كلنا للعراق .. والعراق للجميع
بقلم : سُلاف رشيد
العودة الى صفحة المقالات

ارتعدت أوصالي حين قرأت خبرا في جريدة "المدى"، عن الهجوم على جمعية آشور بانيبال المسيحية الانسانية. وقد شاركت في الهجوم حسب المعلومات مجموعة مدنية بمساعدة الشرطة في منطقة المسبح. وفي الحقيقة ليس الهجوم واعتقال أعضاء الجمعية هو السبب في ارتعاد أوصالي، وإنما ما ورد في التحقيق معهم على لسان المسؤول الذي اعتقلهم وقال لهم : " يجب أن تخرجوا من مدينتنا الإسلامية"، ويقصد بذلك مدينة بغداد. هذا ما جعلني أعود بذاكرتي إلى كل شبر في مدينتي التي أحبها بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، حيث طفولتي وصباي ونضوج كياني كزوجة وأم.
أتذكر كل ما مر بهذه المراحل التي عشتها في بغداد، وبغداد مدينة للجميع مثلما هو العراق. كنا في الابتدائية لا نعرف التمييز بين الديانات والقوميات، وفي المتوسطة والإعدادية كانت صداقاتنا متنوعة، وفي الجامعة اندمجنا ببعضنا، مسيحيين ومسلمين ومندائيين، عربا وكردا وتركمانا وكلدانا وأشوريين، الجميع أبناء العراق وبغداد جنتهم. كذلك في المنطقة الني كنا نعيش فيها، جيراننا أيضا من هذا القوس قزح العراقي الجميل، نتبادل تحية الصباح بكل الحب الذي نحمله في نفوسنا لمعنى انتمائنا. وفي الدائرة حيث نعمل، نشترك بكل المناسبات الاجتماعية، فكنت أتلقى التهاني بأعيادنا، أعياد الميلاد وعيد الفصح، مثلما أقدم التهاني لزملائي وزميلاتي بأعياد الفطر والأضحى، وعيد الكرصة والبنجه والازدهار. كنا نشعر ان كل الأعياد أعيادنا، ونشترك في افراح بعضنا ونخفف من أحزان بعضنا. كان العراق وما يزال بين حدقات عيوننا، نبصر تفاصيله بمنحنيات السهول وتعرجات الجبال .. يعيش بين أضلاعنا مثل وشم طفولي، يرفرف مع أجنحة الفرح في نفوسنا. هو دفء محبتنا حين تمتلئ دنيانا بصقيع الأحزان، لهذا كان العراق  وما زال ذلك الطيف الذي تتمسك به أجفاننا. العراق بكل أجزائه - جنوبا ً، شمالا ً، شرقا ً وغربا ً. حين كنت أذهب إلى بيت خالي في البصرة، اشعر أنني في بغداد، وحين أذهب إلى مدينتنا القوش في الشمال، اشعر كأنني أتيت ببغداد إلى القوش. لهذا فان من يراوده حلم أن تكون مدن العراق مصنفة حسب الانتماء الطائفي والديني والقومي، إنما يعيش في أحلام العصافير، لأن مدن العراق ترفض أن تكون لنوع محدد وحيد من البشر. لقد خلقت ملونة وستبقى ملونة، ملونة بانتماء دياناتها، طوائفها، قومياتها، ولن تتنازل عن طيف الجمال هذا، لأنه طيفها الذي يعيش بكل جزيئة فيها، يتنفس هواءها وينام على سكينة حزنها، حين يكون ذلك الحزن عباءة ليلها. فهي مدن العراق، والعراق لا يميز بين أبنائه، لأنه بكل أجزائه عراق للجميع.
-----------------
* العنوان هو ما اقترحه الراحل حكمت حكيم شعارا للمؤتمر الثاني عشر للاتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 19-01-2011     عدد القراء :  2101       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced