تحدٍ شجاع في زمن التقاليد
بقلم : جبار موسى آل يحيى
العودة الى صفحة المقالات

في هذا الظرف الملبد بالاوضاع المتوترة على الساحة السياسية، انعقد المؤتمر السابع لرابطة المرأة العراقية، المرأة المناضلة في جميع الأوقات والتي قدمت التضحيات بالشهداء من ابنائها، والمدافعة الحقيقية عن حقوق المرأة بالمساواة والحرية والمشاركة الحقيقية والواسعة في صنع القرار، واثبات وجودها كعنصر فعال ومؤثر وبنـّاء في عملية بناء العراق الديمقراطي الجديد.
نحيي المؤتمر ونذكـّر بمحاولة جادة وشجاعة قامت به المرأة العراقية الباسلة في الأربعينيات من القرن الماضي، وبالتحديد في العهد الملكي، وما قامت به الأديبة المعروفة الأستاذة في (ثانوية الاعظمية للبنات) العراقية الأصيلة (عاتكة وهبي الخزرجي).
تميزت عاتكة عن زميلاتها بدعوتها الى التحرر ومواكبة العصر الحديث والتخلي عن العادات والتقاليد التي تجعل من المرأة (سلعة) يتحكم بها الرجل،  ولا مكان لها غير البيت، لتنحصر واجباتها بتربية الأولاد وطبخ الطعام وخدمة الرجل المتسلط، مسلوبة الحقوق التي كفلها لها القانون والشرع.
وعندما طرق أسماع المعلمات والطالبات بأن أستاذة اللغة العربية في مدرستهم (عاتكة وهبي الخزرجي)، التي تدعو الى التحرر، سوف تأتي غدا متحررة من العباءة والحجاب وتدخل الى المدرسة (سافرة)، اصبحت المدرسة بحالة تأهب وترقب، وأعلنت حالة الطوارئ لاستقبال هذا الحدث المهم وهذا المشهد الرائع.
وفي صباح ذلك اليوم أخذت الأنظار تتجه الى الباب الرئيس للمدرسة (من المعلمات والطالبات) وكلهن شوق لهذا التحول الاجتماعي، الذي اعتبر من قبل الجميع، الشجاعة نفسها من قبل امرأة من عامة الناس، وسط مجتمع متخلف ينظر الى المرأة (نظرة دونية)، فبعد ان خرجت من بيتها مرت بشارع الإمام الأعظم وجامع الإمام ابو حنيفة، متوجهة الى مدرستها وهي في زيها الجديد البعيد عن العباءة والحجاب، رافعة رأسها الى الأعلى، متحدية وفخورة بنفسها.
تروي أحدى طالباتها: كان يوما مشهودا في هذه الحارة المحافظة في الاعظمية، عندما تزاحمت المعلمات والطالبات امام المدرسة وساحتها، بانتظار وصول (عاتكة وهبي الخزرجي) سافرة بفستان عصري جميل، يعرض قوامها الرشيق وقامتها الطويلة. اطلعت بعضهن من شبابيك الطابق العلوي للمدرسة ليحظين بمشاهدة ذلك المنظر الجديد. وفكرن، ربما سيلتقطن صورا فوتوغرافية للأستاذة الشجاعة. وعندما لاحت لهن مدرستهن، أمسكت الطالبات أنفاسهن غير مصدقات. لقد حضرت ليست (سافرة) فقط، بل ووضعت على رأسها بدل العباءة والحجاب، (قبعة) عصرية جميلة.
لقد تحدت هذه المرأة التقاليد المتخلفة في وسط يسيطر عليه المتشددون، تنتفض للدفاع عن حقها وحريتها، انها مثال للمرأة الشجاعة التي علينا اتخاذها قدوة، بالاصرار على المطالبة بالحقوق وانتزاعها، لتأخذ المرأة مكانها الحقيقي في المجتمع، الذي تشكل اكثر من نصف، في صنع القرار لتشارك في بناء عراق ديمقراطي يؤمن بحريتها ودروها في بنائه.

  كتب بتأريخ :  الأحد 17-10-2010     عدد القراء :  1922       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced