التبغدد .. حركة اجتماعية جديدة ! ...
بقلم : خلدون جاويد
العودة الى صفحة المقالات

" إن إعادة التغني بقصيدة يادجلة الخير للجواهري قد أوحى لي باقتراح حركة اجتماعية تدعى التبغدد ! " المقالة مهداة الى كل عشاق بغداد وشعرائها ، وأخص منهم الشاعر المبدع أبا زيد " .

نحبك ِ يابغداد التحليق .. ونعني تحليقة السمكة الطائرة التي تحاول مفارقة الماء . السمكة التي تحدث عنها الولهان نيكوس كازانتزاكي وهو يرصدها مسكونة ومجنونة بالطيران .. ونعني النزوع البغدادي نحو الثقافة الحرة المتمردة على الخرافة نحو بغداد العلم والتجدد نحو ماهو مؤتلق ومتألق .. بغداد الاناقات ، الجسور نحو الغد ، البساتين ، ضفاف الأنهار ، وليالي الأقمار، بغداد المباهج والأتكيت واللباقة واللياقة ...الترف المادي والروحي . حيث جمال ليالي بغداد وترفها وترافتها وهي تعبق بالكأس والغناء .. بالنوادي والمسارح ودور العرض السينمائي .. بغداد التي تنشد الحضارة وتخرج من رتابتها وتتلاون بالموضة بطريقة الملبس والمأكل المختلفة والمتجددة .. بغداد الشبيبة المقبلة على الحياة بالحب بالعشق بغداد الزمن الجميل البهجة السفرات الكسلات بغداد الخارجة على المألوف والمنتشرة لابين الشباب المتـّهمين بالعقوق والنزغ بل لقد مشى التبغدد حتى في البيوتات المحافظة الكبيرة فراحت تنشد حب الحياة وتخرج من قوقعتها نحو الحرية والحرية النسبية .
ان معلقة يادجلة الخير هي لحن الخلود ومجد التغني بعاصمة الحياة والحراك الاجتماعي فيها وميلها نحو المباهج وكيف يسري العشق في اوصالها :

يااُم بغداد من ظرف ومن غنج
مشى التبغدد حتى في الدهاقين ِ

وما أروع ان يستحيل هذا البيت الشعري الى حركة اجتماعية تدعى التبغدد لتعم بغداد ودهاقينها لا بل العراق أجمع .. تكسر قواعد الظلم الاجتماعي تهدم سدود الأخلاق الرثة السائدة التي أغلبها محض هراء وخنق للحريات وتأبيد للكبت والممنوع . الحرية الإجتماعية وحدها بحاجة الى مظاهرة .. مظاهرة ضد الموضة الواحدة والزي الواحد والاطار الفكري الواحد والمسار والسكة الواحدة ضد زراعة ورد بلون واحد ! ... لابد لابد من الخروج على الطاعة ... العقوق هو الحراك الطاعة هي السكون . لاوجوب لسكون مدى الدهر على فكرة واحدة ودين واحد ومذهب واحد وفلسفة واحدة ... هناك منتفعون من وراء هذه التقليعات السياسية المغرضة بل المجرمة لابد لابد من عدم الموافقة ... الرفض ... التمرد ... لابد من حركة تبغدد ..
حركة تبغدد ليست حزبا .. لتشكل سكرتيرا يتصدر ومن حوله مجموعة من البدي كاردية ... التبغدد فكر وسلوك يحمله الفرد ويدعو له بل يناضل من أجله ... ليعيد لبغداد ذاكرة الفرح ... مجدها في السلام والصداقة ... في الثقافة المتعددة ... ثقافة بلا حدود .. بغداد في سهلها الممتنع . البساطة والأناقة في اسلوبها البغدادي لا المفروض عليها من أية دولة جوار .. لا الدين لا المذهب لا الحزب ، بغداد وحدها لها دينها ومذهبها وحزبها .. بل لادين ثابت لها ولامذهب خالد ولاحزب جامد .. بغداد الحراك المستمر والمتطور والعابر للافكار والمتجاوز للجمود بل التبغدد بمعناه اللاثبوت على لحظة ساكنة أي انها ابنة الجديد المتغير .. ابنة آخر موضة ! ..
بغداد الحلم .. لكنه حلم يتحقق بمجرد أن نؤمن أننا لسنا عبيدا لغيرنا .. وهنا العتاب المرير ... وكعب أخيل الطليعة المثقفة من ابناء بغداد .. ان حركة التبغدد تنادي عليكم وتهيب بكم من اجل الدفاع عن هوية بغداد في حق الحرية الشخصية وعدم فرض الإجبار الديني والارغام المذهبي والحزبي عليها .. ان ترسانات عظيمة انهارت وستنهار لأنها مارست الإجبار والتبعيث والقسر في كل مجال .
ان الخطل الاخلاقي والوجودي هو أن يشبه المرء أباه .. ويبقى هكذا أبدا ً ان حركة الأجيال تختلف بين حقبة وحقبة ويقينا أننا لانشبه أجدادا لنا عاشوا في العصر الحجري ! .
لا للتحجّر الفكري لا للأصنمة لا للقولبة لا للتعليب الفكري لا للتقيد الايديولوجي لا للعمى والتعميم .. لا للسجون والمعتقلات السياسية والثقافية لا للرقيب ومقصه الصدأ الذي لم يعد يصلح للحياة .
حركة تبغدد هي حركة التغني بالزهو لا بالماضي كوارث َ وحروبا وانتماءات ... انها الباحثة عن عبق اجمل ما في التاريخ لتمتد به كما امتد شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري مناغيا دجلة الخير :

" يا اُم تلك التي من ، الف ليلتها
للآن يعبق عطرٌ في التلاحين

إن الأصالة المنشودة هنا ، هي المباهج لا المراثي ، العطر لاجيف الحاضر حيث بغداد عاصمة المزابل ! التلاحين لا الأناشيد الدينية المعادة مليارات المرات .. والتلاحين لو يفهم الغبي ليس لحنا واحدا مملا مكرورا . نعود للعظيم الشاعر الخالد الجواهري وهو يناجي دجلة الخير والجمال

يا مستجم النؤآسي الذي لبست
به الحضارة ثوبا وشي َ هارون ِ

هنا الاستجمام .. حب الحياة الاحتفاء بها .. لم يتطرق الجواهري هنا الى الاحترابات المذهبية ولا الحروب والاحقاد .. لقد ذهب الى الاسترخاء .. الى العشق .. وأبو نؤآس هنا فلسفة وليس مجرد كأس وحرية فردية .. هو اختيار الدنيا جمالا .. هو مجانفة القتل وتلغيم النفوس . الحياة دجلة الخير في حالة من الاستجمام وهذا ما عجزت عنه الأحزاب السياسية ومهارشات الديكة الكبار .
ثوب الحضارة هو المتجدد بألوانها المختلفة لا بزيها الموحد حزبيا كان ام دينيا

الغاسل الهم في ثغر وفي حبب
والملبس العقل أزياء المجانين ِ

الخروج على العقلنة في حالة من التحجر و مشاكسته بنقيضه .. مناكفة الوقار بالطفولة .. وملابس الامبراطور بالرفض اي مناقضة الوهم بالحقيقة .. و مخالفة شقاء النهار بطراوة الليل .. وكسر البارد بالحار والحار بالبارد .. ومزاوجة الموجب بالسالب والسالب بتوقه المرير الى الموجب وعجن المؤنث بالمذكر ! والمذكر بالمؤنث .. وإلباس العقل المجانين .. أي الخروج على لحظة عاقلة بحضور " الأخوات الشيطانات " .
يالروعة الجواهري هنا .. انه لم يقل بابدال العقل بالجنون بل بإلباس العقل أزياء المجانين . هنا الجمال أن أجد واحة لي استرخي فيها بما اختار من نقائض.
هنا أجد لي واحة امارس نقائضي فيها بعيدا عما هو سائد وبدون من ينغص علي ويأمرني بالمشي وفق سكته والتصرف وفق رؤيته والتفكر حسب فلسفته . سيكون الموت أهون من الحياة .
انهم يقتلون ويغتالون ويمنعون ويفجرون ويمسحون هوية بغداد بالأرض . انهم يمزقون هويتها المزركشة بكل الألوان والاطياف والأضواء والأصداء .

والساحب الزق يأباه ويُكرهه
والمنفق اليوم يفدى بالثلاثين ِ
والراهن السابري الخز في قدح ٍ
والملهم الفن من لهو ٍ أفانين ِ
والمسمع الدهر والدنيا وساكنها
قرع النواقيس في عيد الشعانين

إنها الحياة الانتشاء وفضاءآت الفن ووشي الحضارة والأصداء الكونية للأعياد في المحبة والتسامح والتعايش . من هنا استنبط الجواهري العظيم فلسفته بعيدا عن الاسلوب النوائحي والحزايني وتلوين الحياة بالحداد والسواد .
من هنا نعشق الجواهري وننحت له تمثالا فخما ونبقي على كل آثاره من منجز ثقافي وبيت كان يسكنه ومقهى يرتادها . من هنا نحب تمثال أبي نؤآس هيبة وفخامة ورمزا للتحليق والفرح والغزل والانتشاء .. للحرية الشخصية . من هنا نريد لبغداد ان تفرح وتتبغدد بالعلاقات الانسانية بالتنوع الديني والمذهبي بالتعدد الحزبي . نريد بغداد حرة لا حكومة تجور على خاصتها في التمرد والمراح والمشاكسة ولا سلطان يصدر الفرمانات ليدبغ ظهرها بالسياط وخدها بالصفعات . ولا ميليشيات تفجر ملاذاتها واديرتها ونواديها وجنائنها وواحات انتشائها .
حركة التبغدد ورقة على طاولة ... انها فكرة ترمي الى التشكل في صيغة جريدة او رابطة او نادي او مجرد حركة فيسبوك .. نداءات وقصائد واغاني تدعو الى الحرية . ان التبغدد شوكة في عيون الحيزبونية والقصخونية . انها وردة في طريق الحرية الفردية والاجتماعية .
من سيقود حركة التبغدد ؟ أتمنى ان يقودها أحد الشباب وأن يطلق لها موقعا على الفيسبوك أو ان يتناولها حزب ليبرالي ليصدر لها مجلة ويشرح لها فلسفة . وان تتحول الى منشور مشاكس ضد الحزبية والايديولوجيات العبودية .

*******
1/5/2011

توقٌ أخيرٌ

" التبغدد وسام للشاعر محمد مهدي الجواهري على صدر حرية العراق والعراقيين ". التبغدد حركة بلا قائد بلا جريدة بلا تجمع شبابي والسؤآل هل من مبادر ؟ لتأسيسها ؟ .
ِ

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 03-05-2011     عدد القراء :  2207       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced