مِن أين لك هذا ؟ بقلم : تحسين المنذري العودة الى صفحة المقالات هذا السؤال التقليدي والذي غالبا ما يتبادر الى الذهن إن توجيهه يـُقصد به مسائلة ذوي الدخول المنتفخة فجأة ، أو ممن أغتنوا على حساب المال العام ، أو من سرقة بنك وما شابه ، وسواءا كان السائل على بينة من مصدر تلك الاموال أم لا، فإن الغاية منه تبقى معرفة الحقيقة . لكني أود اليوم توجيه ليس للمفسدين وهم كـُثر وليس للمغتنين في ليلة وضحاها وليس لسراق أموال الشعب ، بل لشريحة هم أشد خطورة من كل هؤلاء ذلكم هم سـُراق عقول الناس ، وبالمختصر فإن هناك ترويجا كبيرا لفتاوي يختلط فيها الديني مع العلمي ، في محاولة لإقناع الناس بصحة توجهات مايبتغي مروجي بعض المفاهيم التي لم تعد مقنعة لأحد ، فيضطر المستفيدون من ترسيخ هذه المفاهيم الى اللجوء لتبريرات يتصوروها علمية دون دليل أو دعم أو إستناد الى أي مصدر معروف ، فهناك اليوم الكثير من المفاهيم ـ الفتاوي التي لا يستطيع المرء هضمها بل حتى تقبلها وفيما يلي بعض يسير منها : * كثرة حلاقة اللحية تؤدي الى كثرة أمراض الاسنان عند الرجال فقط ، والهدف من هذه الفتوى تكريس مفهوم إبقاء اللحى * تنظيف ماحول العينين والوجنتين من الشعر الطارئ الذي يظهر فيها يؤدي الى الاصابة بأمراض العيون وقد تصل حد العمى عند الرجال فقط * ملامسة الخواتم والحلي الذهبية لبشرة الرجل تؤدي الى تحطم كريات الدم الحمراء في حين إنها تؤدي عند المرأة الى تنشيط الدورة الدموية وزيادة فاعلية الكريات الدموية بنوعيها * أكل الرز المطبوخ مع الماش يمنع الاصابة بأنفلونزا الخنازير * إن رمي التـُرَب الحسينية والمخصصة للصلاة في مياه البحر يؤدي الى هدوء هيجانه وتوقف أمواجه العالية العاتية * في إيطاليا وتحديدا في مدينة ميلانو تخرج مظاهرة سنوية في مناسبة ما وموعد ما يطالب فيها المتظاهرون ــ وهم من الايطاليين طبعا ــ الامام المهدي (ع) بتعجيل ظهوره هذه المفاهيم ــ الفتاوي التي ذكرت أعلاه غيض من فيض مما يتناقله الناس في العراق بعضهم عن قناعة واخر عن إستفهام وبعض أخر إستنكارا . ولست في معرض مناقشة كل رأي منها ، لكني أجد لزاما عليّ إستنكارها أولا ومن ثم فضحها وليس أخرا الدعوة الى الجميع من قادة سياسيين يؤمنون بالتطور العلمي للمجتمع ومفاهيمه وقادة إجتماعيون مثل أساتذة الجامعات والمتنورين في كل مجال للوقوف ضد هذه المفاهيم المغلوطة وفضح نواياها في التجهيل ، بل وأيضا محاسبة مطلقيها ومروجيها بأن يسندوا ماقالوا بأدلة علمية وأن يسأل كل واحد منهم  من أين لك هذا ؟ لكي نضع النقاط على الحروف أرى إن محاسبة هؤلاء وردعهم عن الترويج لمثل هذه المفاهيم التجهيلية سيسهل الامرلكي نسأل المفسدين والسراق بالسؤال الكبير من أين لك هذا ؟   كتب بتأريخ :  السبت 09-10-2010     عدد القراء :  1971       عدد التعليقات : 0