مشاهد سُريالية!!..
بقلم : مزهر بن مدلول
العودة الى صفحة المقالات


1

في ذكرى الجريمة التي ارتكبها النظام الصدامي ضد الانصار الشيوعيين العراقيين في ( كًلي زيوة )..

صدفةُ كنتُ أعمى!.....

فهل تصدقون رواية اعمى؟!.. مجرد سرد له نكهة الاستغراب، وخالي من الفضاء الفني ومن الحبكة القصصية المطلوبة..
فانا في كل الاحوال، لاأشبه الأعشى، وليس عندي براعة في ارتداء قناع شاعر لاذع الكلام، ولااستطيع ان ابتكر لي واقعا جديدا، كما يبتكر برناردشو واقعه الخاص.. وانما حاولت ان اجرجر احاسيسي على السفح، بعيدا عن هذا الوادي المتبجح بالواقعية، عسى في ذلك ان اعثر على فسحة لتدريب الذهن وتهذيب النفس..
ولكن.. وهذه اللكن، هي التي جعلت الواقع يقف بالمقلوب، بل جعلته يزحف نحو حتفه.. وبالطبع انا غير متاكد من صحة استخدامي لهذه التعابير، وليس مهتما للامر كثيرا، فالذي عندي ساكتبه على اساس انه وقع وحدث، مع علمي بانكم ستقولون بأن ذلك مجرد بدعة من بدع الخيال!..
فهل تصدقون بأن شجرة بلوط سميكة الجذع وغليظة الاغصان تنهار في نفس الدقيقة التي استظل تحتها مجموعة من العميان!؟، وطبعا دون ان يكون هناك سببا ظاهرا لذلك، فليس في المكان عواصف ولازوابع ولاطناطل ولا زلزال...
لو انك شاهدت فلما، ورايت سقوط الشجرة على رؤوس العميان ودون تبرير معقول من المخرج، ألمْ تتهمه بالكذب والسطحية والتضليل وان الفلم فاشل من الاساس؟!.. ثم كيف استطاع عشرات العميان الوصول الى هذا المكان وفي ذات الوقت؟.. انا نفسي لااصدق هذه المصادفة لو ان احدا نقلها لي.. 
والمشكلة التي اعاني منها هي انني مهما حاولت ان اتسلق القمم في خيالي اجد ان الواقع قد سبقني في خياله كثيرا، واني اسير خلفه بمسافة طويلة، وهذه المفارقة تسبب لي القلق والدوار دائما..
فقد راودنا شعور فنتازي في مساء ذلك اليوم وهو اليوم الخامس من حزيران، باننا في ملعب لكرة القدم، ولكن وياللاسف الشديد، كان الملعب من دون ملعب! ولاجمهور ولا حكام ولا كرة ولااهداف!!.. وانّ في السماء طائرات حربية تحوم وقد اعتدنا على سماع محركاتها..
صدفة كان تجمعنا بالوادي، وصدفة ان تقصفنا الطائرات الحربية في نفس الدقيقة التي بدأنا فيها نلعب كرة القدم، وصدفة ان نختنق جميعا......
لااحد منا يخشى صواريخ الطائرة، فأن وعورة الجبل كفيلة بالتصدي لها، ولكن هذه المرة رايت الجبل فرّ من مكانه!.. رائحة عفنة تبعث على الغثيان تنتشر في الوادي، رائحة شديدة الوخز تنفذ الى الاعماق وتقطّع اوصال التأمل.. وترددتْ الاسئلة عن مصدر هذا العبث الابليسي، ورحنا نستنتج الاسباب بطريقة ثورية، وهي سوف ننام ونحلم وليكن مايكون بعد ذلك!..
عند منتصف تلك الليلة تسربت السموم الى اكثر المناطق حساسية في اجسادنا وهرع الجميع الى حيث توجد الألفة التي تشعرنا بالأمان.. تجمعنا هناك حول النار التي تحمينا من شر الدخان القاتل، ولكن وبعد فترة قصيرة كان الجميع عميانا.. الجميع يلهثون.. والجميع صامتين!..
هذه الاسباب التي جعلتني اقول ان واقعنا قد تجاوز الخيال في هذيانه، وهذه الاسباب نفسها التي جعلتني ان اعيد كل شيء الى مجرد الصدفة..
فهل نموت الان؟.. بعد ساعة؟.. في هذه الليلة؟.. ام ننتظر النهار؟..
لكننا لانبصر شيئا، لذلك لم يعد للموت اهمية سوى كان تحت شمس مشرقة ام كان في الظلام!!..
ماهو نوع الغاز الذي اصبنا به؟، هل هو غاز مصمم للقتل فورا، ام للموت البطئ، ام انه مخصص للاصابة بالجنون؟؟؟..
اسئلة كثيرة ترافقت مع الالام الشديدة التي تجتاح اجسادنا، اسئلة ليس لها اجابات، لانها اسئلة خيالية!، والاجابة عنها مغامرة صعبة، لذلك تركنا كل شيء يقرره المجهول.. والمجهول كان ذلك النفق النفسي المليء بالصراعات!..
البعض وهم القليل منا، الذين وبالصدفة ايضا لم يتعرضوا للاصابة، راحوا يبتكرون العلاجات، فتارة العلاج يكون بالنار واخرى بالماء وثالثة بشوربة العدس الساخنة!، ولكن اهم دواء كان هو عليك ان تكون قويا، اقوى من شجرة البلوط التي هوت على رؤوس العميان!!..


  كتب بتأريخ :  الجمعة 03-06-2011     عدد القراء :  1925       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced