الحكماء الجدد ومظاهرات الشعب العراقي
بقلم : كاظم حبيب
العودة الى صفحة المقالات

حين تقرأ بعض الكتاب التي تنصح الشعب العراقي بالابتعاد عن المطالبة بحقوقه والدفاع عن مصالحه الحيوية التي تداس اليوم بالإقدام من قبل جمهرة من حكام العراق, يشعر الإنسان بالغثيان من هذه الحكمة الجديدة التي برزت دفعة واحدة لدى بعض الكتاب العراقيين الذين لا يرون واقع الحال في العراق, لا يرون الحرمان والجوع والبطالة القاتلة, لا يريدون أن يعرفوا سيادة الفساد في جميع أنحاء العراق وبعلم المسؤولين الكبار, ولا يريدون ان يواجهوا الفجوة المتسعو في مستويات المعيشة والحياة, لا يريدون أن يتابعوا كيف تحاول مجموعة مهمة من قوى الإسلام السياسية أن تفرض على المجتمع خيمتها الفكرية الواحدة, تماماً كما فرض البعث خيمته الفكرية القومية الشوفينية المدمرة المجتمع لعقود طويلة.
إن هذه المجموعة من الحكماء الجدد بدأوا يحنون ويدافعون عن نظام بدأ هو لا غيره بتشويه الدستور العراقي لعام 1925 وتزوير الانتخابات النيابية والتي وردت على لسان عميد السياسية العراقية في العهد الملكي "نوري باشا السعيد" واتهموا الحركة الديمقراطية العراقية التي ناضلت من اجل حقوق الشعب بالتطرف واليسارية وكأنهم لم يقرأوا تاريخ النظام الملكي في العراق, إن كانوا أصغر عمراً من أن يعيشوا تحت وطأته.
صحيح إن ما جاء بعد ذلك العهد جعل العراق أسوأ من العهد الملكي, ولكن العهد الملكي هو الذي بدأ بسياساته القمعية, ومنها إسقاط الجنسية وقتل السجناء السياسيين واعتقال المئات من المواطنين وزجهم في السجون لأنهم كانوا مع حركة السلام العالمية ولأنهم من الشبيبة او اتحاد الطلبة أو من الحزب الشيوعي أو من الحزب الوطني الديمقراطي أو حزب الاستقلال, والذين اجبروا على تشكيل جبهة الاتحاد الوطني للخلاص من النظام الملكي وإقامة الدولة الديمقراطية التي خذلت القيادة العسكرية في حينها الشعب العراقي ورفضت غقامة الحكم الديمقراطي الدستوري والنيابي, كما لم تكن القوى السياسية ناضجة لتعي ما يفترض أن يتحقق في العراق وأعطى الفرصة للفاشيين أن يقلبوا نظام الحكم ويتواصلوا بجماعات قومية شوفينية لدست الحكم في العراق بيم 1963-2003, أي طيلة أربعة عقود عجاف.
إنهم يطالبوننا اليوم بالهدوء والسكينة وتحمل ما يجري في العراق لكي لا يسقط العراق في أحضان المتطرفين من الإسلاميين السياسيين او البعثيين أيتام صدام حسين وأعوان عزت الدوري. غريب هذا المنطلق الذي يتحدث به هؤلاء السادة. عليهم ان يكفوا عن نصح الشعب العراقي بالكف عن النضال من أجل تحقيق الحرية والديمقراطية, من أجل ضمان الثقافة الديمقراطية والنشاط الحر لمنظمات المجتمع المدني لا أن تمنع الموسيقى والغناء والرقص والمسرح والرسم في معاهد وأكاديميات الفنون الجميلة. إنهم يرسلون لنا المقالات البائسة التي تدعي وجود حياة ديمقراطية في العراق وحكم ديمقراطي وليس حكم "ديمقراطي محاصصي!" طائفي حتى لو كان الناس قد أعطوا اصواتهم لتلك القوى, ولكن قائمة دولة القانون ادعت إنها تخلت عن الطائفية وهي تعمل من أجل حقوق المواطنة, ولهذا حصلت على نسبة عالية من اصوات الناخبين, وكذا حال أغلب أعضاء القائمة العراقية. الناس يتحركون من اجل تغيير واقع الحال السيء لصالح الشعب وبعيداً عن الطائفية التي بدأت طائفة من المثقفين تلتزم بها وتدافع بوعي أو بدون وعي عنها ربما دون أن يدركوا أي منحدر يريدون دفع المجتمع إليه.
إن الحرية الفردية والديمقراطية وحقوق الإنسان أيها السادة, إيها الحكماء الجدد ومع كل الاحتام, يفترض أن تدركوا إنها لا تتجزأ ومن يحاول ذلك يرتكب خطيئة بحق شعبه.
إن المظاهرات التي تدعو لها الشبيبة العراقية تريد تغيير الواقع المر, تريد مكافحة البطالة والجوع والحرمان والفقر والفساد السائد, تريد شيئاً بديلاً عن البطاقة التمينية إن اراد الحكم إلغاء هذه البطاقة, تريد عملية تنمية وتنمية صناعية وتحديث زراعي وتقليص استيراد السلع الاستهلاكية التي تعطل التنمية وتحارب الإنتاج المحلي, تريد تشغيل الناس وإنقاذ الأطفال من التشرد والأرامل من الجوع والبؤس, تريد استخدام موارد النفط لصالح الشعب, لا تريد صرف ألف دولار كل دقيقة على نواب مجلس النواب والحكام في العراق, تريد الحرية الفردية والحياة الديمقراطية والثقافة الديمقراطية, تريد حرية المرأة ومساواتها بحقوق وواجبات الرجل, تريد الخلاص من حكم الطائفة, سواء أكانت شيعية أم سنية, وتريد حكماً وطنياً يحكمه مواطنون بغض النظر عن هويتهم الدينية والطائفية ويلتزمون مصالح الشعب, وبغض النظر عن الأسماء.
المظاهرات التي نؤيدها لا تلتزم بأجندات أجنبية أو حزبية ضيقة, بل هي وطنية صرفة وعراقية محلية, وهي بعيدة كل البعد عن دعايات البعثيين الصداميين وهيئة علماء المسلمين أو قوى القاعدة والقوى الرجعية, كما إنها لا تأتمر بأوامر علي خامنئي أو محمود أحمدي نجاد أو حكام السعودية والخليج أو سوريا, بل هم ينطلقون من مصالح الشعب العراقي لا غير.
نرجوكم كفوا عن عملية التشويش على مظاهرات الشعب والإساءة إليها.
كفوا عن تضليل الشعب العراقي بحكم فارغة لا معنى لها ولا تشبع الناس الفقراء زالمكويين بنقص الخدمات.
لكم الحق في الدفاع عن المالكي, ولكن عليه أن يدافع عن نفسه بأعماله وسياساته وإجراءاته لا بصدى صوته الذي يردده الآخرون وليس فيه من جديد يقنع الشعب بضرورة الكف عن التظاهر.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 21-02-2011     عدد القراء :  1999       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced