ترفع حبيبتي العصابة السوداء عن رأسها، وترقص بكل الفرح المتناثر من روحها، فلم يعد لهذيانات القبح في لـُجة الانهزام، سوى بيرق ملوث، مزقته امرأة عراقية، حين صرخت بوجه الحاكم معلنة عن استهتار أجهزة السلطة بحقوق الإنسان، مطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي، لأنهم أبعد ما يكونون عن الجريمة، تلك التي يقترفها البعض بحق الشعب، ويتستر عليها الحكام. هؤلاء هم من يجب اعتقالهم، مثلما صرخت هناء أدورد بوجه الحاكم، وكان على الحاكم أن يقف ويقبل يدها، لا أن يجلس صامتا. يـُقبل يدها لأنها العراقية التي لا تخشى الحاكم، يـُقبل يدها لأنها العراقية التي قالت كلمة حق بوجه الحاكم، يـُقبل يدها لأنها هدرت كأمواج دجلة، وهل هناك من يستطيع أن يكبل أمواج دجلة؟
ترفع حبيبتي العصابة السوداء عن رأسها وترقص بكل الفرح المتناثر في روحها، تردد أغنية من نحاس وماء، هذا العراق بخير، يسير على جمر الحب، ويرسم أشرعة لأنهار قادمة، ويرفض رحمة المحتل، يرفض كل الزيف، يرفض أصناف القتل وأصناف التدليس، هذا العراق سيكون بخير. كانت الحبيبة ترقص وأرجوحة الفرح في روحها تصعد لأعالي الفضاءات، هنالك في الأفق ضياء نجم، يدعونه ضياء التحدي، وهناء تشبعت روحها بهذا الضياء، لهذا وقفت تصرخ في جمهرة الحزن المحيط بالحاكم، تصرخ من أن العراقي الذي يحتج ويتظاهر اكبر من أن يوصم بالإرهابي، العراقي الذي يأبى الضيم لا يتنفس إلا برئات إخوانه العراقيين، لهذا هدرت هناء كأمواج دجلة، وكان على الحاكم أن ينحني لها، لأنها أمه أو أخته، لأنها امرأة عراقية.
ترفع حبيبتي العصابة السوداء عن رأسها، وترقص بكل الفرح المتناثر من روحها، تقول سأسرح شعري على طوله، وأنشغل بكل الصراخ، ذلك الذي ابتدأته هناء، فليس هنالك في الروح أروع من صرختها بوجه الحاكم، فقد فتحت مساحات الاحتجاج على كل التفاصيل، وما عاد من يخبئ أحزانه، مثلما لم يعد من يرى الحاكم هو الأمثل (حكام المدن دفله). كانت تلك الصرخة تعوزنا نحن نساء العراق الضائعات، المسلوبات، المضطهدات، لهذا أعلن فرحي، بكل الرقص الكامن في روحي، كي استعيد توازني، أو في الحقيقة كي يستعيد الزمن عافيته، لأنني واثقة من أن هناء هي الأولى لا ريب، ولكن بهذه الصرخة، صرخة هناء، ستكون صرخات للعراقيات، لأن من يحب هذا الوطن، لا يستطيع إلا أن يكون ضمن دائرة الحلم بعراق أجمل.
كتب بتأريخ : الثلاثاء 07-06-2011
عدد القراء : 1796
عدد التعليقات : 0
هناء.... هدرتْ كأمواج دجلة
