أرواح ضحايا حلبجه تبكي قتلاها الجدد
بقلم : هادي الخزاعي
العودة الى صفحة المقالات

حلبجه .. مدينة نكِبً أبنائها في الرابع عشر من آذار عام 1988 بضرب النظام الفاشي البعثي لها بالأسلحة الكيمياوية . ومنذ ذلك التأريخ صارت حلبجة المدينة الصغيرة الوادعة تعيد نفسها في كل ربيع جديد كعنقاء تنهض من رمادها ، حتى صارت مزارا للناس من كل الأجناس ، من أجل ان لا يتكرر مشهد الموت الجماعي ، ليس فيها فحسب، ولكن في كل البقاع التي يسكنها بشر مقبلين على الحياة ، وقد زينت أبواب بيوتهم وشبابيك واجهاتها ببسمة لطفلة تحمل دميتها، او عجوز تنادي على طفل يلعب ، او شيخ يتشمس ، أو أمرأة تخبز .

وسط ربيع هذه الأيام ، وفي غمرة تزامن سنوية الموت الذي نزل على حلبجه من السماء ، جاء الموت على أبنائها من الأرض ، بعد سقوط عدد من القتلى والجرحى في تظاهرة يفترض إنها كانت سلمية تطالب ببعض الأصلاحات . فهل نبكي ضحايا حلبجة ، أم تبكي علينا الضحايا ؟؟!!

تقول الأخبار عن ألسنة مصادرها حسب ما نقلته السومرية نيوز ، أن واحدا من شرطة محافظة السليمانية أًسَرَها بأن " 11 شخصا ، غالبيتهم من المتظاهرين ، سقطوا بين قتيل وجريح في إشتباكات مسلحة مع قوات الأمن الكردي ( الأسايش ) في قضاء حلبجة جنوب شرقي السليمانية . ويضيف المصدر : ـ إن نحو من ألف شخص خرجوا مساء اليوم الثلاثاء 22 آذار ؛ في تظاهرة للمطالبة بإصلاحات حكومية ومطالبتا بمحاربة جدية حقيقية للفساد والمفسدين .
وعلى نفس الصعيد نقل التلفزيون العراقي عن وكالة رويترز خبرا يقول إن أثنين من رجال الشرطة قد قتلا في اشتباكات مع متظاهرين في منطقة كوردستان التي شهدت في الاسابيع الماضية احتجاجات للمطالبة بالحريات والقضاء على الفساد استلهاما من المظاهرات التي عمت كل المنطقة ومنها العراق .

إن من الطبيعي أن تخرج تظاهرة ، صغيرة كانت أم كبيرة ، تحمل مطالب محددة وهي تجوب المدينة ، وليس مهما أن تحميها الشرطة أو لا ، لكن ليس من الطبيعي أن يسقط من بين الشرطة أو المتظاهرين، قتلى وجرحى ، بغض النظر عن أي سبب ، ومهما كانت التبريريات !
فالتبريرات تكون غير مقنعة حين يكون هناك ضحايا قتلى أو جرحى ، كتلك التي أوردها قائم مقام قضاء حلبجه السيد كوران علي في تصريحه لنفس الوكالة " أن عددا من ما يسمون انفسهم بالمتظاهرين ، اطلقوا النار اليوم ، من اسلحة رشاشه ( كلاشنكوف ومسدسات ) على عدد من عناصر الشرطة وسط حلبجه ، ما اسفر عن مقتل شرطي وإصابة إثنين آخرين بجروح متفاوتة " ثم أضاف حسب السومرية نيوز " إن القائمقامية لم تمنح أية رخصة لتنظيم التظاهرات في القضاء . "
أن كان السبب في هذا الموت والدم الذي نزف سواء من الشرطة او المتظاهرين هي رخصة تنظيم التظاهرة ، فتلك مصيبة ، وإذا كان أو كانت هناك أسباب أخرى خافية ، فالمصيبة أعظم .

وفي حالة عدم وجود رخصة للتظاهرة فعلا ، فمن الطبيعي أن يقبل المشاركون في التظاهرة إعتراض الشرطة ـ ولا أدري لماذا يتدخل في ظرف كهذا الأمن (الأسايش) ـ وكان يجب أن يصل الشرطة والمتظاهرون الى إتفاق يزيل أي سوء فهم بينهما ، كان من الممكن تجاوزه ، وذلك عبر التفاهم على ما هو مشترك بينهما .
ولكن ليس من الطبيعي على الأطلاق أن يطلق المتظاهرون النار على الشرطة إن صح قول السيد كوران علي . لأنهم بذلك يعرضون صفة التظاهرة السلمية للخطر وعدم المصداقية ، حين يحولونها من مسيرة سلمية مبرره ، الى مسيرة عنفية لا يمكن أن يبرر عنفها .

ومن الملاحظ من خلال ما قالته الأخبار؛ هي أن مطالب المتظاهرون كانت مطلبية إصلاحية في جوهرها ، فلماذا يتطير منها رجال الأمن ، وتستنفر لها الشرطة ، ولماذا لا تسمعها حكومة الأقليم ، وتدقق في أسباب إثارتها، ليتسنى لها أن تعالجها بشكل ديمقراطي وحضاري ، يتناسب والدعوة الدائمة التي تتبناها الإدارة المحلية لإقليم كوردستان بإعتماد الطريق الديمقراطي لحل الخلافات ، وقد ساهمت اعتمادا على ذلك الأسلوب الحضاري والناجح ، بمعالجة الكثير من المشاكل التي واجهتها ، ليس فقط على مستوى الأقليم ، وإنما أيضا على صعيد الحكومة المركزية أيضا ، فليس الأصلاح سَوءةٍ او سُبةٍ ، ولكنه في مسار إدارة الدولة ، يمكن أن يكون علاجا للعديد من المشاكل الأجتماعية والأقتصادية ، على الأقل من أجل أن تتوقف الأحتقانات في البنية المجتمعية ، والتفرغ للسير بالأتجاه السلمي في بناء المجتمع .

أن الأصلاح حسب التعاريف السياسية العلمية هو عبارة عن شكل من أشكال التحويلات الأجتماعية التي تجريها القوى الحاكمة بغية حل تناقضات معينة في الحياة الأجتماعية والأقتصادية .
ومما يجدر ذكره إنه مهما بلغ المطالبين بالتغيير من ثورية ، فهم لا يمكن أن ينكروا الدور التقدمي للأصلاح ، فالأصلاحات كما قال لينين نوع من أنواع الأرتقاء ، وهي نتاج ثانوي للنضال الثوري .
وحتى مسيرة الغرب بكل تأريخه المشوب بالأستغلال ، قائم في أغلبه على الأصلاح في الميدانين الأجتماعي والأقتصادي .

إذن فليتم سماع الجماهير وهي تفكر بصوت عال ، فحين تفكر الجماهير في أتون الصمت ، لا يتوقع حين تصرخ أن يكون صراخها مجرد صدى من أجل مطالب محددة ، بل سيكون صراخا من أجل التغيير .

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 23-03-2011     عدد القراء :  2046       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced