متى "يترشق" المالكي؟
بقلم : علي حسين
العودة الى صفحة المقالات

الشعوب الحية تقدم كل يوم تجربة جديدة تُغني بها تاريخ البشرية، بالأمس أصر متظاهرو ميدان التحرير في مصر على تغيير حكومة عصام شرف، وإجبار المجلس العسكري على إقصاء شخصيات يرون أنها لا تمثل العهد الجديد، المتظاهرون كسروا قرار المجلس العسكري بمنع الاعتصامات وتمكنوا من حشد مئات الآلاف في تظاهرة انتهت بقبول الحكومة تقديم استقالتها، بالتأكيد العراقيون وهم يشاهدون أحداث مصر يشعرون بالحسرة،


فها هي أمم وشعوب كثيرة تتحرك لتعديل وضعها أو تصحح بعض الأخطاء في مسيرتها أو حتى تجري تغييرا شاملا في هيكلية الدولة، الشعور بالحسرة فعل إنساني ولكنه في العراق يتحول إلى نوع من الألم القاتل، ونحن نرى أنفسنا بعد مرور ثماني سنوات على التغيير نواجه أحزاباً وقوى سياسية لا يمكن الوثوق بها، قوى سياسية كانت تتشدق بمشاريع الإصلاح والدولة المدنية لكنها تخلت عن كل شيء مقابل حفنة وزارات، للأسف توهم العديد من ساسة العراق أن التغيير وفر لهم المناخ الملائم لتوجيه الشعب بالوجهة التي يختارها، ليخلقوا مناخا سياسيا تخيم فيه الانتهازية والوصولية، هكذا وجد العراقيون أنفسهم يعيشون زمن السياسي الشاطر اللاعب على الحبال، فيما غاب ظل السياسي المؤمن بالديمقراطية والمستعد للتضحية في سبيلها، اليوم الكل بات يدرك أن معظم سياسيينا ومسؤولينا لم يؤدوا دورهم الحقيقي وانشغلوا بأمور لا تخص بناء الدولة، فيما غابت قنوات الاتصال الحية بينهم وبين الناس.
بعد ثماني سنوات أدركنا أن المصيبة فادحة وان الخراب فوق الاحتمال، وان ساستنا الاكارم يريدون حشرنا في بوابة العجز وقلة الحيلة، مصرين على أن يغلقوا كل النوافذ المطلة على المستقبل وأحلام الاستقرار والتغيير والإصلاح السياسي، مغامرون سياسيون تعاملوا مع الوطن باعتباره شركة خاصة يمصون دمه ويجففون خيره ويحجبون شمسه عن أبنائه، اليوم تعجز القوى السياسية في العراق على جعل عدد الوزراء 26 بدلا من 42 فيما تقرر دولة مثل ايطاليا أن تخفض عدد أعضاء مجلس النواب من 630 إلى 250 عضواً، حيث يأتي هذا القرار من اجل توفير مليارات الدولارات لخزينة الدولة، ما يفرقنا عن مصر وايطاليا أنهم يملكون قوى حية وفاعلة للتغيير مقابل صلافة وانتهازية القوى السياسية في العراق.
قد لا يعجب هذا الكلام الكثير من المسؤولين الحكوميين الذين سيسارعون إلى شتمنا واتهامنا بالترويج لأجندة خارجية.
عندما أرادت القوى السياسية في مصر التحرك استطاعت حشد مئات الآلاف وأقنعتهم بالخروج إلى الشارع، الأمر الذي هز الحكومة وجعلها تقبل بكل مطالب المحتجين، وحين خرج شبابنا يطالبون بالإصلاح ومحاسبة الفاسدين شنت عليهم الحكومة وأجهزتها الأمنية حملة شعواء، فيما تخلت عنهم قوى سياسية صدعت رؤوسنا بضرورة الإصلاح والتغيير لأنها لا تريد أن تخسر موقعها في الدولة والمغانم التي حصدتها.
من قبيل التكرار القول إن معظم القوى السياسية في العراق تشترك في صفة واحدة وهي الإصابة بالعمى عن رؤية الحقائق طوال الوقت.. فقط ترى جزءا من الحقيقة، القوى السياسية اليوم تتعامل مع الشعب باعتباره قطيعا وفي أحسن الأحوال مجموعة من العبيد، عليهم أن يحمدوا الله أن هؤلاء السادة السياسيين قبلوا أن يمثلوهم في البرلمان وفي الحكومة.
في غياب قوى المعارضة الفاعلة في البرلمان، عامل المالكي الشعب بوصفه ضيفاً في بلده، لا ينبغي له أن يتدخل في أمور البيت وأصحابه، وأصبح على ذلك الشعب أن يدفع تكلفة الفساد الحكومي ونهب المال العام، كما دفع تكلفة المشاريع الوهمية التي نسمع عنها فقط في خطب وأحاديث السيد المالكي، هكذا يدفع الشعب الثمن ذهاباً وإياباً من دون جريرة أو ذنب.
الناس تريد أن يدفع المسؤولون ثمن الخراب الذي حل بالبلاد، أن تعرف أين ذهبت مئات المليارات من الدولارات التي كان يمكن أن تُبنى بها بلاد جديدة بحجم ايطاليا، الناس تريد أن تتوقف المشاهد التمثيلية للسيد المالكي ومقربيه، تريد حاكما عادلا يصلح من نفسه وحكمه أولاً بأول، وان يكون أول المؤمنين في الإصلاح والتغيير فعلا لا قولا.
السيد المالكي.. الناس لا تريد منكم وعودا، جربوا أن تقدموا لها أفعالا، لدى هذا الشعب فائض هائل من التصريحات لكن ينقصه بصيص من الأمل بأن الغد سيكون أفضل من اليوم وأمس، وهذا حتما لن يتم بوجود مستشارين ومقربين ومحسوبين يلعبون على كل الحبال ولا يريدون أن يغادروا المشهد ولو قليلا.
المدى / 2200

  كتب بتأريخ :  الأحد 24-07-2011     عدد القراء :  1909       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced