14 تموز... وهواجس الذكرى
بقلم : ئاشتي
العودة الى صفحة المقالات

تتدحرج المدينة في منحدرات العدم، ويشرب نهرها ما تبقى له من الحنين إلى الماضي، وتضيع أطيارها في فضاءات خالية من الرؤيا، وليس هناك من شيء غير هذا الطوطم الشاخص أمام عيون الجميع، يتثاءب بكل الكسل البشري ويمسح على آليته براحة كفه التي أكل أصابعها الجذام، وكأن الأمر لا يعدو أكثر من نزهة ساذجة في زوايا التاريخ.
بكل هالة الحزن المتكلسة هذه، كانت الحبيبة تروى انفعالاتها أو في الحقيقة ضجرها من كل ما يجري على قلب وطننا وجسد شعبنا، حيث المتاهات المتعددة في كل جوانب الحياة، تلد متاهات متعددة في أمزجة الناس وتصوراتهم، بل تجعلهم يغرقون في بحر من السوداوية والانكفاء عن مباهج الحياة....قلت الحياة؟! ههههههههه تصاعدت القهقهات بوجهي وامتدت الألسن ساخرة، مثلما تزاحمت الأسئلة أمام عينيَّ... أية حياة تقصد؟؟ أتقصد حياة الملايين من العراقيين الضائعة في دهاليز المنفى، والتي تبخرت أحلامها في العودة إلى وطن يوفر لها خبزا وكرامة؟ أم تقصد حياة الذين فقدوا كل شيء من أجل أن يتنفسوا عبير الحرية، ثم اكتشفوا أن تلك الحرية مثل زهور الغربة دون رائحة؟ ربما في ذهنك حياة الذين يبحثون عن حياتهم في أكوام القمامة؟ أو لربما تقصد الحكام التجار، هم وحدهم الذين تجاوزوا التاريخ، وهم وحدهم يمسحون أتربة معاطف جنود الغزاة، وهو وحدهم الذين يغبطهم وجود مجنزرات المحتل ، وهم وحدهم من يغلقون ابواب التاريخ وشبابيكه عن أجمل حلم كحل عيون العراقيين في القرن الماضي، كان ذلك قبل ثلاثة وخمسين عاما، يومها قال أبناء شعبنا (لا) بحجم الوطن، لا للاستعمار، لا لكل الأحلاف التي تقيد عنق الوطن والشعب، لا للجوع، لا للتشرد في بلاد الغربة، كانت تلك ثورة من أجل الإنسان العراقي، وكانت حلما راود مخيلة الكثيرين من أبناء العراق، وكأن العراق حينها ولد من جديد، كل شيء فيه جديد، الحب جديد، الفرح جديد، الحلم جديد، لهذا لم تبرح ذاكرة منْ عاشوا أيامها، ولم يفقدوا طعم حلاوتها صغارا كانوا أم شبابا، تلك كانت ثورة تغيير، ومازالت مبادؤها حية في الأذهان، رغم مرور أكثر من خمسة عقود على حدوثها.
تقول الحبيبة المدينة، تتدحرج، النهر يشرب الحنين، والطوطم الشاخص أمام العيون، الطوطم المتثائب، الطوطم الذي يمسح على آليته، يقول بكل افتخار السذاجة، من أن التغيير قد حصل منذ ثمانية أعوام، ربما نعم قد حصل، ولكنه بدون طعم ولا لون ولا رائحة، لأنه بكلمة واحدة لم يكن عراقيا. لم يكن مثل تغيير الرابع عشر من تموز عام 1958 .

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 13-07-2011     عدد القراء :  1871       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced