لاينفع عسل الوعود ولا امل في ترقيع الموجود
بقلم : علي عرمش شوكت
العودة الى صفحة المقالات

التغيير وليس الاسقاط للعملية السياسية، شعار معظم المتظاهرين في انحاء العراق، لكون الديمقراطية مكسب لا يمكن التفريط به، ويأتي التظاهر دفاعاً عنها، والشعارات التي ترفع تدلل على رفض التجاوز الذي حصل ويحصل على اسس الحياة الديمقراطية، وفقدان العدالة الاجتماعية وخرق الدستور من قبل الطبقة الحاكمة بالذات وليس غيرها، وتقوم المظاهرات على انها ممارست حق مكفول دستورياً لا يجوز لكائن من كان مصادرته، وفي هذا المناخ العاصف في عموم المنطقة العربية وما يجاورها ويشابهها في نمط الانظمة الاستبدادية، راحت الطبقة الحاكمة في العراق تتخبط في سياقات ثلاث.
اولاً: اظهرت كرمها غير المحدود بجملة وعود لا ضمان لتحقيقها في ظل هيمنة المفسدين على مرافق الدولة.
ثانياً: اضطرت الى اعتماد وسيلة الترقيع التي هي اضيق بكثير من فجوة الشكوى الجماهيرية .
ثالثاً: ظلت ممعنة في غيها التعسفي وذلك في تقييد الحريات باعلانها مزياداً من التهديدات بالمنع القسري للحقوق الدستورية بالتظاهر.
وبكل بساطة وبفهم سطحي لعقول العراقيين تقدمت الحكومة بالطلب  من المواطنين الصبر لمدة سنة !!، مصحوباً بعسل الوعود، آملة بزيادة اسعار النفط لكي تحقق على اثرها الرخاء والازدهار، متناسية بأن السبع سنوات الماضية كانت كلها معاناة وصبر جميل قد طفح فيهما الكيل، ولم  يبق لدى الناس شيء اسمه الصبر. حيث ما اهدر ويهدر من المال فساداً يعادل وربما يزيد على ما تراهن عليه الحكومة من ارتفاع في واردات النفط، التي لا ضمان للحصول عليها في ظل الازمة الرأسمالية الخانقة وتقلبات اسعار البترول، التي لا شك انها تحت رحمة الكارتيلات الرأسمالية النفطية الغربية.
وياتي الترقيع الحكومي هو الاخر فاضحاً ومجسّادً لتدن مستوى القدرة لدى اصحاب  القرارعلى ادارة اوضاع البلاد ومعالجة مشاكل العباد المستعصية. كانت قرارات البرلمان العراقي الاخيرة بتخفيض رواتب وامتيازات الرئاسات والنواب، قد شكلت جرعة علاج لكن كان قد فات اوانها، فاذا ما كانت اغلقت منفذاً واحداً لاستنزاف المال العام . ليس بامكانها غلق ثقوب فئران الفساد التي لا تعد ولا تحصى والتي ستهدم السد كما يقال. ان ثقافة الاستحواذ والنهب المنظم استشرت بين اوساط الطبقة الحاكمة، وارسيت قواعدها بما عرف بالمحاصصة، كما ان رقعة تخفيض رواتب الرؤساء والنواب ليست كفيلة بخلق قناعة لدى المواطنين بانها ستجلب لهم اي قدر من الخدمات او تعالج البطالة او تقضي على المفسدين باي حال من الاحوال.
كان نزول الجماهير في تظاهرات متذمرة من سوء احوالها العامة لا يمثل " الكي اخر العلاج "، انما هو نذير ثورة وتحذير لاصحاب القرار لعلهم يدركون، والامثلة صارخة في هذه الايام على انفجار غضب الجماهير المستغَلة، وكانت مطاليبها لم تقتصر على توفير الخدمات وفرص العمل وايجاد السكن الآدمي فحسب، بل سبقتها المطالبة بتغيير القوانين القديمة والجديدة الجائرة، وفي المقدمة منها قانون الانتخابات سيئ الصيت، وتغيير ومحاسبة المفسدين من رجال الحكم، وتغيير وجهة بناء الدولة العراقية بلجم العناصر الانتهازية الوصولية المزايدة المتلونة عن تجاوزاتها على الحريات التي كفلها الدستور، الذي هو الاخر تطاله المطالبة الجماهيرية بضرورة تعديله او حتى تغيره. لكونه جاء مختلاً، واسس في ظروف غير مستقرة، مما جعله يبقى بؤرة لانبعاث الخلافات والاستعصاءات في مجمل العملية السياسية وربما سيشكل مقتلها. اذاً  لا طعم لعسل الوعود ولا ينفع ترقيع الموجود، والتغيير هو المقصود.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 23-02-2011     عدد القراء :  2017       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced