ذاكرة سياسية
بقلم : جاسم الحلفي
العودة الى صفحة المقالات

تابعت اغلب ما صدر من ردود فعل على التصريح الذي أدلى به السيد أسامة النجيفي، حول إقامة فدرالية للمناطق " السنية "من العراق، والذي اخذ مساحة واسعة في الفضاء الإعلامي، ولم ينقطع الحديث حوله في المجالس السياسية لغاية هذا اليوم. والملفت أنني لم الحظ في ردود الفعل أية إشارة الى مفارقة تناقض موقف السيد النجيفي من الفدرالية ذاتها. ولا اقصد هنا حقه في تبني موقف آخر، غير ذلك المعروف عنه برفضه للفدرالية جملا وتفصيلا، وكما عبر عنه مرارا وبصراحته المعهودة. والحق ان السيد النجيفي واحد من قلة من السياسيين، الذين لا يخفون وجهات نظرهم، بل يعبرون عنها بشكل واضح وصريح.
لا ابتغي هنا سحب الحق في تبني موقف آخر، من جانب من لم يتقبل التغيرات التي لا بد ان ترافق عملية التغيير، في مجال بناء النظام السياسي الجديد. فتجديد المواقف وتدقيقها، حينما تطرح الحياة وقائع جديدة، هما حق للسياسي المتفاعل مع الأحداث. ولا غبار على تغيير المواقف والآراء اذا استند الى قناعات جديدة، مبنية على دراسة موضوعية لما يعانيه الشعب من مشاكل وتحديات، والى صدقية في التعامل معها، بحيث يأتي هذا التغيير طبيعيا ومطابقا لواقع الحال، وليس مؤطرا بأهداف سياسية ضيقة، سرعان ما ينتهي منها صاحبها ويعود الى مربعه الأول. فمن شان ذلك ان يضيف عقبة أخرى في طريق العملية السياسية.
لكن في مقابل حق السياسيين يفترض ان يحترم حق الناس في ان توضح لهم حقيقة ما طرأ وأدى الى تغيير الموقف 180 درجة! ومع ان بعض السياسيين درجوا على تمرير مواقفهم السياسية دون اهتمام بذاكرة المواطن، فان هناك من لا زالت ذاكرته متوقدة، وهي تسترجع مشهد نواب العراقية ينسحبون من تلك الجلسة المشهودة لمجلس النواب، التي أقر فيها قانون تنظيم إقامة الأقاليم، وفق المواد الدستورية ذات الصلة. فقد اقترن انسحابهم بتنظيم وإطلاق حملة تشهير ظالمة، تمت إدارتها من وراء الحدود، وعبر فضائيات معروفة الاتجاه والتمويل. وقد تعرضت فيها الى مواقف النواب حميد مجيد موسى وصفية السهيل ومهدي الحافظ ومفيد الجزائري، لا لشيء الا لانهم صوتوا الى جانب إقرار القانون! كما راحت تكرر بث صورهم محملة اياهم مسؤولية الجريمة "المقبلة" - تقسيم العراق، الذي لا يتقسم! وهي بذلك مارست ضدهم التحريض ووضعتهم كأهداف مطلوب تصفيتها.
لا أريد التطرق الى حرص هؤلاء النواب، وموقفهم الشجاع المنطلق من صدقيتهم وأمانتهم للدستور الذي رسم بنية النظام السياسي الجديد، حيث صوتوا مع بقية أعضاء البرلمان، رغم انسحاب النائب النجيفي آنذاك ومعه أعضاء القائمة العراقية. فقد كان قانوناً ينظم الحق الدستوري في إقامة الأقاليم لمن يطالب بها وفق أحكام الدستور، ولا يخضع للأمزجة والأهواء، ولا يحركه الإحباط والشعور باليأس. ولا حاجة هنا للإشارة الى ان الأمانة في تمثيل المواطنين تتطلب في ما تتطلبه الشجاعة، التي هي موقف حق مهما كان الظرف.
ليس هذا وحده الذي تناسته ردود الفعل. فللأسف الشديد هناك أمور كثيرة نسيها الناس، وتناستها النخب. وقد يجد المرء عذرا لذاكرة الناس البسطاء المكتوين بنار البؤس ونقص الخدمات والإرهاب. ولكن اي عذر للنخب التي لا تريد ان تتذكر مواقف الأمس؟

  كتب بتأريخ :  الخميس 28-07-2011     عدد القراء :  1832       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced