مكاييل حكومية
بقلم : هادي الخزاعي
العودة الى صفحة المقالات

كثيرا ما يجري سوق الأمثلة على ما يجري في عراقنا المصلوب على صليب عذابات أكثر بنيه التي عانوها ويعانوها منذ قرابة النصف قرن . ومن بين هذه العذابات التي يتعرض لها العراقي ، هي إنتقائية السلطات الأمنية عند توزيع العقاب والثواب على المواطن .، فتدخلك تلكم الأنتقائية والأرادوية في سراديب المكاييل العديدة التي باتت هاجس رسمي عراقي بأمتياز .

واحدة من بين تلك المكاييل التي تجعلك تلطم خدك هو ما تعاملت به حكومتنا الوطنية والأمنية بشكل خاص ، مع الأستعراض السلمي لقوات جيش المهدي الذي جرى في مدينة الثورة ( الصدر ) يوم 26 أيار ؛ المطالب بخروج قوات الأحتلال الأمريكي والبريطاني والأسرائيلي التي ديست أعلامهم الوطنية بأحذية المستعرضين . ومع الشباب الذين توسطوا دعامتي تمثال الحرية في بغداد يوم 27 أيار وهم يؤكدون على مطالبهم بتوفير الخدمات .


المكيال الأول


استعراض جيش المهدي جرى يوم الخميس 26 أيار بموافقة السلطات الأمنية ، والجدير بالذكران تلك الفعالية لم تجر في ملعب رياضي كما تشترط الأجهزة الأمنية على الأنشطة المطلبية للناس ، حيث يجب أن يقع كل شيء تحت السيطرة ، وإنما جرت تلك الفعالية في شارع الفلاح الذي يعد من أكبر شوارع مدينه الصدر (الثورة) التي تعج بيوتها بنصف سكان بغداد البالغ عددهم 6 مليون نسمه .

والحمد لله لم يحدث ما يمكن ان نسميه خدشا للأمن ، وإنما سارت الأمور بما تشتهي السفن ، وانتهت الفعالية بسلام ، بل انها لاقت عناية وأهتمام كل الأجهزة الحكومية بما فيها وزارة التربية ومديرية الأمتحانات العامة حين أجلت امتحانات البكلوريا العامة للمراحل الثلاث التي صادف حدوثها في يوم المسيرة ، وهو تأجيل يشبه المستحيل في تأريخ وزارات التربية والتعليم العراقية ، ولم يحدث مثل ذلك كما يذكرني عمري إلا في يوم النكسة ، الخامس من حزيران عام 1967 ، حين خرج طلبة الثانوية من قاعات الأمتحانات رفضا للهزيمة التي الحقتها اسرائيل بالعرب .

أما معطيات هذا النشاط الذي دعا له التيار الصدري على لسان عميده السيد مقتدى الصدر ، فتشير الى :

1 - توقف مرور المركبات بالشوارع التي جرت فيها الفعالية وما يحيط بها وكل مداخل المدينة .

2 - جرت الفعالية في يوم دوام رسمي ( الخميس ) ، الأمر الذي أضطرت معه الدوائر الحكومية في المدينة الى تعطيل عملها في ذلك اليوم .

3 - اغلاق المراكز الأمتحانية ( الأمتحانات العامة للمراحل الثلاث ) لذلك اليوم .

4 - حضور عدد غير قليل من المسؤولين ، سواء بصفاتهم الشخصية أو الرسمية ، وهو أمر يثقل من مهمة الأجهزة الأمنية بالتأكيد .

5 - بلغ عدد المشاركين في الأستعراض حسب الأخبار الآلاف من الأشخاص الذين كونوا الكراديس التي استعرضت في شارع الفلاح .

6 - لم يجر اعتقال اي شخص في هذه المسيرة ، حتى الذين أغتالوا اللامي .


عمليات بغداد تهرب الى الأمام .

قال اللواء قاسم عطا الى وكالة أهل البيت (ع) للأنباء - أنبا " ان القوات الأمنية تتوقع ردود فعل لأستهداف المتظاهرين ، وهي لا تخشى أي طاريء " مضيفا " أن عمليات بغداد لم تتسلم أي اشعار من محافظ بغداد بشأن استعراض التيار الصدري " ثم يهرب في نفس الحديث الى الأمام فقال " أن عمليات بغداد لم تتسلم حتى الآن أي اشعار رسمي من محافظة بغداد يتعلق بأستعراض التيار الصدري لعناصر جيش المهدي " ويضيف مؤكدا ان " القوات الأمنية جاهزة لمواجهة أي طاريء وتتحسب لردود فعل لأستهداف المتظاهرين " !

ومع ذلك فقد تم اختيال علي اللامي على مقربة من مكان الأحتفالية ، فأين المصداقية في حديث اللواء قاسم عطا ؟!!!


ماذا قيل عن الأستعراض

قال السيد بهاء الأعرجي النائب عن الكتلة الصدرية في البرلمان في الكلمة التي ألقاها في المسيره " ان عناصر جيش المهدي قنابل موقوتة بيد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والحوزة " .

فيما قال النائب عن التحالف الكوردستاني " ان هذه الخطوة تعطي فرصة لأطراف أخرى بأن تقوم باستعراض مماثل لتظهر قواها على الساحة " .

أما النائب عن دولة القانون السيد عزت الشابندر فقال في حديث للسومرية نيوز ان " أستعراض جيش المهدي في حقيقته هو استعراض عسكري لا مدني ، وهو يشبه الى حد كبير تظاهرات حزب الله في لبنان " مؤكدا أن " الأستعراض يمثل تحد مباشر وغير مباشر ، واستفزازا لنظام دولة قائمة ، وللنظام الديمقراطي في العراق " .

كما ابدا عدد من المشاركين في العملية السياسية قلقهم من كون هذه الفعالية هي مؤشر الى أمكانية أحياء الفصل الطائفي الذي ساد الأعوام 2005 - 2007 .


المكيال الثاني


دأبت مجاميع من الشباب والمتطلبين العراقيين ارتباطا بجُمَعْ الغضب التي حدثت ولا تزال تحدث في ساحات التحرير والتغيير بدول عربية عديدة ، فتقدمت هذه المجاميع الشابة منذ الخامس والعشرين من شباط بجملة تطلبات تتعلق بتوفير الخدمات ومحاربة الفساد ، ومنذ ذلك اليوم والسلطة والأمن ليس لها من شاغل ، غير السعي لأفشال هذه النواتات الجنينية لتفعيل السياق الديمقراطي الذي شرعنه الدستور لتطوير الحياة اليومية ، السياسية والأجتماعية للمواطنين .

ويوم أمس الجمعة 27 أيار جددت هذه الشبيبة نشاطها بعد الفشل الذريع الذي انتهت اليه مهلة المائة يوم التي أعطاها السيد المالكي لنفسه ليخرج من عنق زجاجة الضغوطات التي حاصرته بها الجماهير ، واحتوى نصب الحرية العدد المحدود من الشباب المُذكْرَين بمطالباتهم وهم لا يتجاوزون البضعة مئات ، وبشكل سلمي وهاديء ، وبدل أن يمر الأعتصام بسلام ، فقد جددت اجهزة الأمن هي الأخرى حيويتها التي لم تفارقها ، فاعتقلت اربعة من المشاركين في ذلك الأعتصام والذين لا يزالون رهن الأعتقال حتى الساعة .


أما معطيات هذا الأعتصام الذي يتجدد كل يوم جمعه فتشير الى :

1 - لم تتوقف حركة المركبات ولم تتعطل أي دائرة حكومية .

2 - جرت الفعالية في يوم عطله رسمية .

3 - لم يحضر أي مسؤول ، لا بصفة شخصية ولا رسمية ، سوى رجال الأمن والشرطه لأعتقال من يقع في براثنهم .

4 - بلغ عد المشاركين في الفعالية بضعة مئات ، وربما تكون هذه البضعة مبالغ فيها أيضا .

5 - جرى أعتقال أربعة معتصمين .

6 - لم يتحدث أحد بقلق عن هذا النشاط سوى الرسميون الحكوميون .


" أكون أو لا أكون ، تلك هي العلة يا نفسي " فمكاييل الحكومة ابتلعت كل الأحلام الوردية التي نبتت على خارطة أجساد الذين قاوموا الدكتاتورية بالرفض ، فآل مصيرها الى زوال كما هو حال الدكتاتوريات التي تتهاوى الآن .

  كتب بتأريخ :  السبت 28-05-2011     عدد القراء :  1913       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced