حينما يبزغ الفجر، مبشرا بولادة يوم جديد، واشراقة وضاءة لصبح طال انتظاره.. حين ذاك يدرك المرء ان هنالك أملا.. وان هنالك حياة.
"من بين آلامها يتفجر الامل" هذا الشعار الذي اختاره قسم شؤون المرأة في مؤسسة السجناء السياسيين لمعرض ابداع السجينات السياسيات الذي افتتحه أواخر الشهر الماضي على قاعة منتدى بغداد الثقافي، في إطار ما تقوم به مؤسسة السجناء السياسيين في الحفاظ على تاريخ السجينة السياسية والعمل على نشره والتعريف به.
ضمّ المعرض أعمالاً فنية يدوية تعكس واقع السجينة السياسية ومعاناتها في معتقلات وسجون الطاغية، كثياب الاطفال الذين ولدوا وعاشوا في تلك السجون، والزي الرسمي للسجينة، وبعض القطع التراثية، فضلا عن لوحات فنية معبرة عن المعاناة، ونماذج لغرف التعذيب والزنزانات الحمراء.
وقد حظي المعرض باهتمام الزوار الذين تأثروا لما رأوه و حرصوا على الإلمام بتفاصيل المعروضات والغرض من استخدامها.
وقالت المشرفة على المعرض، السجينة السياسية السابقة ومديرة قسم شؤون المرأة، السيدة كوريا خليل حميد: لقد كان المعرض رسالة واضحة تكشف ما لاقته السجينة السياسية من ظلم وتعسف، لذا حملت بعض اللوحات نصوصا من المواد الخاصة بالإعلان العالمي لحقوق الانسان والتي تبين حق العيش والكرامة والعدالة للجميع.
ومن اللافت للنظر ان سجل التشريفات حفل بإشادات قيمة بالمعرض ومطالبة بإعادة افتتاحه في المحافظات الاخرى، نظرا لأهميته في كشف وفضح الظلم والاضطهاد الذي لاقته السجينة والمعتقلة السياسية في عهد الدكتاتورية الصدامية، فقد جسّد المعرض بعض حالات التعذيب النفسي والجسدي التي مارسها النظام المقبور، اضافة الى الممارسات القمعية كالنفي خارج المدينة، وحجز الفتيات، واعتقال وقتل ذوي المواهب والكفاءات العلمية.
ومن الشخصيات التي اشادت بالمعرض، السيد حكيم عبد الزهرة، مدير عام دائرة العلاقات والاعلام في امانة بغداد، الذي قال ان القضية اكبر مهما حاولت النساء تقريب الصورة في هذا المعرض، فالصورة الحقيقية اكثر بشاعة وظلما وجريمة.
وقال د. سلمان عبد الواحد كيوش- اكاديمي في جامعة بغداد ورئيس تحرير جريدة "العهد": دهشت وانا اجوب بين شواهد الالم. الالم الذي طال عقودا وشمل الكثير الكثير من ابناء الشعب العراقي الصابر.
وكان وقع المعرض على السجينة السابقة وفاء خير الله، التي قضت في السجن 17 عاما، اكثر ايلاما وعنه تقول: اصفاد مدماه.. زنازين مغلقة.. قضبان حديد تلف مخيلتنا قبل الاجساد، فأعادت الى الاذهان ما كان من الم يتجدد وربما يكبر.. لانه ألم استمد من الذاكرة ديمومته. ولا أظنه يغفو او يذوب ، وان غفا فهو لا ينام. اليوم تحرك شريط الذكريات في معرض السجينة السياسية الذي قامت على احيائه مجموعة خيرة من النساء، فأحيين في الذاكرة صورا وذكريات للالم والظلم الذي لا يعرف الكثير من الناس ما هيته، لانهم لم يجربوا السجن في زمن النظام المقبور.
تحية لكنّ يا من حملتنّ صخرة سيزيف في زمن اعمى. يا من تحملتن أعباء وآلاما يصعب على العقل تصورها. شكراً لكن!
كتب بتأريخ : الإثنين 20-06-2011
عدد القراء : 4253
عدد التعليقات : 0