شاع في الفترة الاخيرة التأكيد في وسائل الاعلام المختلفة على حالات تكاد تكون ظاهرة، انها حالات التحرش الجنسي بالاطفال، بالرغم من محاولة الكثيرين وممن لهم علاقة بتلك الحالات التعتيم عليها، لمساسها بهذه الفئة العمرية التي لا تفهم ما يتعلق بالجنس، خاصة في مجتمعاتنا العربية، لافتقارهم الى الثقافة الجنسية، التي يخجل الوالدان من الحديث فيها، في الوقت الذي يجب ان يتحدثا الى ابنائهما ولو بامور بسيطة كي يكوّن فكرة صحيحة عن الجنس ويستطيع التعامل مع من يريد استغلاله جنسياً، وفضحه. اذ يلاحظ ان العديد من الاطفال، خاصة الصغار، لن يقولوا اي شيء عن حوادث التحرش، وغالباً ما يكون السبب هو الخوف من الفاعل، الذي يقوم بتهديدهم بأن امراً سيئاً سيحدث لهم او لاهليهم اذا قالوا شيئاً. او يسمع الاطفال من الفاعل ان ما يحدث امراً طبيعياً، خاصة انهم في بعض الاحيان، لا يفهمون ان السلوك الذي يقوم به المعتدي فعل خاطئ.
ومع ذلك فإن الاطفال سيظهرون ردود الفعل بعد الاساءة او العنف، وهذه الردود السلوكية غالباً ما تكون مؤشراً على الإساءة، ولكنها لا تعني بالضرورة تعرض الطفل للإساءة الجنسية، فالعديد من الاطفال، خاصة في الاحياء الشعبية، يظهرون ردود أفعال مؤقتة مشابهة لردود الفعل بعد الاساءة الجنسية، ولذلك لا بد من اجراء تقييم متأن ٍ للطفل.
هذا ما قاله لنا الاستاذ والمربي الدكتور محمود شمال من الجامعة المستنصرية حول الاعتداء الجنسي الذي يتعرض له الطفل، ويضيف: يحتفظ الاطفال بذكريات عن خبرات التحرش او الاعتداء الجنسي، لتظهر في مراحل لاحقة من التطوّر، فعندما يُطوّر هؤلاء الاطفال طبيعتهم الجنسية الخاصة بهم، يفهمون بالكامل ما حدث فيبدأ الاطفال المتعرضون لتجارب اعتداء او تحرش بإظهار ردود فعل ومشاكل نفسية- اجتماعية للانتقام من اساءة حدثت لهم في وقت مبكر.
ردود فعل سلوكية
ويتناول هذا الموضوع من جانب آخر المحامي محمود السعيدي فيقول: ان السلوك الجنسي الى درجة معينة جزء من التطوّر الطبيعي للطفل. ومع ذلك فعندما يحدث بتردد أكبر او في مرحلة عمرية ابكر من الملائم تطورياً، وعندما يرتبط بالاكراه (طفل يجر طفل آخر على الانخراط في اعمال جنسية) او عندما يرتبط بالمحنة النفسية، فإنه يمكن ان يكون مؤشراً على الاساءة الجنسية.
فعندما يتم الاعتداء الجنسي على الاطفال فأن قدرتهم على التمييز بين الصواب والخطأ تتشوه وما يعلمونه سابقاً عن اجسادهم ونشاطهم الجنسي يصبح غير صحيح. ومن النتائج التي يمكن توقعها، ان الاطفال ربما يقومون بسلوكيات جنسية مع اشخاص آخرين، اما لانهم لا يدرون ان ما حدث غير صحيح. وخاصة اذا كان الاعتداء من قبل افراد الاسرة ففي هذه الحالة لا يشك الاطفال بان احد افراد اسرتهم سيقوم بإيذائهم، فهي بنظرهم مصدر الحماية والامان والتعلم لذلك يعتبر ان الامر طبيعي ويزيد من هذا الاطمئنان اختبارهم مشاعرجنسية ممتعة، ومن المحتمل ان يجربوا إعادة خلق هذه المشاعر مع اطفال آخرين. او انهم يقومون بهذه السلوكيات أملاً بالحصول على الاهتمام إذا كان المعتدي يقدم لهم مكافآت مقابل الفعل الجنسي، فيحاولون التصرف بالطريقة نفسها مع اشخاص آخرين أملا بالمكافآة، او لمحاولة فهم ما حدث معهم. وفي بعض الاحيان فإن المشاكل التي يقع فيها الاطفال وردود فعل الآخرين القاسية على سلوكياتهم، يمكن ان يؤكد شعورهم بأنهم سيئون، وبالتالي ينخفض تقديرهم لذواتهم، من دون فهمهم للاسباب.
التبول- التبرز اللاإرادي في الفراش
ويتناول الدكتور الطبيب قحطان الطويل هذا الموضوع مؤشراً ان الاطفال الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي غالباً ما يبللون فراشهم كل ليلة، واحياناً اكثر من مرة في الليلة الواحدة. هذا الامر يمكن ان يكون محبطاً للاهل ومهيناً ومحرجاً للاطفال.
ويمكن ربط هذه الحالة بالمشاعر، فالخوف الشديد قد يسبب فقدان السيطرة على المثانة. وكنتيجة لمشاعر العجز وفقدان الملكية والسيطرة التي يعايشها الاطفال عندما يستخدم شخص أكثر قوة منهم جسدهم لاغراض لا يمكنهم رفضها، يستجيب الاطفال بسلوك التبوّل اللاارادي. او قد يكون وسيلة لايقاظ الطفل من حلم مرعب تعاد فيه تجربة الاعتداء.
ويرى بعض الاطفال كوابيس بين فترة وأخرى، ولكن الاطفال الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي يرون الكوابيس كل ليلة، واحياناً اكثر من مرة واحدة. وقد تكون الكوابيس احلاماً متكررة تزداد رعباً لانهم يعرفون ماذا سيحدث فيها. ومن المحتمل ان تعكس احلامهم مخاوفهم واحساسهم بفقدان السيطرة، لذا يعد طلب حديثهم عن احلامهم وسيلة مفيدة لمعرفة ما حدث في تجربة الاعتداء، وللتخفيف من مشاعر الخوف والذنب التي يشعرون بها.
كتب بتأريخ : الإثنين 25-07-2011
عدد القراء : 2134
عدد التعليقات : 0
بعيدا عن الانظار أطفال يتعرضون لتجاوزات جنسية
