رحت أتطلع في وجوه الحاضرين، وأنا اجلس في استعلامات أحدى الدوائر كي اتخلص من الضجر الذي سببه لي الانتظار وفجأة سقطت عيناي على وجه امرأة طالما ألفته، فقد كانت جارتي منذ سنين مضت، كنت أرى فيها مثلي الأعلى في مستواها العلمي وتفوقها الدائم على قريناتها في المدرسة، لم استطع الانتظار، قفزت نحوها لأقبلها واعرفها بنفسي ولشد ما أدهشني رد فعلها البارد، فهي الأخرى عرفتني دون ان تفكر بتحيتي.
جلست قربها لأعرف ما الذي أصابها، فهذا البرود في رد التحية وملابسها السوداء يحكي الكثير، لتروي لي ام عبد الله حكايتها باكية، وقد اصابها شيء من الحماس لمعرفتها انني اعمل في ميدان الصحافة، فقد ذهب ابنها (عبدا لله) الى مدرسته في منطقة بغداد الجديدة وهو في الصف الثالث المتوسط، وعند اقتراب موعد انتهاء الدوام اتصل به جاره ليعرض عليه إيصاله الى البيت في سيارة أبيه، لكن الجار كان قد خطط لأمر آخر، فقد اختطف (عبدا لله) ليطلب الفدية من اهله وبعد ايام عدة وفيما كان الأهل منشغلين بجمع الفدية، ارتفع صراخ في الشارع خرجت ام (عبدالله) لتجد ولدها مقتولا،فقد نفذ خاطفه حكمه الظالم فيه شنقاً حتى الموت.
بكيت مع ام عبدالله، ابنها الذي قتل، وجارها الذي خان، حاولت أن اخفف عنها بعد ان عرفت ان المجرم قد ألقي القبض عليه، لكنها صاحت معترضة، منذ ثلاث سنوات وقاتل ابني لم يحكم عليه، وهناك أخبار عن قرب أطلاق سراحه، لان اباه من المتنفذين في أحدى الوزارات الامنية، عرفت حينها سبب حزنها العميق وعذرتها، وتخيلت انني مكانها، فان يقتل ابنها فذاك أمر قد تحقق، لكن ان يطلق سراح قاتله فهذا ما لا يرتضيه الشرع والقانون.
ام عبدالله ناشدتني عبر دموعها ايصال صوتها الى الجهات المسؤولة،خاصة بعد سماعها عن قصص تهريب السجناء، وهي تحمل المستندات المطلوبة لمتابعة حيثيات القضية مع استعدادها التام للقاء أي مسؤول كي لا يضيع دم ابنها هدراً.
كتب بتأريخ : الجمعة 17-06-2011
عدد القراء : 1807
عدد التعليقات : 0