درجة الإحساس بالمسئولية عن خطورة اعتماد حكومة المالكي على أساليب صدام حسين
بقلم : جاسم المطير
العودة الى صفحة المقالات

للمرة الأولى أصغي إلى صوت رئيس حزب الأمة السيد مثال الالوسي وهو  يقول كلام الحق ، في حال من الألم الشديد ،  على شاشة الفضائية ، الشرقية والبغدادية،  منتقدا أولئك الحكام الذين لم يجدوا حلا لشدائد أمور البلاد ولم يخلقوا لرعيتهم جوا من الاطمئنان  في الدنيا والدين.  ما أثار انتباهي في كلامه،  ليس في قوله الحق،  بل في شجاعته ، أيضاً،  برفع أصواتنا نحن المغيبين في الغربة الأوربية حيث تحيط بنا من كل جانب ومكان زهور الديمقراطية ، البيضاء والحمراء . لا تتسلل أية رصاصة ولا محاولة قمع أو منع لأية مظاهرة جماهيرية سلمية تنادي في شوارع أوربا وفي ساحاتها العامة . لم اشهد ولم اسمع عن أية آلية لغلق مقرات حزبية من قبل قوة بوليسية تابعة لـ(رئيس وزراء)  في عموم التاريخ الأوربي،  القديم والحديث.  بل لا يوجد أي ميكانيزم شائع الاستعمال حتى في بعض البلدان الدكتاتورية بالعالم الثالث غير ميكانيزمات متسترة ، على الأقل وراء قرار قضائي،  ذات تركيب وبنيان تسلطي مفتعل  في حالة الغضب الحكومي وتحجيم دور الأحزاب التقدمية .

في ذات اللحظة التي كان فيها يدلي مثال الالوسي باحتجاجه  عن جريمة التضييق، على مقر حزب الأمة وعلى مقري الحزب الشيوعي العراقي في بغداد،  كانت مظاهرة عراقية – عربية كبرى محلقة في مدينة أمستردام تستنكر فيها جماهيرها بصوت عال قمع المظاهرات في ساحة التحرير وشوارع البصرة والموصل والعمارة والكوت والناصرية وغيرها.  كان صوت المتظاهرين يسري متجها إلى العالم عبر موجات بحر الشمال بتأييد عارم لشباب مصر وتونس وليبيا واليمن، يحمل  أحلام العراقيين المتطلعين إلى إقامة دولة عراقية ديمقراطية لا يسرق فيها النفط والمال العام ولا يستباح حق المواطن في العمل والسكن والعيش الحر الكريم  ولا يقمع فيها رأي .

أي زمان مخشخش يمر في بلادنا هذه الأيام . يمنعون فيه المواطن العراقي من حرية التعبير والتظاهر ، بينما نشهد مدنا كبرى مثل أمستردام وكوبنهاكن وبرلين ولندن ومشيكَان وغيرها من عواصم الدنيا توفر حكوماتها وشرطتها  كل شيء من اجل حق العراقيين الغرباء في التعبير عن رأيهم في مظاهرات الشوارع العالمية، بل أننا نشهد في هذه اللحظات نهضة عالمية في مجلس الأمن الدولي وخارجه استعداد عسكريا عارما لتأديب الدكتاتور معمر القذافي واستئصاله من جذوره لمساعدة الشعب على نيل الحرية.

أي زمان هذا ، وأي شكل ديمقراطي يدّعون به ، يجري في العراق،  حيث يضيقون على فعاليات وطنية تقوم بها بوسائل سلمية ومشروعة ضمن نشاطات الأحزاب الوطنية والديمقراطية ويغلقون مقراتها ، لأنها أيدت أو شاركت أو دعمت المظاهرات والمتظاهرين الشباب ، لتضييق حرية القول والتعبير والتظاهر في محاولة لا يعيها القائمون بها بأنها قد تؤجج انفعالات القاعدة الجماهيرية في الشارع العراقي ..؟

هنا أحيّ موقف رئيس حزب الأمة  فقد عبر صوته الشجاع بالحق إلى كل الدنيا أشعرنا بالفخر الكبير رافعين رؤوسنا بالكرامة حين أقبل كلامه لكشف أساليب النظام العراقي المؤتلف مع نظام قمع بوليسي بشع كان يمارسه نظام صدام حسين،  الذي تداعى إلى مزبلة التاريخ.  كان مثال الالوسي قد أوصل صوت احتجاجنا عما يعانيه العراقيون، الفلاحون والعمال والخريجون العاطلون والنجارون وعمال البناء وغيرهم ، وعن حقوق المرأة، التي ضاعت في ألق عصر الحرية والديمقراطية السائد في سماء البلدان المتقدمة.

الهواء الوليد في ساحة التحرير الذي عرف لتوه طريق الانعتاق من قهر الحكام المتخلفين سينتشر حتما بألوان العاصفة القادمة التي ستتأثر حتما وتؤثر بالنسيج المريض لجميع الأنظمة العربية إذ لم يفهم الحكام العراقيون واقعها حتى هذه اللحظة  رغم تهاوي بعض نماذجها القوية في ممارسة العنف ضد الجماهير ، كما في  تونس ومصر وليبيا .

لقد طالب زعيم حزب الأمة العراقي مثال الآلوسي، الأسبوع الماضي ، رئيس الجمهورية جلال الطالباني ومجلس النواب العراقي بسحب الثقة من الحكومة الحالية التي يرأسها نوري المالكي، متهماً الأخير بإقامة "دكتاتورية جديدة لا تختلف عن دكتاتورية صدام حسين".

بهذا التصريح بدا للسيد مثال الالوسي أن أمراض حكومة نوري المالكي الثانية غير قابلة للشفاء ، وهي غير المكتملة التكوين رغم مرور أكثر من عام على إجراء الانتخابات البرلمانية.  لم يستطع  رئيس الوزراء تخطي الأبعاد التدميرية الملموسة في الدولة العراقية،  إذ أن جميع الإجراءات الترقيعية لا تقدر ، بكل الحالات أن تحل أنسجة سليمة  جديدة محل الأنسجة الفاسدة القديمة،  كما لا تؤدي خططها الناقصة ، العاجزة ، إلى شفاء الحالات السياسية المـَرَضية المستعصية،  التي لا تزيل حالات الألم والتوتر والتعاسة في المعاناة الإنسانية في كل الأوضاع العراقية والاقتصادية والاجتماعية وليس فقط في مستوى حق التعبير والتنظيم.

تكشف ، كل يوم ، كاميرا القنوات الفضائية التي تبث صورها عن مشاهد البؤس الحالي بمساحات كبيرة في المحافظات العراقية ، بمدنها وأريافها ، حيث يتظاهر ، يوميا ، آلاف الناس الجياع والعاطلين والمظلومين.  يبدو من خلال البرامج ونشرات الأخبار والمتابعات أن كل أجهزة الدولة البوليسية والإعلامية قد أدمنت على أساليب القمع الوحشي واستخدام الرصاص الحي  تارة ، وعلى أساليب التصريحات الصحافية الافيونية والمنومة بقصد إيقاف انتفاضة الغضب الشعبي وامتصاص سلوكياته السلمية في الشارع العراقي، تارة أخرى.

إن اعماق الصوت المرتفع في الشارع العراقي المتظاهر لا يكون كاملا أو متكاملا ما لم يرتفع صوت النخب الثقافية والأحزاب السياسية والكتل النيابية ليكون دافعا حقيقيا للمجهود الجماهيري في الشوارع العراقية بهدف إيقاظ البرلمان ورئاسة الدولة وتكبير دورهما للانتباه إلى حقيقة ما أشار إليه مثال الالوسي إلى خطر جديد منتعش بسياسة    "رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي الذي  ينفرد بالسلطة ويحارب الأحزاب الصغيرة، كما يمارس دكتاتورية لا تختلف عن دكتاتورية نظام صدام حسين"

في ظني وتقديري انه سيأتي يوم قريب لا تكون فيه حالة أخرى غير ظهور واقع جديد لا تهيئ حياة الدورة الكاملة لحكومة نوري المالكي الثانية إذا ما أصغى برلمان العراق ورئيس جمهوريته لصوت الجماهير الشعبية المرتفع بشعور عميق وبألم عميق.. عند ذاك تكون الثقة برئيس الوزراء قد انعدمت تماما لأن نوري المالكي لا يريد التعلم من دروس التجارب الشعبية بل يواصل البحث عن ممارسة  الأساليب المخفية في السيطرة على حكم البلاد ، غير البعيدة عن أساليب دكتاتورية صدام حسين المعتمدة على الترغيب والترهيب.

  كتب بتأريخ :  الأحد 20-03-2011     عدد القراء :  2058       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced