نتنياهو:السلام خيار صعب..!
بقلم : باقر الفضلي
العودة الى صفحة المقالات

قد يقنع السيد نتنياهو نفسه بأن إطلاق التصريحات وحده كافياً لإقناع الآخرين، ويكفي ذلك فقط، لو تضمنت تلك التصريحات، شيئاً من الوعود المضمخة ببعض عطور الأمل المشبوب بمعسول الكلام؛ وقد يتراءى له بأن أصحاب الحق الذين صبروا على إسترداده  كل هذا الوقت الطويل، جاهزين الآن، وفق تصورات  "الفرصة السانحة" التي لا تُفَوت بالنسبة للسيد نتنياهو، أن تفت في عضدهم أمثال تلك التصريحات، ليتهافتوا شيباً وشباناً ملبين إرادة السيد نتنياهو في التواصل مع المفاوضات المباشرة، مصدقين وعوده فيما يسوقه من تطمينات حول مشاريع الإستيطان، وإن "البناء الجديد في المستوطنات قد يكون على نطاق محدود"، على حد قول الناطق الإسرائيلي اليوم الجمعة 24/9، أو كما يتمثل [[مكتب نتنياهو عن رئيس الوزراء قوله في بيان ان استمرار البناء الاستيطاني لم يعرقل جولات سابقة من المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين تعود الى عام 1993]]..!(*)
  قد يدرك أو لا يدرك السيد نتنياهو، بأن الوعود مهما إزدادت حلاوتها، وإستلطفت كلماتها، فإنها تظل من حيث الواقع الملموس، مجرد وعود تدور في فلك المناورة، خاصة إذا كانت صادرة من محترف للسياسة، وفي قضية مصيرية تدور بين الحرب والسلام، وبين الحق وإنكاره، وبين الحرية والإحتلال، وبين الكرامة والإذعان؛ وعود يطلقها من بيده أمور الحل والشد، فإن لم تجد لها ما يترجمها على صعيد الواقع الحي، عملاً ملموساً يقف شاهداً على مصداقيتها وحسن نوايا قائلها، فإنها تظل مجرد وعود تتناقلها وسائل الإعلام ويصفق لها المؤيدون من الشلة الحاكمة والمساندة لسياسة الإستيطان التي يقودها وينفذها السيد نتنياهو من خلال حكومته اليمينية الحالية..!؟
ولا نريد هنا أن نذكر السيد نتنياهو، بأن الدخول في مفاوضات بهذه الأهمية، التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية، ويدعمها المجتمع الدولي ويساندها المجتمع العربي؛ مفاوضات بهذه الجدية والمسؤولية، لا يمكن أن تخضع الى مجرد مناورات، واضحة مراميها وإغراضها سلفا، ومن غير المنطقي الركون اليها، خاصة وأن المفاوض الفلسطيني والسلطة الفلسطينية كانت من الوضوح في موقفها بالنسبة لمسألة الإستيطان بما لا غبار عليه، وبما لا يقبل التأويل والتفسير، فأي تواصل إستيطاني، وإن إختلفت الأسماء والأشكال، أو إتسع النطاق أو تحدد، فإنه يظل في جميع الأحوال إستيطان مرفوض، ولا يعبر إلا عن حالة الهيمنة والإحتلال، ويبقى في جميع الأحوال العائق الرئيس أمام إستمرارية المفاوضات، وهذا ما أعلنته السلطة الفلسطينية قبل البدء بالمفاوضات وإثنائها، وهو يمثل بمثابة الخط الأحمر الذي يحدد إرادتها في السير قدماً بتلك المفاوضات، فليس هناك من جديد في موقف السلطة الفلسطينية من الإستيطان ، وهذا يبدو في غاية الوضوح حتى اللحظة، طبقاً لتصريحات الرئيس محمود عباس الأخيرة..!
فحين يكون خيار السلام الذي تقبله السيد نتنياهو وتبناه علناً وجاهر به بإعتباره الخيار الوحيد الذي يسمح بإقامة الدولتين الجارتين والممكن لهما أن تعيشا بسلام  وإطمئنان من خلاله، خدمة لمصلحة الجيل الحالي والأجيال القادمة، والذي تبنته الشرعية الفلسطينية بإعتباره الخيار السليم والصحيح الآن، مستجيبة لمبادرة الرئيس الأمريكي ودعوة الرباعية الدولية، وبتعضيد من قبل الدول العربية؛ إن مثل هذا الخيار ليس سهلاً إختراقه بمجرد وعود عن تسويات لا تمت بصلة لجوهر قضية الإستيطان، بل إن مثل تلك التسويات المبتسرة، لا تتحرك إلا بالإتجاه الذي يرضي الأطراف المشاركة مع السيد نتنياهو في الحكومة اليمينية وممن  يدعمون الإستيطان داخل الأراضي الفلسطينية، وبالتالي فإن رفض الحكومة الإسرائيلية تمديد قرار التجميد للبناء في المستوطنات، وطرح حلول وتسويات من هذا القبيل، لا بد وإن يقابله رفض من قبل السلطة الفلسطينية في الإستمرار في المفاوضات، إذا ما عاودت الحكومة الإسرائيلية  لمباشرة أعمال البناء بعد إنتهاء وقت التجميد، وهو أمر لن تجهله الحكومة الإسرائيلية ولا حتى الأمريكية ولا الرباعية الدولية وسائر مكونات المجتمع الدولي،  بأي حال من الأحوال..!
ومع ذلك سيظل خيار السلام من أصعب الخيارات التي ستواجه حكومة السيد نتنياهو الآن ومستقبلاً ، طالما ظلت حكومة اليمين الإسرائيلي في موقفها الإزدواجي، تتمايل ذات اليمين وذات الشمال؛ بين التصريحات التطمينية من جهة، وبين الأفعال االمعاكسة على صعيد الواقع، وطالما ظل مشروعها للإستيطان داخل اراضي الدولة الفلسطينية، خيارها الاول في الوصول لأي تسوية ممكنة مع السلطة الفلسطينية. فالجنوح للسلم يحتاج الى إرادة تصميمية خالصة، بعيدة عن كل ما يشوبها من المماطلة وزهق حقوق الآخرين، تحت واجهات من المغالطة وإلإستغفال والإنكار، ناهيك عن إزالة كل المعوقات التي تقف في وجه التقدم بالمفاوضات وفي مقدمتها وقف وإزالة الإستيطان لتعارضه قطعياً مع موجبات ومستلزمات نجاح حل الدولتين..!
إن هذا وحده كاف لتحميل الحكومة الإسرائيلية تبعات الفشل الذي قد يلاحق مسيرة المفاوضات المباشرة، حيث لا تجدي معه، وفق المنطق والعرف السياسيين، وطبقاً لقرارات الشرعية الدولية حول رفض الإستيطان، أية تبريرات تحاول الحكومة الإسرائيلية سوقها من خلال التصريحات والدعاية الإعلامية وكأنها الحمل الوديع، ومحاولة رمي الكرة في الملعب الفلسطيني، وتحميل السلطة الفلسطينية، تبعات ما قد يسفر عنه من فشل محتمل للمفاوضات الحالية،..!!؟
أما الإهابات والإشادات التي يطلقها المجتمع الدولي بضرورة مواصلة الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني، الإستمرار بالمفاوضات، وآخرها مناشدة الرئيس الأمريكي أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فلا نرى أنها ستجد من صدى مؤثر على سير المفاوضات، إن لم ترافقها الضغوط السياسية والدبلوماسية من قبل المجتمع الدولي على حكومة السيد نتنياهو بالذات، وتحميلها مسؤولية أي تفريط بإضاعة فرصة السلام، وإنتقاد موقفها المتعنت في رفضها التمديد لقرار تجميد البناء في المستوطنات، إذ ليست هناك ثمة شائبة في موقف الجانب الفلسطيني من هذه المفاوضات منذ بدايتها، في وقت إنهالت فيه عليه، شروط السيد نتنياهو تباعا؛ بدءً من شرط الإعتراف بيهودية دولة إسرائيل وإنتهاءً بمواصلة البناء في المستوطنات، وهذا ما تناولناه في مقالات سابقة..!

  كتب بتأريخ :  السبت 25-09-2010     عدد القراء :  2167       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced