تطلع العِراقيات إلى المساواة (1-3
بقلم : رشيد الخيون
العودة الى صفحة المقالات

يُعد صدور قانون الأحوال الشَّخصية بالعراق (188 لعام 1959) متأخراً بعض الشَّيء آنذاك، حيث كان العهد الملكي يُعد العدة له، منذ الأربعينيات، ولكن مواقف الفقهاء منعت من ذلك، للحيلولة دون التَّجاوز على النَّص القرآني: «يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» (النِّساء: 11)، و«وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» (النِّساء: 176). وللحيلولة أيضاً دون التَّجاوز على إباحة تعدد الزَّوجات، بينما القانون قيد ذلك بقيود.
كنت كتبت عن تعدد الزَّوجات في «الأسبوعية» وذهبتُ إلى أن النَّص القرآني لا يبيح الزَّواج إلا بواحدة، لأن شرطه مقرون بالاستحالة، ذلك بما يوجب المنع «وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ» (النِّساء: 129). وحسب كبار النَّحويين أن أداة (لنْ) «لنفي المستقبل» (الرُّماني، معاني الحروف) قاطعةً لا مجال فيها. كذلك شَرطه الكتاب الكريم أيضاً بأموال الأَيتام، وأغلب الظَّن أن القتلى في الغزوات من المسلمين تركوا أراملَ وأيتاماً، فجاءت الآية: «وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ» (النِّساء: 3). فمَنْ هو في الأمس واليوم تزوج للقسط بأموال اليتامى؟!
ألغت سلطة 8 شباط (فبراير) 1963 النَّص الخاص بالمساواة في الإرث، لضمان دعم رجال الدِّين، بينما ظل تقييد تعدد الزَّوجات قائماً، وتدريجياً شُطبت المواد المهمة، والقاضية بإنصاف النِّساء، ثم أُلغي القانون اسماً ومضموناً في دورة مجلس الحكم (2003) التي ترأسها السَّيد عبد العزيز الحكيم (ت 2009)، وفي جلسة أُخرى أُعيد بعد إلحاح من القوى التَّقدمية والنِّساء والمجتمع المدني على العموم، مقابل الأحزاب الدِّينية ومَنْ كان يتطلب تأييدها من العلمانيين، عندما ترأس الدَّورة وزير الخارجية الأسبق عدنان الباﭼﻪ ﭼﻲ.
ولما كُتب دستور 2005 شَطبت مادته التَّاسعة والثَّلاثون أي أثرٍ لقانون الأحوال الشَّخصية، وبهذا أصبحت المرأة قيد معاملات مذهبها. أُلغي القانون من دون النَّظر في مستجدات العصر، ووجود نساء وزيرات وعضوات برلمان، وما يسري على النِّساء من الزَّواج المبكر القاتل للإنوثة وشخصية المرأة إلى غير ذلك من مساوئ. إذا كان الغرض من مساواة الإناث بالذُّكور، التي جعلتها وزارة التَّربية ضمن منهج كتاب الرِّياضيات، هو التَّقيد بالنَّص القرآني المذكور، فماذا يعني عدم التَّقيد بالنص الخاص بعقوبة السَّارق والسَّارقة في قانون العقوبات مثلاً، وهي قطع اليد، وماذا يعني عدم التَّقيد بعقوبة الزَّانية والزَّاني، وهي الجلد! فالسَّبب هو مستجدات العصر، وأن تلك العقوبات أمست غير مناسبة لروح العصر، وهذه هي روح الدِّين تتحرك مع الزَّمن في ما يخص أحوال النَّاس من معاملات، أما العبادات فثابتة.
لماذا تثور الثَّائرة على مساواة النِّساء مع الرِّجال في الإرث، بينما لا تثور في عدم التَّقيد بنصوص أُخر. ففي جلسة من جلسات البرلمان العراقي أظهر صاحب العِمامة البيضاء الشَّيخ جلال الدِّين الصَّغير تنويراً ومدنيةً، وهو يرفض تشريع قانون قطع اليد كونه غير مناسب للظَّرف، وسيترك مِنْ المعاقين ما شاء الله. كان يرد بذلك على أحد أقطاب حزب ديني لكنه بلا عِمامة، كان يقول: هذه شريعة الله لا بد أن تنفذ. أقول: اقرأوا على العراقيين السَّلام إذا تسلم مثل هذا الرَّجل أمور البلاد!
لا بد من التَّحرك لسن قانون أحوال شخصية يناسب ديباجة الدُّستور، وما يعلن عنه السِّياسيون من التَّبشير بعراق جديد، فقد جاء في الحديث النَّبوي «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ» (عن سنن ابن داود ورواة آخرون)، ولكم تفسير، لا تأويل، معنى الشَّقيق، أتجدون سوى المساواة؟

  كتب بتأريخ :  الأحد 17-10-2010     عدد القراء :  2095       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced