حكومة الزعامات المتصارعة
بقلم : ماجد فيادي
العودة الى صفحة المقالات

بعد طول انتظار, وحوارات مكوكية, وتصريحات نارية, عن حكومة شراكة وطنية, وحكومة تكنوقراط وكفاءة, جاء الإعلان عن حكومة المالكي وبتصويت عالي من قبل البرلمان . اتصفت الحكومة بكثرة القيادات السياسية, وغياب التكنوقراط والسيدات ( هذا إذا ما استثنينا وزير النفط ووزيرة المرأة التي استقالت). كما اتصفت أيضاً بتأجيل إعلان وزراء المهام الامنية . إضافة إلى حقائب دولة بالجملة, وزيادة في وكلاء رئيس الحكومة.

لهذه الحكومة صفتين لابد من التركيز عليهما, لما لهما من أهمية, تبين ما ستؤول له وضاع العراق, في ضل حكومة الشراكة أو المشاركة أو المشاكلة أو الشركة الوطنية.

الأولى, أنها حكومة عدم الثقة. فقد ولدت بعد اتهامات وتشهير من قبل المتنافسين, الفائزة في البرلمان السابق والحالي, مما استوجب أن يكون الوزراء من الصف الأول للزعامات الحزبية, القادرة على اتخاذ القرار خلال اجتماعاتها, فيما لو جرى نوع من المماطلة أو التحايل, على ما جرى الاتفاق عليه بين الكتل الفائز.  فقد جرت العادة بين الاحزاب العراقية أن تتفق ليلاً, ثم تنقلب على ما اتفقت عليه صباحاً. هذا يعني أن كل وزير سيكون مكان عمله الحقيقي في اجتماعات الحكومة, وليس في الوزارة. وهذا يعكس لنا, كيف ستجري الأمور في الاجتماعات, وسط صراع محموم, تستخدم فيه كل الوسائل المتاحة, من تسييس للقضاء, وتزوير الانتخابات, وأموال خارجية, الى إعلام  منحاز , وأمور أخرى ستكشف بعدئذ.

نستشف من هذا, أن أداء الوزارات في تقديم الخدمات للمواطنين, سيكون بنفس السوء أو أسوء من سابقتها, فانشغال الوزير بمنافسيه, بالإضافة الى كونه غير مختص, ولا يفقه كيف تدار الوزارة المعنية, يدفعه الى الاستعانة بمستشارين, يتنافسون لكسب ثقته, انطلاقاً من عقليته. فكلما كان المستشار وصولي, أو يقدم أفكاراً بالضد من الوزارة الأخرى, لعرقلتها, أو ينجح في تزويق الفشل وتقديم المبررات للسيد الوزير, استطاع أن يكون من حاشيته المقربة, ذات الصلاحيات الواسعة, التي تؤدي الى تخلف الوزارات, وبقاء أدائها في إطار الفساد المالي والإداري, وتوسع نشاط الشركات المقربة من الوزير وحزبه ومستشاريه . إن اكثر ما يخشاه المبتلون بالهم العراقي هو, أن يكون وجود الزعامات الحزبية في الحكومة, من اجل عرقلة المالكي, رداً على إصراره ترؤس الحكومة الجديدة.

الثانية, أنها حكومة إعادة التوازن بين الزعامات. فقد كشفت الانتخابات الأخيرة أن مَن عمِل في الحكومة, كان ظهوره اكبر ممن عمل في البرلمان. لقد أصبح البرلمان لا يشكل للزعامات الحزبية مصدر شهرة, إنما العمل في الحكومة هو الوسيلة للوصول الى الجماهير(عدد من هذه الزعامات لم يحصل على مائتي صوت في الانتخابات الأخيرة).

في الحكومة السابقة لم يرشح علي الأديب لأية وزارة, لكن حق المالكي في ترؤس حكومة أخيرة, استوجب تهيئة البديل للحفاظ على حظوظ حزب الدعوة في الانتخابات البرلمانية القادمة. كذلك جاء دخول العامري من اجل وضع ثقل جديد للمجلس الأعلى في الحكومة الجديدة, بعد غياب جبر الزبيدي عن التشكيلة, والذي لم يستطع إقناع الناخبين بأدائه. أما العيساوي فهو الضامن لرفع عدد القيادات البارزة من السنة أمام الجمهور, مع الإبقاء على لمعان الهاشمي والنجيفي والمطلك, كذلك هو ضمان لاستمرار حزبه في الساحة . وعلى هذا القياس يشمل الجميع الزعامات, من وزراء الى نواب رئيس الوزراء, إذن عين الحكومة على الانتخابات القادمة وليس خدمة الشعب.

يبدو واضحاً للمتتبعين, أن الحكومة جاءت مخيبة للآمال, مع صحة في تكهنات الكثيرين, بأن الحكومة التي تخرج من رحم كيانات, احتاجت كل هذا الوقت لكي تتفق, لا بد أن يكون اتفاقها معاقا. وأن كل الوعود التي قطعت, في أن رئيس الوزراء سيختار وزرائه, على خلاف الحكومة السابقة, وأن التكنوقراط سيكون حاضرا, وأن المحاصصة الحزبية والطائفية والقومية ستغيب, وأن حكومة قوية ستحكم البلد, نحو بر الأمان, كلها ذهبت مع مهب المصالح الضيقة, وعلى حساب الشعب العراقي.

لكن رغم كل هذا وذاك, من مصلحة الديمقراطيين المبتلين بحب العراق, وشعب يعاني الكثير من الأمراض, كونه تركة دكتاتورية, دامت عقود, وأحزاب تلتها, قدمت ايجابيات اقل بكثير من السلبيات, لا بد أن نتمنى أن تقدم هذه الحكومة خدمة حقيقية, للمتعطشين من الشعب العراقي, ونعمل على تقويم كل السلبيات, بالكلمة والتظاهر وحشد كل القوى الخيرة, للدفاع عن حقوق العراقيين. 

  كتب بتأريخ :  الأحد 26-12-2010     عدد القراء :  1933       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced