الحكومة تقرأ الفنجان
بقلم : علي حسين
العودة الى صفحة المقالات

تستحق الحكومة 30 مليون برقية شكر من العراقيين، لأنها ساندتهم ووقفت إلى  جانبهم في المحن وخففت من معاناتهم، ولأنها تسعى لتلبية مطالب جميع  المواطنين، وأيضا -وهذا هو الأهم- لأنها بحرفيتها وشطارتها استطاعت أن تلقي  القبض على المجرمين الذين روعوا الناس وعاثوا في البلاد فسادا، حيث  اكتشفنا أن المجرمين هم أربعة شباب من نشطاء التظاهرات من طلبة كلية الفنون  الجميلة وضعتهم الأجهزة الأمنية في سيارة إسعاف واقتادتهم إلى جهة غير  معلومة.
دعك من أن الحكومة بجلالة قدرها وبقواتها الأمنية وقادتها اللطفاء للغاية، استكثرت على الشعب المسكين بيانا صريحا يوضح لهم ما يجري في شوارع عاصمتهم ومن يقف وراء عصابات الجريمة المنظمة.
دعك من كل شيء وتساءل معي، لماذا تحشّد الحكومة كل قواتها ضد المتظاهرين فيما تلتزم الصمت إزاء ما يجري من جرائم مفزعة؟
ماذا تخسر الحكومة إن تركت الشباب يتظاهرون ويعبرون عن المخبوء في الصدور من مطالب وأحلام مشروعة بحياة أفضل، ولماذا تصر على التعامل مع المتظاهرين، باعتبارهم مارقين ومشاغبين ومخربين وعملاء لجهات خارجية ومدفوعين لزعزعة الاستقرار.
لماذا لا تنظر إلى المتظاهرين باعتبارهم مواطنين يؤمنون بأحقية وطنهم في حياة أفضل، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
الأمر في رأيي لا يتطلب أكثر من نظرة هادئة وعاقلة على حزمة المطالب والأحلام، وعلى رأسها إزاحة الفاسدين من مؤسسات الدولة، تقديم الخدمات للناس، وإشاعة روح المواطنة وترسيخ قيم المجتمع المدني.
لكن الحكومة مثل الذي يريد أن يقرأ طالعه في الفنجان، فهي ترى أن المتظاهرين يشكلون خطرا على امن واستقرار البلاد، ولكنها لا ترى في قعر الفنجان من سواد ومصائب وجرائم ترتكب باسم القانون، الحكومة مصرة على أن تضع يدها في الماء البارد، وتفرح بالتفسيرات الجاهزة، فكل جرائم كاتم الصوت هي بمثابة خرق امني بسيط، فالأمور هادئة ولازلنا نتمتع باستقرار يفوق ما تتمتع به بلدان كثيرة، تريد منا الحكومة أن نوافق على طول الخط على أدائها الذي لن تفكر أبدا في تعديل مساره.
لو راجعنا جميع العمليات الإرهابية التي يتعرض لها مواطنون أبرياء، فسوف نجد أن القاسم المشترك بينها هو خرق امني تقوم به عصابات إرهابية، وهذا يدل على أن هناك خطأ جسيماً في الخطط الأمنية التي يضعها القادة الكبار في مكاتبهم الفخمة، ويدل في كل مرة على أزمة حقيقية في تشخيص السبب، فالحكومة لا تريد إرجاع الأسباب إلى المنبع وأصل المشكلة، فتكتفي بالتشخيص السطحي، بل حتى أنها لا تكلف نفسها فتخرج إلى الناس تعترف بالتقصير أو تعتذر لعوائل الشهداء والجرحى، مع أن المسألة واضحة كالشمس هناك أزمة أمنية حقيقية، وهناك عصابات إرهابية تستغل خلافات السياسيين على المناصب، وهناك فراغ امني حقيقي، فمن غير المعقول ولا المنطقي أن تبقى الوزارات الأمنية شاغرة لان بعض الساسة مصر على أن يحول وزارة الدفاع أو الداخلية إلى فوج تابع لحزبه.
وبرغم كل ما يحدث فان الحكومة لديها الآن قناعة كاملة بأن تترك الصحافة والإعلام والناس يقولون ما يريدون دون سؤال أو مواجهة بحيث تفعل ما تريد‏ه، فيما الناس تكتفي بالكلام الذي لن يجدي ولن يفيد، عشرات الجرائم ترتكب، والحكومة منشغلة في سيرك المعارك العرجاء مع البرلمان، فيما سياسيون البعض منهم يتأهب لاصطياد الفريسة، واخرون يحشدون للحصول على عدد اكبر من الامتيازات.
جثث العراقيين بلا ملامح، بينما وجوه بعض الساسة تطل عبر الفضائيات، وهي تتحدث عن دولة المواطنة و القانون.
القتلة يطاردون الناس في صحوهم ونومهم، بينما وجوه قادتنا الأمنيين تشع بابتسامة النصر، فقد القوا أخيرا القبض على أربعة إرهابيين يعشقون نصب جواد سليم.

  كتب بتأريخ :  الأحد 29-05-2011     عدد القراء :  2020       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced