نتنياهو: يبكي السلام...!!؟؟
بقلم : باقر الفضلي
العودة الى صفحة المقالات

من يتابع السيد نتنياهو وهو يلقي خطابه هذا اليوم 24/5/2011 أمام مجلس الكونكرس الأمريكي، إلا وتأخذه الشفقة على الرجل، وتمتلكه مشاعر العطف والمسكنة، وهو يراه يذرف من دموع إستدرار العواطف ما تعجز عنه حتى التماسيح..!!؟
ومما يزيد من تراجيدية الموقف هذا، منظر السادة المساكين، أعضاء مجلس الكونغرس الأمريكي، وأنت تراهم قياماً قعوداً، مهللين مصفقين، مع كل جملة أو مقطع يدلي به السيد نتنياهو، وهو يعلن شكواه ويدفع بظلامته أمام السادة أعضاء المجلس، المفجوعين بمصيبة السيد نتنياهو ومصيبة الشعب " اليهودي "، "الذي يتعرض كل يوم وكل لحظة الى "عسف وإضطهاد الشعب الفلسطيني" والذي " أخذ منه القرف وضيق النفس، بسبب غزو المستوطنات الفلسطينية" لأرض الأجداد منذ أن وطأت أقدام النبي أبراهيم (ع) أرض إسرائيل قبل آلاف السنين،" فوا حسرتاه على مصيبة السيد نتنياهو ومصيبة أحبة القلب أعضاء الكونغرس، الذي أنهكهم نفسياً وأفجعهم هذا "المصاب العظيم" فلم يدروا متى يقفوا ومتى يجلسوا، بل وحتى وجدوا أنفسهم أكثر يهودية من اليهود أنفسهم، فإنتفضوا من مقاعدهم وقد طار لبهم لقول السيد نتنياهو وهو يعلن عن ضرورة اجبار الفلسطينيين على الإعتراف ب"يهودية" إسرائيل..!!؟؟ 
السيد نتنياهو بدا في خطابه أمام الكونغرس هذا اليوم، أكثر إنحيازاً للسلام منه الى الحرب، وأكثر عطفاً وإنتصاراً للفلسطينيين حتى من أقرب الناس اليهم من قادة جامعة الدول العربية، بل وحتى أكثر تحمساً للفلسطينيين من أنفسهم في سبيل إقامة الدولة الفلسطينية، ومثل خطابه " خارطة طريق" على الطريقة الإسرائيلية "النتنياهوية الجديدة"، لحل إشكالية إقامة الدولتين التي أقرتها الشرعية الدولية؛ فمن أجل أن يسود السلام في المنطقة أولاً وبين الفلسطينيين والإسرائيليين في " الدولة اليهودية" ثانياً، فلا سبيل أمام المجتمع الدولي وبدعم من الكونغرس الأمريكي، إلا الإنصياع لمفردات "خطة طريق" السيد نتنياهو كي يسود السلام الذي يكافح من أجله، وبعكسه فلا "سلام" ولا "أمان" ولا "ديمقراطية" ، وفقاً للسيد نتنياهو..!
لم يكن السيد نتياهو قبل اليوم، بهذه "الصراحة" المتناهية في دقتها ودقائقها، فهو يرسم "سلاماً" بكل أبعاده الجغرافية والديموغرافية والسياسية والأمنية للدولة المرتقبة في فلسطين يفصله حسب هواه، و"خارطة طريقه"، بعد أن نصب إسرائيل، الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، والدولة الوحيدة التي يعيش سكانها في بحبوحة من "الحرية والعدالة والديمقراطية" على عكس جيران دولة إسرائيل "اليهودية" ، مستشهداً بما جرى في تونس ومصر ويجري في غيرها؛ دولة دون حدود الرابع من حزيران/1967 ، دولة منزوعة السلاح، دولة تحرسها فيالق الجيش الإسرائيلي من البر والبحر، دولة تعشعش فيها مستوطنات الإسرائيليين، دولة لا إرادة فيها للوحدة الوطنية، وعلى الرئيس الفلسطيني السيد محمود عباس، أن ينبري وعلى الفور الى إلغاء أي إتفاق للتفاهم وإنهاء الإنقسام مع منظمة حماس، والأنكى من كل ذلك أن لا يذهب السيد محمود عباس الى الأمم المتحدة مطالباً بتفعيل قرارات الأمم المتحدة بشأن الإعتراف بإقامة الدولة الفلسطينية، وعلى الفلسطينيين الإعتراف قبل كل شيء ب"يهودية" دولة إسرائيل، ليس هذا وحسب، بل وأن لا يفكروا بشيء إسمه القدس الشرقية، فالقدس بقضها وقضيضها هي "عاصمة" إسرائيل اليهودية بلا منازع، أما ما يسمى بعودة اللاجئين، فلا مكان لهم في تلك الدولة "اليهودية" التي يرسم حدودها السيد نتنياهو، أما موقع قرارات الشرعية الدولية قديمها وحديثها، فهي في خبر كان، طبقاً ل"خارطة طريق نتنياهو"..!!؟؟
يتألم السيد نتنياهو ومعه السادة أعضاء الكونغرس الأمريكي، على فقدان السلام في المنطقة، ويزدادون تألماً حينما يتعلق الأمر بأمن وسلام إسرائيل، ف"السلام المقرون بالديمقراطية"، هو كل شيء بالنسبة للسيد نتنياهو وأصدقائه في الكونغرس الأمريكي، ولكنه يتجاهل ويتناسى ومعه أصدقائه في المجلس المذكور، ما أقدمت عليه طائراته الحربية ومدرعاته وصواريخه المدمرة قبل أربع سنوات، من إجرام وإبادة بشرية همجية ضد السكان الأبرياء وضد الإنسانية في غزة، وتحت ما يسمى بعملية "الرصاص المصبوب" وإزهاق أرواح الآلآف من الإبرياء تحت ذريعة مكافحة الإرهاب؛ في نفس الوقت الذي يذرف فيه دموع التماسيح أمام أصدقائه النواب الأمريكيين، ويلبس فيه مسوح السلام المفقود التي تشكو منه " الدولة اليهودية"، والآف الصواريخ المتدفقة من الشمال من لبنان، والمهددة لسلام وحياة اليهود في شمال إسرائيل، رغم ما  أقدم عليه من أجل السلام، بسحب قواته من لبنان طمعاً بالسلام والسلام لا غير، ولكنه يتجاهل ويتناسى هنا أيضاً ومعه أصدقائه نواب الكونغرس الأمريكي، المبهورين بأقوال السيد نتنياهو والمفجوعين بدموعه ومصيبته التي تتقطع لها أنياط القلوب، متناسين ومتجاهلين ما أقدمت عليه "الدولة اليهودية" "حمامة السلام" من جريمة غزو لبنان وإرتكاب أبشع الجرائم ضد الإنسانية، وغاب عن أعينهم كلياً الجريمة النكراء التي إقترفتها الفيالق الحربية الإسرائيلية الغازية بحق (أطفال قانا) اللبنانية أيام الغزو المقيت..!!؟.؟؟
فأي سلام يدعو اليه السيد نتنياهو ومعه أصدقائه أعضاء الكونغرس الأمريكي المتحمسين لخطابه العنصري، في هذا الوقت الذي شمر فيه الشعب الفلسطيني عن كل إستعداداته للتوصل الى الحلول السلمية الحقيقية والموضوعية، المدعومة من قبل الشرعية الدولية والمجتمع الدولي، أهو سلام الإذعان والإذلال، الذي يدعو اليه السيد نتنياهو والذي صفق له وحياه ممثلو الشعب الأمريكي من أعضاء الكونغرس بكل ما تضمنه من إهدار لحقوق الشعب الفلسطيني ومن تنكر لقرارات الشرعية الدولية في إقامة الدولة الفلسطينية، وإلا فما معنى أن توضع كل العراقيل أمام الشعب الفلسطيني ممثلاً بمنظمة التحرير الفلسطينية، من الذهاب الى الأمم المتحدة في أيلول وطرح القضية الفلسطينية أمام المرجعية الدولية، التي هي الملاذ الشرعي والجهة المسؤولة التي تنظر فيما آلت اليه قراراتها بهذا الشأن، بإعتبارها الممثلة الحقيقية للمجتمع الدولي، أم أنها خيبة الأمل التي جسدها الخطاب الأخير المعاكس لهذا الإتجاه، للسيد أوباما رئيس الولايات المتحدة، الدولة الوحيدة الراعية "للديمقراطية" في العالم وفقاً لما يراه السيد نتنياهو في خطابه المذكور..!!!؟؟ 

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 25-05-2011     عدد القراء :  1981       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced