إذا ذهبوا...على من سنتندر؟ بقلم : فيحاء السامرائي العودة الى صفحة المقالات سمعت مرة نكتة عن مواطن مصري غلبان، كان كلما يريد أن يشتري شيئاً من السوق، يجده غالياً، فيروح قائلاً: ( الله يخرب بيتك يا محسن، أنت السبب)...ولما تكرر دعاؤه وارتفع صوته، سمعه أحد أفراد المباحث، فأخذه الى مديرية الأمن، وحين سأله ضابط الأمن عن سبب اعتقال الرجل، أجابه المُخبر: (الراجل ده ما بيعرفش إسم الريّس يا بيه)....ايه ده!...الرئيس هو سبب الأزمة والغلاء؟ ماذنبه وذنب أنظمة تدير وطننا العربي نحو رقي يتفوق على دول اوربية وأجنبية؟ أنظمة عربية - تزعمون انها -  فاسدة، يرؤسها  فخامة و(ضخامة) رئيس، و قائد قوّاد وملك ملوك وزعيم زعماء وشيخ شيوخ وسلطان سلاطين وبطل أبطال وفاتح فتح وقائد ثورات وحروب تحرير، وقائد أمة عربية (الى الحضيض)، وحامل تاج حرية وعميد حكام و(بلطجية)، وبطل ( شفيّة)، أمل الأمة وأسدها وباني ماضيها وحاضرها ومستقبلها، رمز الثورة الشعبية وحامي الوحدة العربية و(جايب الديب من ديلة)، إمام مسلمين وأمير مؤمنين وآية الله على الأرض، مولانا وسيدنا (رهبر) له كل الأسماء القبيحة...حكام، أدام الله ظلاً لهم على الأرض، كلهم، ولا يحرمنا من طلتهم البهية، برمتهم وعماماتهم و(بحزمة معلمهم) من خليجهم الخاثر الى محيطهم الهادر... حضرات السيادة والريادة والسمو والجلالة والورعين المتدينين بخواتمهم وكواتمهم، وأصحاب العظمة، آكلين اللحمة وتاركين لشعوبهم العظمة...ألفنا سحناتهم المباركة في صدر صحف وأجهزة إعلام، جثموا على صدورنا وعلى كراسيهم أعواماً طويلة، ولوتسنى لهم أن يلغوا سور القرآن لأبقوا فقط آية الكرسي. حرام أن يحدث اليوم تململاً بين صفوف الجماهير وبلاد العرب، ناشدة الى تحرير وتدعوة الى إزالة رموز وأساطين، ورغم أن في كل حركة بركة، لكني أختلف معكم أيها الثائرون، أنتم تظلمون الحكام الأتقياء. حسناً، هل تساءلتم أيها المطالبون بالتغيير، إذا ذهب هؤلاء عمن سيحرر أراض مغتصبة لنا؟ هل تقدرون حجم خساراتنا لضياع مؤتمرات قمم وقرارات (عملاقة) وتصريحات طنانة وبيانات (صابونية) تزحلق فقاعاتها أكبر محتل وأغشم احتلال؟... وحكمتهم، هل يمكن أن نحيا بدونها؟ ومن سيمنّ علينا بمكرمات وهبات؟ وبماذا ستتفوه الشعوب حين ترفع الكمامات عن الأفواه؟ بالتأكيد ستحل الفوضى في كل مكان، وسنجلب أيضاً المتاعب الصحية لنا يا جماعة، كيف يمكن لنا أن نشبع ونرتاح ونحن من تعوّد على جوع وتعب؟ ماهي واردات نفط ودولة، تحسدون عليها رؤساكم وتتتمنون مشاركتكم فيها؟ يا (خراشي)!...هل تدركون مدى خطورة فراغ ساحة الملعب من كذا (لواعيب) ماهرين و(لعّيبة) شاطرين؟ تحيط بهم آلاف مؤلفة من كلاب وتابعين وحراس شخصيين وفدائيين وأمن خاص وقوات حماية وسجانين وجلادين وميلشيات ومأجورين وأذناب و(لكَلكًية وكلاوجية) وصحفيي صحف صفراء، وكتاب سلطة ومدبّجي مدائح وشعراء لساسة، ومطربي بالروح بالدم نفديك يا...؟ ستحدث حتماً مشكلة بطالة كبيرة بين هؤلاء، وهم عدد لا يستهان به، فكروا يا (ثورجية) ولو بهذه المعضلة في الأقلّ... كلا، حقاً أنا لا أستطيع تخيل الوضع إذا ما ذهبوا... سيكون المزاج أكثر جدية، وستغدو نكاتنا غير طريفة، من كنا ننكّت عليهم ذهبوا، (عليمن بعد نضحك)؟... حرام عليكم يا شعوب جاحدة تحرمونا من نعمة التندر عليهم، هل ترضون أن يشحت رسامو الكاريكاتور على أبواب الجوامع؟ ماذا سنفعل بسجون ومعتقلات كثيرة ستغلق؟ أخبروني بالله عليكم...سنتجشم عناء تغيير كل العملات التي عليها صورهم، ونحطم تماثيل ونمزق صور ونبدل أغلفة كتب ومناهج دراسية، ونحتار في أطنان من أوسمة ونياشين وصولجانات، زينوا بها هؤلاء الراحلون بزاتهم وبدلاتهم... سنشتاق الى رؤية رجال أعمال وطبقة مترفة وقطط سمينة، وسنحنّ الى رقتهم ونعومتهم وسياراتهم وعطورهم ونظافتهم (الخارجية)، غير عن خشونة لشعوب وجماهير حافية، قلّما تستحم... سوف لن تشهد المطارات زيارات لمستشارين وخبراء أجانب من بيت أبيض وبنتاغون وحلف ناتو وبنك دولي، وستعلن بنوك أجنبية إفلاسها، ويلطم أصحاب شركات لمبيعات أسلحة فاسدة على رؤوسهم و(تنخرب) بيوتهم...وستخلو دولا من عمالة رخيصة من أولئك الذين ذهبوا اليها ذليلين، للحصول على عقود عمل لا انسانية حتى لا تموت عوائلهم جوعاً، وستشكو حيتان وسمك القرش من جوع، حين لاتغرق في البحر قوارب تحمل مهاجرين وهاربين من بلدانهم، ناكري جميل بالطبع...  سيحل خلاف في اختيار لون آخر غير اللون الأخضر لمنطقة في بغداد وكتاب في طرابلس، وأعلام لدول لم تعرف الإخضرار، في بلدان مات نخيلها وجفّت مياهها وسرقت خيراتها، وعشعش فيها فساد حكومات ونخر أساسها... هل تساءلتم  يا شعوباً تريد تغييراً، ممن سنشكو مظلوميات لنا، ولقد تعلمنا أن نكون مظلوميين وضحايا؟ من سواهم سنسبّ ونلعن؟ أخشى أن ننفّس غضبنا على بعضنا... وأنتم يا شباب ميدان التحريرفي مصر، يا "مثيري الشغب" ، ما هذه الشعارات من حرية وعدالة اجماعية؟ لماذا تفترون (ياعيال) على رئيس لم يحكمكم سوى ثلاثين عام فقط؟ لو تعطوه فرصة ثا...عاشرة، أي ثلاثين عام أخرى ربما لكان استجاب لمطاليبكم...هل تصورتم لو رحل فرعونكم، كيف سيسترزق بائعو الفول والطعمية والكشري والملابس المستعملة؟ ومن سيسكن في المقابر والأحياء العشوائية وبين القمامة؟ ومن سيُدخل الحشيشة والمخدرات الى البلد (ليبسط) ناسها ويلهيهم عن متاعب لا يدري مسئوليهم من أين تأتيهم؟...وأغنية ( هشتكنا وبشتكنة يا ريس)، لمن ستغنونها؟ ألم يجعلكم في أمية وجهل، والجهل نعمة كما يقال؟ ماذا تريدون أكثر من ذلك؟ أظنكم تتفقون معي الآن على ضرورة بقاء حكامنا ظلاً فوق رؤوسنا، حفظهم الله وأدامهم، وأمات شعوبهم التي فقدت بصائرها وعميت أبصارها، عن نعمة يسبغها عليها حكام، لهم الحق في الحكم حتى آخر رمق في حياتهم، مورثين السلطة لأنجالهم وأحفادهم حفاظاً علينا ورأفة بنا...  اللهم احففظ قادتنا ومرتزقتهم و(زلمهم وهتليتهم وبلطجيتهم) في أفضل مكان يستحقونه، في أقرب قمامة، لأن خير ما يصلحوا له اليوم، هو سماد لهذه الأرض التي لوثوها وهم أحياء...عسى أن يكونوا ذوي فائدة بعد رحيلهم.   كتب بتأريخ :  الثلاثاء 08-02-2011     عدد القراء :  2022       عدد التعليقات : 0