المصالحة في ذمة التاريخ
بقلم : المحامي يوسف علي خان
العودة الى صفحة المقالات

المصالحة الوطنية هي مجرد ادعاء وشعار 00فهي تعارض مصالح واهداف كل الشركاء في العملية السياسية ان كانوا اصلا شركاء فهم بالحقيقة ليسوا شركاء بل خصوم واعداء 00فالتصالح قد يتم بين ذوي القربى او بين الجماعات المتجانسة في العرق او الطائفة اذ قد يختلفون في وقت من الاوقات على الوسائل بوجهات نظر متباينة  ولكنهم متفقون على الاهداف فيتخاصموا ويتنازعوا فترة من الزمن ثم يعودوا فيتفقوا بتدخل الاطراف او الاصدقاء ويقربوا ما بين وجهات النظر الى الحد الذي يوافق عليه الجميع فتتم المصالحة وهو امر جائز وممكن ومحتمل 00 وهذا ما يحدث بين العشائر حيث يقدمون الدية او يقدمون احد الافراد مع كفنه الى العشيرة الاخرى فيقبلوها في معظم الحالات طمعا لمال او زهوا باذلال بتقديم الكفن 00 ومع ذلك فتبقى الضغائن مدفونة في القلوب 00 اما التصالح مع الاعداء الذين تختلف اهدافهم وغاياتهم وطموحاتهم فهو امر مستحيل لم يحصل ولم يحدث في مد يات التاريخ وعبر العصور والقرون 00 ولكن قد تحصل هدنات بين فترة واخرى فيتوقف المتحاربون او المتصارعون لسبب او لاخر ثم يحتدم الصراع من جديد 00 فالحياة في الكون مبنية على الهرمية في الوجود وداخل كل المجتمعات البشرية وغيرها فالله واحد والناس عبيده وعلى هذا النمط وجدت المجتمعات مهما كانت صغيرة وكبيرة فلن تجد فيها غير قائد واحد وزعيم واحد واله واحد وقيل في الامثال السفينة التي يقودها ربانين تغرق فالمجتمع العشائري يقوده الشيوخ  والمجتمع الاكبر يقوده الامراء والاكثر وسعا يقودها الملوك او الرئساء ولا بد ان يكون لهؤلاء سطوة وسلطة كي يتمكنوا من السيطرة على ما يحكمون من مجاميع 00 وهذه  حقيقة لا يمكن نكرانها والتغافل عنها او الادعاء رياءا وكذبا وخداعا بغيرها 00و السبب بضرورة وجود قائد واحد - اذ لايمكن لبشرين ان يكون لهم وجهة نظر واحدة ويتفقون على رأي واحد كي يشتركوا بالقيادة  اضافة  لطبيعة المنافسة البشرية والنرجسية المتاصلة في النفوس وهذه ملتصقة في الجينات الانسانية وداخل المورثات الدماغية 00 كل ذلك دفع المجاميع الاجتماعية الى اختيار شخص واحد هو ما يرونه ارشدهم واعقلهم او اكبرهم سنا فيسيدونه عليهم وهكذا تمشي الامور 00 ومن هذا المنطلق وداخل كل هذه المجتمعات العشائرية مثلا يكون لرأي الشيخ وقراره هو النافذ والواجب التطبيق دون أي اعتراض 00 وهذا واقع لايمكننا نكرانه والتمشدق بالتنظيرات الغير واقعية والمثالية الخيالية المستحيلة التطبيق ولكن بالامكان ان يتغير عذا الزعيم رضاءا او قهرا بين فترة واخرى اما ان يحكم اثنان او ثلاثة في وقت واحد فهي دعابة لا اكثر ولا اقل 00 وعليه فما يطرح الان من شعار المصالحة انما شعار يطرح لتمرير هدف او تحقيق غاية ومحاولة لاقناع الاخرين والرضوخ لهم 00 وكل هذه المحاولات مبنية على المبدأ السائد وهو مبدأ التأمر  ونظرية  المؤامرة التي ينكرها الجميع ويتبرأؤون منها في الظاهر ويتمسكون بها ويمارسونها بكل قوة في الخفاء وفي دواخلهم فالساسة السياسيون يتأمر بعضهم على بعض وهذه حقيقة مكشوفة لاتحتاج الى اثباتات وبراهين ولكنهم يغضبون على من يشير اليها لانها تكشف خفاياهم ونوايا سريرتهم تجاه بعضهم 00 وقد اضحى التلفزيون المراة الناصعة التي تكشف دخائل الساسة والمستفيدين واصحاب المصالح من دعاة الوطنية وهم لايمارسون ابسط مظاهر الوطنية وهي التنازل عن نصف رواتهم للعاطلين عن العمل والتي بامكانها ان توفر اموالا لكل العاطلين بلا عمل دون استثناء فهل يصوتون لذلك مثلا في محافل التصويت فهو اعلى مظهر من مظاهر التضحية والتي ستودي لو حدثت الى المصالحة الحتمية بالتأكيد فالمصالحة اول ما تبدأ مع الشعب  ثم تنعكس على بعضهم البعض 00 فان فعلوها فقد اثبتوا وطنيتهم وحققوا المصالحة وسوف تخفت كل نوازع التصارع والخلاف حتى بين الفرقاء الخصوم والاعداء فهل يتحقق مثل هذا الامر انه امر مستحيل بل امنيات لايحلمون بها سوى المجانين من الناس والاغبياء مما خلت ادمغتهم من أي مخ 00 ولكن هؤلاء السياسيون مستعدون ان يتحدثوا الساعات الطوال في التحليل والتعليل والظهور على شاشات التلفزة للدعاية والاعلان ليطرح كل وجهة نظره الثاقبة  بما سيفعله وسيقدمه من انجازات بعد الف من السنين ويتبادلون الابتسامات الصفراء  التي تنم عن الحقد لبعضهم البعض ويتفوهون بعبارات المجاملة الزائفة ليقدم كل منهم برنامج عمله وكأن البرنامج هو الذي سينشيء المدارس ويبني المساكن ولا ادري هل فاتهم ان الناس قد ادركوا بان البرامج كلها قد اضحت مجرد حبر على ورق وانما ليست اكثر من مسكنات ومهدئات يطرحونها على الناس المرغمين على سماعها  والمغلوبين على امرهم حتى يصلوا الى سدة الحكم في احد المناصب الكبيرة في الدولة ثم يبتعدوا عن الشعب ولم تعد لهم علاقة به ويعتكفون في ابراجهم العاجية  حتى مجيء موعد الدورات الجديدة فيعودوا الى الشعب مرة ثانية ويطأطؤوا الرؤوس وهكذا هي حال الدنيا بين غالب ومغلوب وبين راع ورعية 00 ابهذه الطريقة ستتم المصالحة ؟؟؟؟ وستبقى هذه الكلمة مجرد شعار يرفع والى الابد وفي كل حين000 وبين ضاحك ومضحوك عليه وسوف تبقى هذه المعادلة قائمة الى يوم الدين ومن ينظر الى وجوه الذين يجلسون متحدثين في الندوات التلفزيونية سوف يدرك صدق كلامي ومن لا يصدق فسوف يبقى من المغفلين و يبقى ساكن في بيوت الطين آمين يارب العالمين  !!!

  كتب بتأريخ :  الإثنين 20-12-2010     عدد القراء :  1991       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced