ليس لجـواد سليم مكان تحـت نصب الحريـة
بقلم : ابراهيم الحريري
العودة الى صفحة المقالات

كان جواد سليم قد اقتعد رصيفا قرب ساحة التحرير، مهموما، متعبا، مشعثا، رأى جواد سليم دواء من الضوء والفرح تنداح صوب ساحة التحرير، رجال ونساء، فتيان وفتيات تضج عروقهم بالحماسة وتلمع عيونهم بالأمل.
تذكر فتوته كيف حلم بأن يتحول العراق إلى ورشة للفرح والأمل، وبأن يزرع ساحاته
نصبا تحكي عن تطلعه إلى الحرية.
التحم جواد سليم بدواء العافية واستطاع أن يجد معها وبينها مكانا في ساحة التحرير.
صحيح انه كان ثمة الكثير من العشائر، لكنه حسب إن هؤلاء، إنما هم موكلون بحمايته وحماية دوائر الفرح.
تذكر كيف كان عساكر السلطة في زمانه، يطاردون حلم الفتية في الشوارع والأزقة والساحات..! وكيف ناشته مرة ضربة هراوة على كتفه، شلته عن صناعة الحلم، بالفرشاة والأزميل، زمنا.
ثم كيف التحم العساكر بالناس، فيما بدا انه عهد جديد يتجه صوب الحرية، وكيف خلد ذلك في لحظة نادرة من التحام الابداع بالأرض، بالناس، بالتاريخ بالحلم، نصبا. لم يقدر له أن يشهد اقامته، ولا انكفاءته.
كان قد غاب تاركا لشخوصه ان تكمل العمل، ان تقترح الأمل.
وها هو يعود، بعد نيف وأربعة قرون، ليسمع، مرة أخرى أولاده وأحفاده والناس الذين أحبهم، تهتف مرة أخرى للعدل والحرية وتواصل العمل في صياغة الحلم والأمل.
بدا له ان شخوص نصبه، العامل والفلاح والجندي والمرأة والطفل والحصان الاسطوري وثور الخصب، تنحدر لتلتحم به، بخالقها بالناس، فامتلأ صدره بالحبور.
فرح عندما رأى الساحة، تمتلئ بتجمعات بزي ريفي الذين حلم بأن تعود لهم الأرض وأن تحصب بالجني والتمر والخير.
لكنه لم يستطع أن يفهم كيف تضيق دوائر العنف حول دوائر الضوء، وعندما هاجمت موكبه عصي وهراوات وقناني وسكاكين، بدا له ان العجلة السومرية التي خلدها في نصبه، تدور إلى الوراء.
قال إن ثمة خطأ أراد أن يتوجه إلى كبير العساكر محاولا أن يستفهم طالبا منه التدخل، لكن موجة عنف منفلت دفعته إلى الوراء. أراد أن يحمي امرأة من ضربة عصا، فطاحت على كتفه، مكان الضربة القديمة، مهيجة المواجع والآلام ذاتها.
تهاوى على الأرض، طاح فوقه عقال، فبانت تحته سدارة الشرطي القديمة..
سمع وهو متهاو يقاوم الغيبوبة، حصانه يحمحم ويصهل، وبدا له ان ليشخب دما. انحنى فوقه الحصان، أوطأ له ناصيته، وعندما تشبث جواد سليم بها، انطلق الحصان صعودا..
بدا وكأن جواد سليم يختفي خلف القضبان، وانها تنطبق عليه، وان العسكري الذي أراده جواد سليم ان يلوي القضبان، يقف عليه سجانا، من جديد..
فكر جواد سليم، بين الحلم واليقظة:
سيأتون، لابد آتون، أولادي وبناتي وأحفادي الذين صنعت النصب من أجلهم، لفك أساري، سيأتون! إنهم آتون! لا بد آتون!

  كتب بتأريخ :  الخميس 16-06-2011     عدد القراء :  1959       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced