الزواج الثاني للمرأة عندما يقف العرف الاجتماعي ضد القانون والدين
بقلم : زينب الشمري
العودة الى صفحة المقالات

يحمل كتاب الحياة بين طياته الكثير من الالآم والاحداث وبالاخص الحياة الزوجية، فبالتاكيد لا توجد أي ضمانات لمدة استمرار الزواج او بقائه، فقد يختلف الزوجان بعد مدة قصيرة من القرآن أو بعد مرور سنوات وهذا الخلاف ينتهي بالصلح أو بالانفصال أو ربما بوفاة احد الزوجين.
الملاحظ ان العرف الاجتماعي لا يعيب على الرجل تفكيره بالزواج بعد وفاة زوجته، او انفصاله عنها، بل ربما يشجعه على ذلك، بحجة انه لا يستطيع القيام بأعمال المنزل وتربية الاطفال وتلبية احتياجاتهم، وهكذا يتم تزويجه باسرع ما يمكن.
لكن الامر يختلف بالنسبة للمرأة، فإذا فكرت بالزواج مرة اخرى، وهي بالتأكيد تكون قد فكرت بذلك بعد مرور سنوات على وفاته،سوف تبدأ عائلتها بالوقوف في وجهها بحجج كثيرة منها ضرورة الصبر وتحمل هذا الامتحان الصعب، ولانها امرأة فمن الواجب ان لا تنكث العهد مع زوجها، وان عليها التضحية لاجل اولادها، وكأنه ليس لها كامل الحق حالها حال الرجل وهي بحاجة الى الحب والرعاية والدفء اكثر من الرجل فلماذا يمنع المجتمع هذا الحق؟
ويبقى سؤال يراود المئات من النساء: لماذا ليس من حقي الزواج مرة اخرى؟
أم دنيا، سيدة في الخامسة والثلاثين من العمر تقول: اؤيد الزواج الثاني للمرأة بشرط ان لا يكون لديها اطفال، فزوج الأم مهما كان عطوفاً معهم فهو لا يعوض مكان الاب الحقيقي وسيأتي يوم ويجدون انفسهم خارج البيت وتؤكد ذلك من تجربتها الشخصية، اذ تقول:
بعد خمس سنوات من طلاقي من زوجي الاول، الذي كانت لدي بنتان منه، تزوجت برجل اخر كان لديه ابنتان ايضا. علما اني تزوجت للمرة الثانية بسبب ظروفي المادية والاجتماعية. وفي السنوات الاولى من الزواج لم تتعرض ابنتاي لاي اهانة او تجريح لكن بعد ذلك رأيت الملل في عينيه عندما كان يدخل المنزل، على الرغم من انه لم يكن متكفلاً بتوفير مستلزمات بناتي. وبعد تفاقم الامور اضطررت الى ترك ابنتي عند اقربائي، بعد ان وجدت نفسي بين خيارين اما الزوج او بناتي، ولاني انجبت منه طفلتين، فكان الخيار له، مع ذلك استمرت المشاكل ولم اذق طعم الراحة الى ان تزوجت ابنتاي.
اما المعلمة (ن.ص 25 عاماً) فآثرت ارضاء الاهل والمجتمع، ولم تقدم على الزواج للمرة الثانية، وبذلك جعلت من نفسها اسيرة لهذا الاختبار الالهي بقولها انا لن اتزوج برجل اخر واجعله يتحكم بأطفالي ويجرح مشاعرهم. وتضيف: فضلت العمل والوظيفة لتربية طفلي وتأمين مستقبلهما، وعلى الرغم من ان زواجي لم يدم سوى 3 سنوات، ولكن سوف لن اجعل طفلي يفقدانني ايضاً. ثم تقول: ومع اني ضحيت بشبابي لأجلهم ولكن لم اتخلص من كلام الناس فالاقاويل تلاحقني اينما ذهبت وكل مرة اسأل نفسي ماذا افعل كي يكف المجتمع عن ظلمه للمرأة ونظرته المشؤومة لها؟
ابو عمار في العقد الخامس من عمره يؤيد زواج المرأة الثاني لانه – كما يقول- حق من حقوقها البسيطة وهذا ما شرعه الدين الاسلامي والقانون. اما تقاليد المجتمع فانا لا اهتم لها اطلاقاً لان اكثرها لا ينصف المرأة ويقيد حريتها. وهذه التقاليد والاعراف جعلت منها لعبة يتحكم بها الرجل كيفما يريد، وانا اتعجب من الناس الذين مازالوا يسيرون على هذه التقاليد وكأنهم عميان لا يبصرون امامهم فالمرأة من حقها ان تختار شريك حياتها كي يعيلها وهي بحاجة الى الحماية من ظلم المجتمع وغدر الدنيا.
السيدة أم أزهر في الخامسة والاربعين من عمرها تقول: تقاليدنا ترفض ان تتزوج المرأة مرة ثانية وخصوصاً في الريف، وإن ارادت فعليها ان تتزوج برجل من اقارب زوجها حتى لا يعيش اطفالها بعيداً عن اهلهم وان لا يعيشوا مع الغرباء، وهذا من تجربتي فعندما توفي زوجي في الحرب العراقية الايرانية وانا ما ازلت في مقتبل العمر بقيت ملازمة البيت حتى زوجوني اخ زوجي.
ويؤكد محمود في العقد الثالث من عمره ضرورة زواج المرأة للحفاظ على عفتها واكمال شخصيتها لتكون عنصرا فاعلا في المجتمع ويضيف: ان الزواج الثاني يكفل امور المعيشة الصعبة من قبل الزوج. اما رفض المجتمع لزواج المرأة الثاني، فبأعتقادي ان ذلك يعود الى مخلفات الحروب، التي جعلت من المرأة تقوم بدور الام والاب في الحياة الاجتماعية والتفرغ لتربيه الاولاد وتحمل مشاق الحياة، مما حدا بالكثير من النساء الى العزوف عن الزواج للمرة الثانية واصبحت ظاهرة، خصوصاً الارملة، بالرغم من ان الكثير منهن في مرحلة الشباب. "اذا تزوجت المرأة برجل اخر فهذا لا يعني انها تنكث العهد مع الزوج" هذه وجهة نظر المهندسة (ف.ر 30 عاماً) لان المرأة بطبيعتها الانوثية لا تستطيع نسيان زوجها الراحل، خاصة اذا كان لديها اطفال، ولكن الحالة الاجتماعية والاقتصادية غالباً ما تدفع الكثير منهن الى الاقتران برجل آخر، ومتى ما احست بانها عبء ثقيل على اهلها.
ومن المعلوم لدى المجتمع ككل ان المرأة هي من يحتاج الى الرعاية والحب والحنان والدفء الاسري اكثر من الرجل وانا استغرب لماذا لا يتقبل هذه الحقيقة وان يترك المرأة تقرر الافضل فيما يخص حياتها.
مريم، فتاة في مقتبل العمر، تزوجت أمها للمرة الثانية تقول: على المرأة ان لا تنظر الى الزواج الثاني بانه الخلاص من الصعوبات والظروف التي تمر بها، بل عليها ان تضع جملة من الحسابات والتوقعات قبل ان تقدم على هذه الخطوة المهمة، حتى لا تضطر الى الطلاق ثانية او الاستمرار في حياة قد تكون غير سعيدة وهذا ما يحصل للعديد منهن.
مهما كانت الآراء (مع او ضد) حول زواج المرأة الثاني يجب على المجتمع والقائمين عليه ان يعطوا المرأة هذا الحق لانه مهم بصفتها النصف الابرز من الجسد المجتمعي، ومن حقها ان تمارس حريتها مادام القانون والدين الى جانبها فهل بقي للعرف الاجتماعي قولا حينئذ؟

  كتب بتأريخ :  الإثنين 20-06-2011     عدد القراء :  2154       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced