك، ولم ينفض يديه عني  واستمر في ثرثرته وأشار:
- في تلك الديار لا ترى شخص إلاّ وفي يده كتاب يفتحه في أية لحظة من لحظات فراغه. وترى الناس يقرأون الكتب في الحافلات وعربات القطار وفي كل مكان. والآن  ماذا تتوقع منهم أن يعملوا في بيوتهم! لو عرفت لانتصب شعر رأسك..كل شخص وتبعاً لمعلوماته يحمل كتاباً تحت أبطه ويقرأه، وفي الحقيقة أنهم بشر يبتعدون عن الثرثرة والهذار.
قلت:
- شىء ممتاز وفوق العادة
ثم أوضح:
- إنها طبيعتهم، انظر إلى الشعب لتجد عالماً متكاملاً، فلا تجد أي شخص بدون كتاب يقرأه؟ يا سيدي أحنا منصير أوادم.
- قلت:
- كلامك صحيح وكل الصحة.
وما أن تلفظت بكلمة صحيح حتى ثارت ثائرته وتوترت أعصابه، ثم عاد وتحدث عن قراءة الكتب عند البلجيك والسويسريين. وقال وهو يهم بالقيام وقد اقترب موعد تناول الطعام:
- الآن هل فهمت لماذا أحنا منصير أوادم.
- قلت: نعم.
- وراح هذا الرجل المنتقد يهدر نصف يوم ليلقي علي محاضرة حول أسلوب قراءة الكتاب عند السويسريين والبلجيك. تناولنا الغذاء بسرعة وعدنا إلى مكاننا، وعاد الرجل من جديد ليكرر نفس الحكاية. وما أن تناولت قلمي والأوراق كي أبدأ بكتابة القصة حتى داهمني نزيل آخر وجلس على سريري وسأل:
- بأي شىء أنت مشغول؟
- أردت أن أكتب قصة.
- هيههه بابا...لا يمكن هنا كتابة قصة، ففي ظل هذه الفوضى وهذا الضجيج لا يمكن كتابة شىء. ألا تسمع هذا الضجيج...هل ذهبت إلى أوربا؟
- كلا، لم تطأ قدمي أرضاً خارج تركيا.
- آه آه آه يا مسكين، أتمنى لك أن تلقي نظرة على أوربا، زيارتها ضرورية ومن باب الواجبات، حياتهم تختلف عن حياتنا، ولديهم أخلاق خاصة بهم. لقد زرت جميع بقاع أوربا ولم يبق أي بلد من هذه البلدان لم أقوم بزيارته...زرت الدانمارك وهولندا وسويسرا. لاحظ الحالة هناك، فالفرد ينظر نظرة احترام إلى الجميع، ولا ينتهك راحة الآخرين. أنظر إلى حالنا، ما هذا الضجيج...، ربما تريد الاسترخاء والنوم أو تكتب شيئاً ما، أو تقرأ أحد الكتب، أو أنك مشغول بأي عمل آخر...إلاّ أنك لا تستطيع كتابة قصة ..إنهم يسلبون حرية الإنسان وراحته.
عندها استدركت وأشرت له:
- إنني قادر على كتابة شيء حتى في ظل هذا الضجيج، ولكن  شخصاً واحداً يكفي لتبديد كل راحتي.
ولكنه أردف قائلاً:
- عزيزي..لا يمكن كتابة شيء في ظل هذه الفوضى، أليس من الأفضل أن يتوقف هذا الضجيج، من له الحق في حرمانك من راحتك، وأن تتحدث بهدوء. أقسم بالله أنه من سابع المستحيلات مشاهدة مثل هذه الحالة في الدانمارك وسويسرا وهولندا. فشعوب هذه البلدان تعيش بكامل حريتها وبسعادة، ولا يعكر صفو حياتهم أي شخص. ويعود السبب في ذلك إلى أن هؤلاء الناس يحترمون بعضهم البعض، في حين في بلادنا الخربة يفتقد الناس التربية ولا يعتبر بعضهم الآخر من جنس البشر. ولكننا لا نستطيع عمل شيء.
كان ينفث كلماته، وكنت مطأطأ الرأس ومحدقاً في الورقة ولكنني لم أكتب كلمة واحدة. تظاهرت وكأنني منغمر في الكتابة، ولكنه بادر إلى القول:
- لا تتعب نفسك بلا نتيجة، لا تستطيع الكتابة، امسح كل ما سطرّته...أوربا مكان آخر...الأوربيون هم بشر بكل معنى الكلمة، الناس تحب وتحترم بعضها. ولكن كيف هو الحال عندنا... لهذا السبب منصير أوادم، منصير أوادم....
ما أن رحت أحاول الرد عليه حتى ناداه أحدهم لأتخلص من شرّه. وما أن غادرني حتى حدثت نفسي قائلاً:
- أتضرع إلى الله أن لا يعود مرة أخرى، وطأطأت رأسي بأمل أن أكتب شيئاً، ولكن ما أن دونت بضعة سطور حتى نزل علي سجين آخر وقال:
- كيف الحال؟
- تعيش..لا بأس
جلس على السرير وقال:
- عزيزي نحن محرومون من لطفك!!
تجاهلته كي لا أفتح الحديث معه، فلم أكن في مزاج يسمح لي بالتعرف عليه ولا بالاستماع إلى أسئلته.
إلاّ أنه بادرني بالسؤال:
- هل سافرت إلى أمريكا؟
أجبته:
- كلا!
- مسكين ...لو مكثت عدة أشهر في أمريكا لفهمت سر تخلف بلادنا الخربة والبائسة. يا سيدي ..... في أمريكا لا يضيّع الناس أوقاتهم هدراً، فلا يثرثرون ولا يسهبون في الحديث، ويعتبرون أن الوقت من ذهب "Time is money ". هناك مقولة معروفة تؤكد إن الأمريكي لا يتحدث مع الآخرين إلا عندما يستوجب العمل ذلك، والأهم من كل هذا وذاك فإنهم لا يتحدثون إلاّ بكلمات معدودات وباختصار، كل فرد مشغول بعمله ....فهل نحن على هذه الشاكلة؟ لاحظ الأمور عندنا... فنحن نغرق في الثرثرة والهذر لأشهر مديدة دون أن ننجز عملاً ذي فائدة. فالعطار لا يبيع علباً مملوءة بالكلام. ولهذا السبب تقدمت أمريكا هذا التقدم المذهل، فهذا هو سبب تقدمها.
لم أعلّق على كلامه. وسرحت في التفكير ..... إن هذا الرجل الذي تحدث بإسهاب عن الصفات الأمريكية الحميدة وعن تمنع الأمريكان من الحديث المزخرف وعن عدم إزعاجهم للآخرين، لا يدرك إنني مشغول وعليه أن يحلّ عني. ولكنه مازال مصراً على البقاء.
تأففت، ولكنه لم يفهم المراد.
حان وقت العشاء، وأراد الرجل أن يرحل وقال:
- عزيزي "ميصير ألنه چاره "، مادمنا متمسكين بالهذر والثرثرة وقضاء وقتنا بدون ثمرة.
قلت:
- عين الصواب.
أسرعت في تناول العشاء وشرعت بعدئذ بالكتابة.
- لا تتعب نفسك. فكل جهدك لا يؤدي إلى نتيجة.
صدر هذا الصوت من فوق رأسي، وما أن رفعته حتى خيّم علي نزيل آخر من نزلاء السجن الذي سرعان ما جلس على حافة السرير وقال:
- رفيق ماذا تعمل؟
أجبته:
- لا شيء
وكان جواب كلمة واحدة مني مقدمة لسيل من الكلمات صادرة عنه.
- لقد قضيت كل عمري تقريباً في ألمانيا.
خنقتني العبرة، ولم يبق إلاّ القليل كي أصرخ بأعلى صوتي من شدة النرفزة، فهذه المقدمة لها مؤخرة وتبين إن لها مؤخرة إذ استمر في كلامه وقال:
- أكملت الجامعة في ألمانيا، وحتى إنني أكملت دراستي المتوسطة هناك. وعملت هناك لعدة سنوات. إنك لا تعثر في ألمانيا على شخص بدون عمل، هل نحن كذلك؟ أنظر إلى حالنا على سبيل المثال...لا. ..لا منصير أوادم، فنحن بعيدون عن الإنسانية.
أدركت إنني مهما حاولت فسوف لا أستطيع أن أكتب القصة، فمن العبث أن أبذل الجهد وأضغط على نفسي. رميت الورق والقلم على الأرض بانتظار أن يخلد السجناء إلى النوم عسى أن تتوفر الفرصة للشروع في الكتابة.
ولكن خريج ألمانيا استمر في التعريف بألمانيا.
- في ألمانيا البطالة عيب. فأي كان هذا الشخص فلابد له أن يعثر على عمل في ألمانيا. وإذا ما صادف وجود عاطل عن العمل فأنهم يخلقون له مكان للعمل، والجميع يشتغلون. في خلال الأشهر الأخيرة وعلى سبيل المثال هل عثرت على من هو غير عاطل عن العمل عندنا؟ أنت نفسك وفي السجن هل أنجزت عملاً ما؟ الألمان ليسوا على هذه الشاكلة، فهم يكتبون مذكراتهم، ويكتبون عن الأوضاع في بلادهم، ويقرأون الكتب. خلاصة القول فهم لا يبقون عاطلين عن العمل. ولكن أين نحن من كل هذا؟ كلا، كل ما أقوله هو عين الهذيان..منصير أوادم.
كنت مطمئناً أنه لم يعد هناك من يعقد كونفرنس حول "منصير أوادم". فعندما تخلصت من شرّه كان الليل قد انتصف، وشرعت بالكتابة بأمل كتابة القصة، ولكن داهمني طارىء آخر. فهذا السيد عاش في فرنسا لسنوات. وما أن قابلني حتى خاض بدون تردد في الحديث وقال:
- الجميع نيام..لا توقظهم..ولا تقلقهم.
تحدث بهمس وقال:
- كن حذراً.
كان متمسك بمبادىء الأدب حيث تعلم هذه التربية من الفرنسيين، وأردف قائلاً:
- الفرنسيون شعب متمسك بمبادىء الأدب ويتمتعون بشخصية قوية، فلا يزاحمهم أحد أثناء العمل.
قلت مع نفسي:
- الله يجعلها خير، يجب علي الليلة ومن منتصفها العمل حتى الصباح كي أنجز القصة.
ثم استطرد السيد القادم من فرنسا:
- الآن خذ قسطك من النوم كي تفكر غداً بإبداع، فالفرنسيون يعملون على الأكثر في الصباح. ونحن لا نعرف حتى متى نقوم بإنجاز عملنا، ولهذا بقينا متخلفين، ولنفس السبب "منصير أوادم.... .. منصير أوادم".
عندما تركني السيد ذو المزاج الفرنسي لم يبق أي رمق في عروقي، فقد تسمرت عيناي ورحت أغط في سبات عميق.
وفي الصباح الباكر وقبل أن يستيقظ النزلاء من النوم، استيقظت وانشغلت في كتابة القصة. اقترب أحدهم مني وهو في طريق عودته من المراحيض وحتى قبل أن ينشف وجهه من الماء الذي كان يقطر منه وقال:
- أتدري أن الإنجليز أناس في منتهى الغرابة. فعندما تركب القطار المتجه من لندن إلى أية مدينة إنجليزية أخرى، فإن المسافرين الذين يشاركونك في نفس المقطورة لا يتفوهون بأية كلمة يتحدثون بها معك. نحن لا نفهم ذلك، فلم يعد لدينا أدب ولا رسوم ولا رقّة ولا تربية ... وملخص القول فإننا محرومون من كل شىء. أليس كذلك أم لا ؟ وإلا لماذا يقلقون راحتك هنا؟ نحن نزعج أنفسنا والأجانب، فلا نفكر في هذا العبد لله إن كان مشغولاً أو لديه مشكلة. كلا نحن لا نفهم ذلك ونشرع بالثرثرة والهذر ......نحن لسنا من صنف البشر ...ومنصير أوادم ...وسوف لا نصير أوادم.
يبدو أن كل من يقترب مني تنتابه حالة من العصبية والنرفزة ويظل يردد:
- منصير أوادم!!
وفي الحال رفعت يداي وصرخت بأعلى صوتي:
- أيها السادة لقد عرفت سبب ذلك، وهذا كل ما جنيته من سجني الأخير.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 22-04-2009     عدد القراء :  2566       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced