مشاهدات حية
بقلم : وفاء الربيعي
العودة الى صفحة المقالات

تعمدت الخروج كل صباح مبكرا كأنني ملتزمة  بعمل رسمي , وتعمدت ان  اتنقل  بواسطة الكيات
لاكون مع الناس من ناحية ومن ناحية اخرى لتوفير اجرة التكسي فهي وحالة الازدحامات في شوارع
بغداد تصل بنفس الوقت التي تصل  فيه الكيات , اعادتني هذه الحالة الى السبعينيات  عندما كنت اخرج
الى عملي كل صباح , المشترك  الذي ادى الى سقوط دموعي في اغلب هذه الصباحات  هو عبوري
الجسر واستنشاقي نسمات دجلة , فقد كنت اتعمد ان افتح  نافذة السيارة رغم تذمر  بعض الفتيات لان
الهواء سيغير من تسريحة الشعر.
المشترك الاخر هو صوت فيروز وهي تصدح باغانيها التي كنا نسمعها وما زالت لهذا الوقت , اسعدني
ذلك ففيروز ما زالت هنا تُسمع .
تذكرت حينها ونحن في الانتظار نتيجة الازدحامات انني كنت في السبعينات اخرج الساعة السادسة
والنصف كي اصل الى عملي وعندما يشتد الازدحام في منطقة العلاوي اضطر لمواصلة الطريق
سيرا  الى ان اصل الى دائرتي عبر الشواكة وعبور جسر الشهداء مرورا بسوق السراي فالقشلة
حينها لم يكن هناك نقاط تفتيش ولا عوارض كونكريتية  ............
الشيء الا مشترك هو كثرة المتسوليين  فتراهم عوائل بكاملها تمارس هذه المهنة  ففي أحد الايام وانا في
طريق عودتي الى المنزل بحدود الساعة الثانية والنصف ظهرا اثار انتباهي  منظر احداهن  وهي تجلس
امامي في نفس (الكية )  اخرجت كيسا  اسودا وافرغت ما فيه من نقود في حجرها وبدأت بعزلها  وثم صفها
وعدها , انبهرت انا فقد جمعت الكثير , انتبه لي احدهم فقال لي  هل لديك  ما لديها الان فهي لاتقبل باقل
من 100 الف يوميا , نظرت اليها اثارني طريقة رسم حاجبيها  بشكل جميل وملفت للانتباه , فهل من هي محملة
بالهموم وظنك العيش تفكر بالنظر الى نفسها بالمراة ووضع كحلة العين وهي خارجة ( للجدية) ............
وفي ذات يوم ونحن في الكية ايضا كان رجل عجوز يرتدي دشداشة وسترة قديمة قال للسائق ليس لدي نقود كي
ادفع الاجرة وياريت لو احد الخيرين يدفعها بدلي , الخيرون كثر فبدل الالف صار عنده عشرة الاف
تشاء الصدف  ان تجمعني به في نفس اليوم  في كية اخرى واذا به يقص نفس القصة لكنه هذه المرة لم يحصل
على عشرة  , تبا للنصب والاحتيال فهؤلاء في الكيات واولئك في مناصب اخرى........................
في بغداد وانت في طريقك الى مقر عملك وبالعكس عليك ان تضع في سيارتك الخاصة  كم الف  خردة,
وتعود محملا بمعطرات السيارات والكلينكس , فاطفال العراق تركوا مدارسهم وامتهنوا التجوال بين السيارات
في المناطق المزحمة وهم يتوسلون اصحاب السيارات الخاصة كي يبتاعوا لهم معطر سيارة او علبة كلينكس
الف شكر للجهات المسؤولة.................
في بغداد بعد ان عمّ الله عليها بالمطر صار لزاما عليك ان تجد طريقة للعبور من هذه الضفة الى الضفة الاخرى
وصار عليك ان تضيف الى ميزانيتك مبلغ شراء قاتل الحشرات الذي تجمعت في برك المياه وان يأخد الاطفال
الذين يسقطوا امام عينيك في  الوحل , ملابس احتياطية يستبدلونها عندما يصلوا الى مدارسهم او يبقوا على هذا الحال
الى ان يعودوا  الى منازلهم وشكرا للمحافظة ......................
كتبت موضوعا وهو مشاهدة حية لموقف في احدى دوائر الدولة , بينت فيه تصرف احدى الموظفات  معي
بالتفصيل , قدمت الموضوع لاحدى الجرائد , لم ينشر وعندما سألت عن السبب اتضح لي بانه عندما ننتقد
يجب ان ( لا نروح زايد ) يعني لازم نجامل ...................
اجمل ما في نقاط التفتيش  هو عندما ترى احدهم يحمل جهاز الكشف عن العطور بدل  الكشف عن مبيدات البشر
وهو موجها الى الارض او الى الجهة  الاخرى وعلى وجهه ابتسامة تضيء ايامه  وهو يتحدث في نقاله
مع ........................
تمنيت حينها ان يوحد قلوبنا الحب لتعم السعادة
ما اسعدني هو اصرار الفرد العراقي على التحدي , تحدي كل مصاعب الحياة , انقطاع التيار الكهربائي , سوء الخدمات
البطالة , الفساد في نواح عديدة , الموت الذي ينتظرهم في  كل وقت بسبب عبوة ناسفة  ......
الا انهم مستعدون للفرح وما اجملهم عندما يفرحون  , عندما يفرحون تتفتح الزهور وترقص الحمائم  ويتطاير عطر
السعادة لتدمع من الفرح العيون.
افلا يحق لهذا الشعب ان يفرح على الدوام .....ومتى سيتحقق هذا اليوم..... ومن سيأخذ على عاتقه مسؤولية اسعاد الشعب العراقي ,
فهل من مجيب ...................................؟

  كتب بتأريخ :  الخميس 12-05-2011     عدد القراء :  1857       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced