يخدم من هذا التراشق يا ساده ؟!
بقلم : هادي الخزاعي
العودة الى صفحة المقالات

تصاعدت في الأيام الأخيرة حملة تراشق كلامي ثقيلة لا يتمناها أحد ، بين السيد المالكي رئيس الوزراء والسيد علاوي رئيس كتلة القائمة العراقية . ويأتي هذا التراشق بعد رسائل متبادلة نشر فيها أحدهما الغسيل السياسي المتناطح للآخر ، حتى بدت إنها اشبه بتصفية حسابات شخصية بين الأثنين أكثر منها ممارسات نقدية لأصلاح ذات البين السياسي بينهما من أجل أن تسير القاطرة البطيئة أصلا للعملية السياسية في العراق على السكة التي يمكن أن توصلها الى محطة آمنة مستقرة تتحقق فيها ولو جزءا من جملة المطالب التي نادت بها جماهير الشعب العراقي المتضررة من هذا الوضع المأزوم والملتبس الذين يتعاملون به أصحاب القرارات ، ونخص منهم قيادي الكتل السياسية التي فازت بأصوات الناخبين ، السيدان المالكي وعلاوي ، وبدلا من تبرير هذه الثقة العمياء التي وضعها الناخب فيهم ، نراهم يديرون ظهورهم ، كل على طريقته للناخبين ، ولم يبقوا لهم من هم سوى تحقيق المصالح لهم ولكتلهم ، وكأن البقية الباقية من الشعب العراقي لا يعدو أن يكون غير جسرا للعبور الى ضفة المصالح ، أو إن هؤلاء الناس دمية يتلاعبون بها وفقا لتلك المصالح التي البسوها قسرا مقاساتهم هم ، وليس مقاسات مطالب الناس . وبهذا الخصوص كتبت صحيفة بدر تعليقا لرئيس تحريرها قالت فيه ( المفارقة أن هذه الرسائل أتخذت طابعا شخصيا بين زعيم إئتلاف دولة القانون وبين زعيم إئتلاف العراقية ، بينما تأثيراتها تكون لها تداعيات على الواقع السياسي العراقي )


هذه التراشقات بين الأثنين جاءت لتستكمل مسيرة التراشق بالرسائل التي تزامنت مع دعاوى علاوي بتنصل المالكي عن أتفاق أربيل وعدم الأنتهاء من تعيين وزراء للحقائب الأمنية ، بالأضافة الى الموقف المتشدد من العراقية ضد إختيار خضير الخزاعي صاحب التهديدات النارية ، كنائب ثالث لرئيس الجمهورية ، تلك التهديدات التي كما يبدواقد أجبرت العراقية وبقية مجلس النواب على انتخابه نائب للرئيس ، ضاربين عرض الحائط بدعوة المرجعية بعدم الأكثار من المناصب لأنها تصب في ترهل الحكومة وترهق خزينة الدولة بتكاليف مالية باهضة غير مبررة . وصار الخزاعي نائبا بموافقة العراقية التي أستدارت 180 درجة عن موقفها برفض الخزاعي التي تمتلك فيه ذلك كل الحق .

إن هذا الأنتقال السريع من موقف الى آخر لا يشكل موقفا انتهازيا ونفعيا كبقية الكتل فحسب ، ولكنه يشكل أيضا أرتداد عن الموقع القوي الذي تنطلق منه القائمة العراقية في كل محاججاتها وأعتراضاتها بحكم عدد المقاعد التي لها في البرلمان ، فتترك خلفها من التداعيات ما يؤسس لأزمات كبيرة وخطيرة ، ومنها أزمة التراشق القائمة الآن . لذ فمن المجدي للعراقية أن تأخذ دور المعارضة البرلمانية ، فهو أصلح لها وللناس إذا كانت لا تجد لديها القدرة على مواجهة المالكي الذي يبدوا أنه ماسك بخيوط اللعبة في العملية السياسية بكل قوة .

ومن لا يتفق كليا مع ما قالته السيده أشواق الجاف النائبة عن التحالف الكوردستاني " لا يليق بقادة لهم وزنهم السياسي في العراق أن يقوموا بتبادل الرسائل بدلا من الجلوس بشكل مبائر على طاولة واحدة لمناقشة الخلافان "


لقد كان لهذه التراشقات وقع غير مرضٍ لدى العديد من أبناء الشعب العراقي ، سواء التي تعكسها الفضائيات ، او التي تسربها الصحافة ، فقد وصف السيد حسن علي دراج رئيس المجلس الثقافي في واسط هذه الحوارات بالمتشنجة التي يمكن أن تقود البلد الى الهاوية كما جاء في راديو (سوا) .

أما زميله المحلل السياسي عامر القريشي فقال إن السجالات الجارية بين السياسيين سببت حالة من الأرباك لحياة المواطنين ، وطالب الكتل السياسية في البرلمان التخلي عن مصالحها الذاتية والآنية قبل فوات الأوان ودخول البلد في أزمة جديدة .


أما سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي حميد مجيد موسى فقال في تصريحه يوم 12 أيار لجريدة طريق الشعب عن هذه التراشقات " إنه أمر مؤسف ومؤذ " وأضاف " التوافق بين القوى المتنفذة يتسم بالهشاشة ، والحل الأسلم والطريق الأضمن لوضع العراق على طريق الأستقرار والأمان والبناء والتنمية الديمقراطيةالحقيقية والتقدم ، يتمثل في أعادة النظر بمسيرة العملية السياسية وإصلاحها وتخليصها من المحاصصة الطائفية ، وإعادة الأعتبار لمبدأ المواطنة "


وكان للمحلل السياسي الدكتور عامر حسن فياض بهذه القضية رأيا أيضا إذ قال لصحيفة طريق الشعب " إن هكذا تجاذبات بين شركاء العملية السياسية ، تثار لمصلحة الجميع بإستثناء العراقيين " ويضيف إن " المواطن العراقي سيكون التضرر الأول ، وإن هذه التجاذبات دليل صارخ على عدم الثقة بين فرقاء العملية السياسية "


ووزير الثقافة الأسبق وعضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي قال لأور نيوز اليوم الجمعه 13 أيار حول نفس الموضوع " يفترض بالقادة السياسيين المتنفذين وأصحاب القوائم والكتل الكبرى أن يلاحظوا مآل البلد في هذه الأيام، وأن يقوموا بالبحث عن كل ما يجمعهم ويجمع جهودهم لأخراج البلد من الأزمة "


وبحسب العديد من المتحدثين ، من صحفيين وعمال وكسبة وموظفين وعاملين في مؤسسات المجتمع المدني التي أجمعت أحاديثهم على إن المشهد السياسي العراقي يتسم بخلافات شديدة بين سياسيي الكتل الكبرى حول المناصب الحكومية ، لاسيما الأمنية منها ، كما إن هذا المشهد ضج بالكثير من الأتهامات المتبادلة حول هذا المنصب أو ذاك ، بالوقت الذي يعاني المواطن من حالة ترقب متسمة بالقلق لما ستكون عليه الأيام القادمة أو المستقبل القريب والبعيد .

أنه القلق المشروع من قتامة القادم الذي بات يلاحق المواطن ككابوس دموي مع كل اهتزاز بالعلاقة بين أقطاب الكتل الكبرى ، والتراشق لايزال على أشده ، وربما وصولا الى أن تكشر المحاصصة الطائفية عن أنيابها كلها ، فعندما تحدث المالكي امام الكامرات وقال بكل وضوح ان حقيبتي الدفاع والداخلية ليست لقائمة انتخابية معينه ، ولكنهما لمكون معين في القائمتين .


وهكذا حين تكون الأختلافات قد تجاوزت مرحلة الخلاف ، فإن مساحة الحلول تستحيل الى نقطة تتلاشى مع كل أصرار معرقل يمارس في العملية السياسية ، ولهذا فإن هذا التراشق لايقلل مسافات التوصل الى حلول مشتركة ، ولكنه أيضا يبعد بينهما ، لتصبح كل إمكانات تذويب الحواجز المصطنعة التي رَبَتَ على كتفها بول بريمر ؛ قد تحولت الى سد يمنع على العراقيين أن يعيشوا بسلام وأمن ، ويقلل من الفرص التي يمكن أن تبني العراق ، وعندها لا يكون الخاسر في هذا التراشق المؤسف والمؤذ على حد تعبير حميد مجيد موسى ، غير الأنسان العراقي الذي يدفع منذ ثمان سنوات ضريبة الثقة الغائبة عن عقل السياسي العراقي ، فيجري الدفع مباشر من أشلائه ومن دموع الثكالى وبسمة الأطفال . ولهذا نسأل جميع المسؤولين عن هذا التردي ، ونقول : - يخدم من هذا التراشق وتوتير الحياة اليومية يا ساده ؟؟!!

  كتب بتأريخ :  السبت 14-05-2011     عدد القراء :  1991       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced