نعم أُشارك في المظاهرات ... ولكن!
بقلم : تحسين المنذري
العودة الى صفحة المقالات

منذ ثورة الياسمين في تونس والنفوس تغلي ، وبعد صمود المصريين بوجه محاولات تشبث طاغية مصر بالسلطة بأي شكل تزداد إحتمالات تكرار التجربة في اي من بلدان الحرمان والشعوب التي تعاني من فقدان الحريات والخدمات والباحثة عن الحد الادنى من الكرامة الانسانية ، والعراق واحد من تلك البلدان وشعبه من أكثر الشعوب التي عانت ودفعت ضرائبا ربما لايصدقها غير العراقيين ، لذلك فإن الوضع في العراق مهيأ لكي يكون التجربة القادمة . إلا إن الوضع في العراق يختلف عن مثيلاته في أي من بلدان المعاناة وذلك لتشابك عوامل عدة لعل أبرزها التقسيمات الطائفية ـ الاثنية للحكم وإنسحاب ذلك على عقول الكثير من العراقيين تحت واجهات الدفاع عن النفس من خلال الدفاع عن الطائفة ، أو تعويض سنوات الحرمان والمظلومية ، وعند أخرين البحث عن فرصة البقاء تحت مظلة الحكم بأي شكل كان في محاولة للدفاع عن وجود مهدد من قبل الاخر . وبسبب من تلك التقسيمات ، فإن بناء الدولة العراقية مازال ناقصا وما تم بناؤه قام معوجا ومن الصعب أن يستقيم ، فالاجهزة الامنية مازالت غير مهنية وتدين فصائلها بالولاء الى ماهو أدنى من الوطن كل حسب من وهبها المركز أو الوظيفة . وتعاني أجهزة الدولة من أمراض الفساد المالي والاداري ونقص الكفاءة الى جانب تمتع الكثير من بقايا النظام الدكتاتوري بحرية البقاء والتحرك تحت واجهات عدة ودون أدنى محاسبة من قبل الاجهزة الامنية المشلولة ، يضاف الى ذلك شيوع الجريمة المنظمة وتمكن الارهاب من تنفيذ الكثير من جرائمه بقدرة تفوق إمكانيات الاجهزة الامنية والعسكرية . إن كل تلك العوامل هي بالتأكيد محفزات موضوعية لنهوض جماهيري قد يتحول الى ثورة شعبية عارمة ، إلا إنه وفي نفس الوقت فإن كل تلك العوامل قد تصبح أسباب فشل تلك  الاحتجاجات الجماهيرية وذلك وفقا للاحتمالات التالية :
1- من المحتمل جدا أن تستغل بقايا النظام المقبور التحركات الجماهيرية المناهضة للظلم والفساد لكي تعيد تأهيل نفسها والعودة بقوة أكبر للتحكم بالشارع وبالتالي الوصول من جديد الى دفة الحكم تحت مسميات وعناوين أخرى
2- قد تستغل قوى الارهاب مشاعر الناس وتبادر بالدعوة لتنظيم مظاهرات حاشدة تكون بمثابة فخ تنفذ من خلاله جرائمها بتفجير سيارات مفخخة أو أحزمة ناسفة ، وعندها ستكون الخسائر جسيمة وردة الفعل عنيفة قد لاتستطيع أي قوة أخرى معها تجميع ولا حتى عشرات من الناس لاحقا
3- كذلك فإن القوى الممثلة بالسلطة نفسها قد تستغل تلك الاحتجاجات لتصفية حسابات حزبية أو فئوية ضيقة ، وعندها سيكون البديل أسوأ
4- وجود قوى مليشيوية لها امتدادات في السلطة واخرى خارجها وربما تستغل هذه المظاهرات لتصفية حساباتها ويذهب ضحية ذلك الابرياء الذين لاحول لهم ولا قوة
5- قد تنشأ قوى من خلال المظاهرات لها إمتدادات خارجية إقليمية أو دولية بالاضافة الى القوى ذات نفس الامتدادات الان مما يجير نجاحات المتظاهرين لمصلحة غير العراقيين ، علما إن العراق وبإعتراف سياسييه ساحة لصراع القوى الخارجية منذ عام 2003
من كل ما تقدم فإن القوى التي تريد التصدي لقيادة الاحتجاجات بأي شكل كان لابد أن تحمل المواصفات التالية :
1- أن يكون تأريخها السياسي معروف  وليست ذات خلفية بعثية بأي شكل كان ، وليس لها أي إمتداد مع القوى المتنفذة في السلطة الان والتي تتحمل مجتمعة ما آل اليه الوضع المزري في العراق الان ، كما ويجب ألا تكون قوى ميليشيوية ولا تحمل السلاح أثناء التظاهر وتحت أية ذريعة
2- أن تعلن عن نفسها صراحة وبلا تردد
3- أن تقدم برنامجا وطنيا حقيقيا يستجيب لطموحات الملايين من العراقيين المهمشين والعاطلين عن العمل وممن يعانون المر في تدبير لقمة العيش اليومية ، وألا يتضمن برنامجها أي تسميات تتعلق بالطائفة أو القومية أو الدين أوالعرق أو الجنس
4- أن تعلن صراحة نيتها بناء دولة مدنية ديمقراطية عصرية تبتعد عن كل ما يعيق التطور العلمي للمجتمع
5- أن تتبنى شعار التسامح المقرون بالمحاسبة القضائية لكل مسيئ أومذنب بعيدا عن روح الانتقام أو عن فكرة عفا الله عما سلف
6- أن تصوغ شعارات واقعية ممكنة التطبيق وتبتعد عن كلمات الموت أوالقتل أوالدمارأو ما شابهها مما أثقل على العراقيين سنوات طوال وشوه طريقة تفكيرهم  وزرع الخوف والتردد عند الملايين ممن لاحول لهم ولاقوة
7- أن تتبنى الشعارات الديمقراطية بشقيها السياسي والاجتماعي  وتعمل على تصحيح القائم منها الان وإن كان قد بـُني على أسس غير صحيحة ، وألا تكون شعاراتها متضمنة دعوات لعودة الاستبداد بأي شكل كان ، وليس شعارات الموت للديمقراطية تحت أي ذريعة كانت
8- أن لايتم إقصاء أي جهة سياسية أو مكون إجتماعي ترغب المساهمة في الاحتجاجات بشرط تبنيها شعارات واهداف المتظاهرين حقيقة وليس إنتهازية أو وصولية .
9- أن تتطور أشكال النضال السلمي وأهدافه وشعاراته تبعا لتطور حركة الاحتجاج وإمتداداتها
أتصور إن بروز مثل هكذا قوى ومن رحم الشارع العراقي سوف يستطيع أن يجمع حوله الملايين من العراقيين التواقين للحرية وللعيش بحد أدنى من الكرامة الانسانية ، على أن تسلك تلك القوى الطرق الديمقراطية الحقيقية في التحشيد والتظاهر وبطريقة حضارية متطورة .

  كتب بتأريخ :  السبت 12-02-2011     عدد القراء :  2074       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced