ضعوا السلاح وامسكوا بالقلم
بقلم : المحامي يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

لو تتبعنا عالم الحيوان وراقبنا حياته فاننا سنجد بان القوي فيه يفترس الضعيف ويستعمل لتحقيق ذلك ما يتوفر له من سلاح هي انيابه ومخالبه 00 فينقض على فريسته من بني جنسه او من بني الانسان فيمزقها ليقتاة عليها ويطعم صغاره 00 فالحيوان ليس له غير هذا السلاح يتعامل به خلال حياته اليومية فهو لايجيد الكلام ولا يفيده حتى لو اجاده لان وسيلته في العيش هو القنص بما حباه الله من قدرة على التسلط على الضعيف من بني جنسه ليبقى على قيد الحياة ويموت غيره الذي يفترسه 00 غير ان الانسان بوجود عقله قد استطاع ان يطور نفسه ويجد له البدائل فتمكن من زراعة الخضر والحبوب والاشجار 00 فلم يعد يقتل بني جنسه ليأكل لحمه 00 وجعل من لسانه لغة الحوار والتفاهم واخيرا اخترع القلم وبه اخذ يكتب ويعبر واضحى في كثير من الاحيان بديل عن اللسان في التفاهم والتخاطب 00 وطور القلم من الحجر ثم الحديد حتى وصل اليه الى ماهو عليه اليوم وكذلك وسائل الكتابة من الرقم الطينية الى الورق واخيرا الى الحاسوب 00 وبعد ان كان السلاح هو الوسيلة للدفاع عن نفسه من الحجارة ثم السيوف والخناجر حتى عصر النهضة الصناعية الاوربية حيث ابتكر البندقية والمدفع واستمر في تطوير سلاحه خلال الاربعة قرون الماضية وهو يبتكر في كل يوم ما يدمر البشر من بارود الذي صنعه نوبل ثم ندم على ما فعله فخصص جائزته المشهورة واخذ يمتليء عقله بالعلوم التي اخذت بتسارع مذهل تتطور وتتوسع فيزيائيا وكيميائيا وكهربائيا واخذت تتضاعف لديه قدرة التفكير والابداع حتى وصل ا لى هذا التقد م العلمي الهائل الذي نشهده اليوم من الصناعات التي افادت البشرية او الصناعات المدمرة مثل القنابل النووية وغيرها كل ذلك كان بفضل القلم الذي دون به كل هذه العلوم التي نقلتها الاجيال جيل بعد جيل وقد اكد فضل القلم القران الكريم اذ قال ( وعلم بالقلم ) فاضحى القلم مفتاح العلم ومفتاح التطور والتقدم الذي به افتتح الانسان هذه البوابه الكبيرة على ما نشاهده اليوم من صناعات وابتكارات هائلة 00 ولكن للاسف فقد استغل القلم الى ما يهدم ويحطم البشرية بعد ان كان ركيزة بنيان واشراقة شمس واشعاع نور ومع ذلك فسوف يضل القلم صمام امان اذا ما تمسك به الانسان واعتبره الوسيلة الوحيدة للتفاهم وان لايتخلى عنه لحظة واحدة مهما كانت الضروف وان لا يلتجيء لغيره في كل المشاكل والازمات التي قد تصادفه فردا كان ام جماعات 00 حتى في صراعاته وخصوماته مهما كانت درجة شدتها بل عليه ان يتمسك بالقلم فهو الكفيل الاكيد لحلها  او على الاقل الابقاء على حياته صاحية سليمة 00فالتراشق بالاقلام مهما كانت عنيفة فهي لاتؤذي كما تؤذي الاسلحة الساحقة الماحقة فيعود الانسان الى عصر الغاب وشريعته 00 فقد بدأ القلم يفعل مفعوله في الدول المتقدمة وعلى العكس اخذ مفعول السلاح في الافول والزوال تدريجيا لما استطاعت العديد من الاطراف ان تمتلك اسلحة الدمار الشامل التي لم تعد تستطيع استعمالها فقد اكتشف الجميع بان استعمالها يعني فناء العالم أي فناء الكل ولم يخرج منتصر او خاسر 00 لذا فقد عاد القلم ياخذ دوره في تلك البلدان المتقدمة وبقينا نحن الشرقيون لازلنا نعتمد على مخلفات الغرب من السلاح ونشتريه باموالنا لنقتل بعضنا منشغلين عما يحدث في العالم من تقدم وتطور وتركنا القلم 00 ثم ان للانسان اللسان وهو اداة التفاهم والتخاطب ومساعد القلم في توضيح الفكرة وتوصيل الخبر وتقديم الحجة والدليل على تأكيد الرأي اوتفنيد الاخر 00 فقد اصبحا هذا ن السلاحان هما الرائدان في العالم المتحضر وبهما نقيم الحجة وندافع عن انفسنا ونقدم للعالم افكارنا ولم يعد في هذا العالم من يستعمل السلاح سوى فاقد الحجة والعاجز عن تقديم الدليل من الجهلة والمتخلفين الذي يحاولون فرض رأيهم المدحوض بالسلاح بديلا عن الحجة التي يفتقدونها فالسلاح لغة العاجز بحق وحقيق 00 ونحن هنا في العراق يجب ان ندرك باننا جميعا عراقيون مهما اختلفت اعراقنا وطوائفنا ومبادئنا وافكارنا وكما يقولون ( الخلاف في الرأي لايفسد ا لود ) ومن هذا المنطق فلا بأس ان نتحاور ونتجاذب ونتنافس ونقيم الحجج او ننقد بعضنا ولكن يجب ان يكون ذلك من منطلق المحبة والمودة والوطنية الصادقة فالسياسة كلمة تعني المجاملة او كما يقول البعض فن الممكن ولكن فن الممكن هي الوسيلة ولكن المعنى الحقيقي للكلمة هي المجاملة وحسن الحوار والمجاملة تعني المحبة والصفاء والوئام فكل السياسيون هم وطنيون مهما اختلفوا وتنابزوا وتنافسوا ولكن هدفهم هو خدمة هذا البلد كل بوجهة نظر مختلفة 00 فاليكن كما قلت القلم والحجة والتفاهم هي اللغة السائدة فيما بيننا فواجب الكاتب ان يبرز السلبيات كي ينبه السياسي لخطل رأيه فيراجع نفسه 00 فقد يندفع السياسي في اتجاه قد يسيء للوطن عن غير قصد فدور الكاتب ايضاح الامور وعرض الاخطاء فهي ليست مثلبة وهي ليست عيب 00 فالمنافسة مطلوبة وضرورية في أي عمل او مشروع سياسي او اقتصادي او اجتماعي ولكن على ان تكون منافسة في تقديم الافضل والاحسن لابناء الشعب ومن منطلق الوطنية المحظة ولا بأس ان تكون فيها بعض المنافع الذاتية فهو امر مشروع ولكن ليس على حساب الشعب 00 فالسياسي من حقه ان يمارس كل وسائل الدعاية والاعلام لنفسه ويقدم الحجج والادلة على صواب رأيه وتخطأة الاخرين ولكن بلغة الكلام مهما كان اسلوب الكلام من الشدة والقسوة فهو مقبول في نطاق حرية الرأي التي يجب ان لا تصادر او تقيد 00 فقد قرأنا العديد من الكتابات لكتاب وسياسيين يعرضون السلبيات بصور مختلفة منها الساخر ومنها المتهكم ومنها الكوميدي ولكن جميعها تهدف الى التوعية والاصلاح فلا غبار عليها ولا اعتراض فلكل كاتب اسلوبه ونهجه في الكتابة اذ ان الكاتب بوصلة مشاعر واحاسيس فقد تثيره حادثة تهيج مشاعره فيكتب بشدة وقسوة ولكنه حسن النية هدفه الاصلاح وقد يخطيء وقد يصيب فهي وجهة نظر على اية حال ( فسبحان من لا يخطيء ) فلا يجوز للاخرين ان يتخذوا منه موقفا عدائيا لهفوة هنا وهفوة هناك فالنقد نقد فلا يوجد نقد بناء ونقد هدام فاي نقد هو نقد بناء يراد منه التوعية ولفت النظر والاصلاح 00 كما على المرء ان ينقد نفسه بعد كل عمل يقدمه فمن لايكون مستعد لنقد نفسه لايحق له ان ينقد الاخرين 00 وبامكان كل من يتعرض للنقد ان يتصدى بالاجابة وتقديم الحجج المضادة ولكن بالصوت من على المنابر او وسائل الاعلام او بالورق والقلم  فهو حق مشروع فان وجود هذا الكم الهائل من وسائل الاعلام من الصحف والفضائيات  لدليل صحة وتطور فالنقد مهما كان مؤلما وقاسيا يجب ان نتقبله بكل رحابة صدر فهو دليل الادراك العميق والوعي العالي الرفيع ودليل الثقافة الواسعة التي يتمتع بها هذا الشعب 00 فلماذا نخاف النقد فهو ليس ظاهرة خصومة او عداء بل على العكس فالمثل يقول ( اذا اردت صديقك دوم فعاتبه كل يوم ) فالطبيب الذي لايبحث ويكتشف حقيقة مرض مريضه لايستطيع ان يصف له الدواء الشافي والانسان الذي يعتقد بانه ليس فيه نقص او عيب فلماذا يخشى منتقديه فالناقد وظيفته البحث عن الاخطاء والمثالب وليس وظيفته المدح والمديح 00 فمثلا لو ان يساري النزعة والاتجاه وجد يوما يساري شط وشذ عن الاهداف عليه ان ينقده ويكشف عن سلبيته كي ينتبه لنفسه ويعود الى الفكر السليم 00 فوظيفة الكاتب البحث عن الظواهر السلبية  دون التعرض لذات الاشخاص فهو لاتعنيه ذواتهم وانما ينقد نشاطه داخل الحيز الذي يعمل داخله ولا علاقة له بالامور الشخصية فهبي ملك محصن ومصان 000!!! 

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 12-10-2010     عدد القراء :  2131       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced