العراق: المشهد السياسي في مراحله ما قبل الأخيرة..!
بقلم : باقر الفضلي
العودة الى صفحة المقالات

لا أظننا في الحديث نبتعد كثيراً عن المسار الذي تسلكه القوى المتصارعة على السلطة في العراق، إذا ما أشرنا الى التاكتيك الذي سارت فيه تلك القوى،  والذي أتينا عليه في آخر مقالة لنا بعنوان: (العراق: الصمود المتواصل في المواقف..)(1) ، ذلك التكتيك الذي إنتهى اليوم ليستكمل خطوته الثالثة وما قبل الأخيرة، لتثبيت وتأكيد ما أشرنا اليه فيما سبق من مقالات أخرى سابقة، حول الخروج في النهاية بصفة "الكتلة الأكبر"، وبالتالي تكليف مرشحها في البرلمان، بتأليف الوزارة الجديدة بإعتباره  الرئيس الجديد  لمجلس الوزراء..!
فبعد تشكيل كتلة (التحالف الوطني) من شقيها دولة القانون والإئتلاف الوطني بقيادة السيد الحكيم، تمكنت كتلة دولة القانون في 1/10/2010، من تمرير مرشحها السيد نوري المالكي من خلال عملية توافق بينها وبين كتلة الصدريين بإعتباره مرشحاً للتحالف الوطني، رغم عدم حضور العناصر المهمة من الطرف الثاني في (التحالف الوطني) وفي مقدمتهم المجلس الأعلى الذي يقوده السيد عمار الحكيم، وحزب الفضيلة، ومرشح الإئتلاف الوطني السيد عادل عبد المهدي، والإعلان في مؤتمر صحفي عن هذا الترشيح رغم غياب الأطراف المذكورة، وتحفظها الذي أبدته على آلية الترشيح،  ومع ذلك فأنه ما زال أمام هذا الترشيح، الكثير من الصعوبات والمعوقات الجدية..!
كل هذا يبدو على الصعيد الظاهري، وكأنه نتيجة منطقية لطبيعة التوازنات القائمة بين الكتل السياسية، ولكن الأمر على المستوى السياسي، له من الأبعاد والمؤثرات والإمتدادات ما يذهب بعيداً عن ظاهر الحال؛ فأزمة تشكيل الحكومة الجديدة وكما إشرت في مقالة سابقة : هو تعبير عن صراع حقيقي بين مواقف تعكس أجندات مختلفة متغايرة، لها دوافعها وأهدافها الخاصة، التي تصب جميعها في هدف مشترك واحد لا يذهب بعيداً عن التمسك بالسلطة من خلال منصب رئاسة الوزراء بصلاحياته المركزة، وهو أمر لم ينكره أحد، وبالتالي الهيمنة على كامل زمام الدولة وبناء مؤسساتها طبقاً لمنظور هذه الجهة أو تلك، وما عليه أهدافها القريبة والبعيدة في بناء الدولة، وقد لا تكون هناك ولمدى بعيد، من صلة لما يسمى عادة ب "خيار الديمقراطية"..!؟(2) 
فالإستقطاب الذي أخذ يتبلور على سبيل المثال، في تكتلات ((الطائفة الواحدة))، والذي كان من أحدى نتائجه، هذا التقارب غير المتوقع بين كتلة دولة القانون، وبين الكتلة الصدرية، الذي إنتهى بإعلانهما ترشيح السيد نوري المالكي كمرشح للتحالف الوطني،  رغم شقة الخلافات الواسعة بينهما وردود الفعل الشديدة التي كان يبديها التيار الصدري من هذا الترشيح،  يأتي عاكساً لحالة التأثيرات الخارجية والتدخل والضغط الذي تتعرض له الكتل السياسية العراقية، من جهات خارجية لم تعد مخفية على النطاق المحلي والإقليمي والدولي..!
فما أعلنه السيد مقتدى الصدر رئيس التيار الصدري، عن طبيعة الضغوط التي تعرضت لها قيادة التيار، وما عبر عنه بقوله أن "السياسة لا قلب لها"،  له دلالاته الواضحة في هذا الشأن، وإرتباطاً بهذا، ما دفعه الى تغيير مواقفه السابقة من ترشيح السيد المالكي، الأمر نفسه الذي دفع كتلة دولة القانون، أن تفتح الطريق أمام التيار الصدري المعروف بتطرفه، الى التقارب معها بعد تقديم التنازلات المطلوبة، والتي في جملتها وطبقاً لما يشاع في الإعلام، تتعلق بالمناصب الحكومية وإطلاق سراح المعتقلين من أنصار التيار ولا علاقة لها بالمصلحة العامة..!
المهم من كل ما تقدم، أنه في حقيقته يعبر، عن حالة الصراع بين الكتل السياسية ومنها الكتل المتنفذة في السلطة وخاصة كتل "الطائفة الواحدة"،  وما يوضحه من طبيعة حرب التكتيكات الجارية فيما بينها؛  فبعد عملية ترشيح السيد نوري المالكي، تعرضت الآن، ما تسمى ب "الكتلة الأكبر" المتمثلة ب"التحالف الوطني"، الى شرخ كبير في مكوناتها المؤسسة، والى إهتزاز في روابط تلاحمها؛ لتتخذ تلك "الكتلة الأكبر"، طابعاً هلامياً غير واضح المعالم، من حيث العدد وطبيعة ماهية المكونات، لما يميزها من مصالح متباينة، وإفتقار لبرنامج موحد وواضح المعالم، ومع ذلك، فإن هذا الترشيح لم يحض بالإجماع المنشود على صعيد "التحالف الوطني" نفسه، وهو الممثل الشكلي ل"للطائفة الواحدة"..!
فالذي وَحَّدَ أطراف "الكتلة الأكبر"، إضافة الى رابط "الطائفة الواحدة"،  هو هدف السعي الى السلطة من جهة، وقوة الضغوط الخارجية، المقترنة بالتحذير من [[ "حدوث تداعيات أمنية وتنفيذية على الساحة العراقية في حال تأخر تشكيل الحكومة".]](3) من جهة أخرى، وبالتالي فإنه من السابق لأوانه، القول والتنبؤ بإمكانية تشكيل حكومة "الشراكة الوطنية" التي تدعو لها جميع هذه الأطراف، خلال وقت منظور للمراقب، طالما ظلت أسباب الصراع قائمة على مستوياتها المختلفة؛  فإن تمكنت، وعلى سبيل الإفتراض، قوى الضغط المختلفة، والمتمثل بعضها ب"التوافق الأمريكي _ الإيراني" من تسويتها جزئياً، ونسبياً على مستوى "الطائفة الواحدة"، وهذا قد أخذ من الوقت ما جاوز السبعة أشهر، فليس من اليسير الوصول الى الهدف النهائي مع التكتلات السياسية الأخرى على إختلاف تكويناتها في فترة وجيزة، لما يلزمه الأمر، من تعهدات وشروط، ومن تدخلات وتنازلات ومساومات أوسع وأعمق في إمتداداتها وتأثيراتها الداخلية والخارجية..!
هذا في الوقت الذي إنتهت اليه إجتماعات "التحالف الوطني" ممثل "الطائفة الواحدة" بترشيح السيد المالكي، فأنها والى حد ما،  قد حركت بعضاً من حلحلة شكلية لجمود المشهد السياسي،  وكثفته إستقطاباً أكثر مما كان عليه، ولكنها ورغم ذلك، لم تبشر بمتغيرات ملحوظة، على صعيد المشروع الوطني وبناء الدولة المدنية الديمقراطية، طالما ظل فيه المشهد المذكور، غارقاً في أجواء التكتيكات السياسية الحالية، والتدخلات والضغوط الأجنبية، وهيمنة الطائفية السياسية..!؟
وعلى الضد من ذلك، فما زال المواطن العراقي يعد الإيام، بإنتظار "اليوم الموعود" الذي تتحمل فيه الكتل الفائزة مسؤوليتها وتتمكن من خرق شرنقة الجمود السياسي والفراغ الدستوري، وتخرج حكومتها المنتظرة الى الفضاء الطلق..!

  كتب بتأريخ :  الأحد 03-10-2010     عدد القراء :  1956       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced