قضـــايـــا المــرأة الـــعـــامـــلــة الـــعــراقــية
بقلم : علياء حسين*
العودة الى صفحة المقالات

ثغرات في التشريعات اتاحت الفرصة للالتفاف على حقوقها.

برزت قضايا المرأة عموماً، والمرأة العاملة خصوصاً، على الصعيدين المحلي والعالمي كواحدة من قضايا العصر المهمة والملحة في الظروف الراهنة. فقد اجتذبت اهتماما واسعاً من قبل الاوساط المعنية بالقضايا الاجتماعية وعلى شتى الاصعدة الرسمية والشعبية، وحظيت بعناية فائقة حتى من جانب فئات كانت بالامس القريب لا تعطف على قضايا المرأة ومشاكلها، بل تبدي بصورة أو اخرى معاداتها لتحرر المرأة عند تناول المشاكل الاجتماعية والاقتصادية.
ان الاسباب الحقيقية التي احدثت هذا التبدل ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي والحضاري الذي بلغته البشرية في مسيرتها التأريخية الطويلة وكذلك بالرصيد الضخم لنضال المرأة الذي خاضته مع الطبقات والقوى التقدمية ضد الاستغلال الطبقي والتمييز الاجتماعي، وبالرغم من خصوصية بعض قضايا المرأة العاملة العراقية، يمكن الحديث عن اوضاعها الاقتصادية والاجتماعية وظروف العمل التي تعيشها ودورها في انجاح خطط التنمية وتطوير الاقتصاد الوطني والمعوقات التي تقف بوجه انطلاقها، لقد طرقت المرأة العراقية بعض جوانب الحياة العامة منذ وقت غير قصير واشتركت في نواحي عديدة من مجالات العمل ورغم الصعوبات استطاعت ان تقطع شوطاً بعيداً في طريق التحرر من قيود البيت والتقاليد، والاعراف والتشريعات، ان نوافذ العمل خارج البيت اخذت تنفتح لازدياد الحاجة الى عمل المرأة من جانب الجهات التي كانت تستفيد من هذا العمل للحصول على اكبر مقدار من الربح، بالاضافة الى ذلك فإن الحاجة الاقتصادية اجبرت عائلة العاملة على التراجع عن التزمت والمبالغة برفض عمل المرأة.
وحظيت قضايا المرأة العاملة على صعيد التشريع باهتمام كبير فأقرت وثبتت الحقوق والمكتسبات التي تحققت خلال زمن طويل من النضال المشترك مع الطبقة العاملة والجماهير الكادحة. فقانون العمل رقم 151 لسنة 1970 وقانون التقاعد والضمان الاجتماعي رقم 39 لسنة 1971 حددا شروط العمل وظروفه المناسبة لقابلية المرأة العاملة، الاجتماعية والجسمانية، وضمنت اجازات رسمية بأجور للاعياد والمناسبات واجازات اعتيادية ومرضية للحمل والولادة ونصت على وجوب ايجاد دور حضانة ورياض اطفال قريبة من مشاريع العمل وكفلت الاسعافات والعلاج والوقاية وحددت شروط عمل المرأة الحامل، بما يناسب وضعها، وفتحت لها سبل التدريب المهني، وكسب المهارة، ومكافحة الامية، وساوت في الاجور للعمل المتساوي وحالت دون التمييز بين العامل والعاملة الا بمقدار الفوارق التي تقتضيها ظروف العمل الخاصة. ولكن جاء قانون العمل رقم 71 لسنة 1987 ليتجاهل الكثير من هذه الحقوق، لذلك ما زال واقع المرأة العاملة متخلفاً عن التشريعات العمالية وانظمة العمل. فالاجور المدفوعة للمرأة العاملة وصلت الى نصف الاجور التي يتقاضاها العامل الرجل في بعض قطاعات العمل، واكثر الاعمال التي تزاولها العاملة هي اعمال غير ماهرة او نصف ماهرة ونسبة قليلة من العاملات تحظى بعمل ماهر وفني. كما ان فرص التدريب المهني ورفع المهارة والنشاط الاجتماعي والفني واشغال مراكز مهمة وقيادية في اللجان والهيئات المتخصصة والمنظمات المهنية والنقابية ما زالت قليلة امام المرأة العاملة، ويمكن القول انها محصورة بالرجل. ان البيئة التي تنتعش فيها الظواهر السلبية التي تكتنف حياة المرأة العاملة وشروط العمل، تتمثل قبل كل شيء بالتركة الثقيلة الموروثة من عهود سيطرة الاستعمار والحكومات الرجعية والدكتاتورية المتعاقبة، وبقايا النظرة الرجعية للمرأة التي لا تزال تسيطر على عقول اوساط واسعة من الطبقات والفئات الاجتماعية المختلفة، وبعض رؤساء المؤسسات والادارات والمنظمات والهيئات ذات العلاقة بقضايا العمل، وان بعض الثغرات الموجودة في التشريعات والانظمة والقرارات فيما يتعلق بقضايا المرأة العاملة اتاحت امكانيات الالتفاف على حقوقها يضاف الى الاسباب المذكورة، وربما يكون واحداً من اهمها، قصور المنظمات والاجهزة والدوائر المناط بها متابعة تنفيذ القوانين ومراقبة التجاوزات والخروقات للتصدي لها.
ويلاحظ في الآونة الاخيرة، استقبال اليد العاملة من النساء في فروع جديدة من الصناعة والعمل المتمم لها وولوج ابواب مراكز التدريب المهني ومنظمات المجتمع المدني. وهذه ظاهرة صحية طبعاً وتدل على قدرة المرأة على مباشرة كل فروع العمل الانتاجي والمجتمعي وامتلاك ناصية التكنيك والمهارة، وكافة مستلزمات تطوير وتنمية القابلية ووسائل الابداع. غير ان هذه الوتيرة لا تتناسب مع اقبال المرأة على العمل ولا مع كثرة اليد من النساء المجمدات في البيوت اللاتي يقدر عددهن بأكثر من مليون امرأة.

هذا بالاضافة الى المهمة الضخمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وكل مقتضيات التطور اللاحق والتحولات الجذرية في نواحي حياة بلدنا، وان انجاز هذه المهمة الكبيرة بحاجة الى اقصى الجهود لتعبئة قدرات المرأة العاملة الى جانب الرجل وتحضير عوامل الخلق والابداع فيها وهدم اخر حجر يعترض طريقها.
ان تجارب الشعوب والبلدان التي اجتازت مهمة تحرير المرأة من قيود البيت واعمال الاسرة جديرة بالدراسة واستخلاص ما يفيد في تخطيط مستقبلنا بما في ذلك حل مشكلة المرأة العاملة لكيما تنهض بقسطها في البناء الاقتصادي والاجتماعي وفيما يلي ابرز المهام التي تطرحها قضية تحرير المرأة وتعبئة جهودها في تقدم العراق في شتى المجالات :
1- تفعيل قانون الاحوال الشخصية لعام 1959 بما يضمن للمرأة كامل حقوقها الطبيعية والاجتماعية.
2- منع التمييز في التشغيل والتوظيف وفي الاجر والمرتب وتحقيق الاجر المتساوي للعمل المتساوي.
3- احتساب مخصصات اولاد العاملة واجراء مخصصات للعاجزين من افراد عائلتها اذا لم يكن لهم معيل سواها.
4- شمول كل افراد عائلة العاملة بالضمان الصحي والاسعاف والوقاية.
5- منح المرأة العاملة اجازة الحمل والولادة مدفوعة الاجر بغض النظر عن مدة التحاقها بالعمل وحجم المشروع.
6- منح العاملة اجازة مرضية مدفوعة الاجر في حالة دخول طفلها المستشفى.
7- توفير دور حضانة ورياض اطفال قرب محلات العمل. وتوفير مستشفيات الامومة والطفولة وحماية الاطفال في الاحياء العمالية والمناطق الشعبية.
8- فتح معاهد التدريب المهني للنساء على اصناف العمل وفروعة كافة وفسح المجال لرفع مستوى المهارة المهنية اسوة بالرجل.
9- اعادة فتح مراكز محو الامية في المناطق المخصصة لسكن العمال وتقديم المساعدات المادية والمعنوية للدارسات عبر منظمات المجتمع المدني وتوفير وسائل الراحة للأطفال اثناء وقت الدراسة.
10- تعديل التشريعات والانظمة لغرض توسيع حقوق العاملة وحذف النصوص والبنود التي تعطي مجالاً للالتفاف على هذه الحقوق من قبل الادارات وارباب العمل اثناء التطبيق والممارسة.
11- ضمان العمل لكل امرأة قادرة ومستعدة له ومنع الفصل من العمل منعاً باتاً إن لم تسبقه اجراءات التنبيه اولاً.
12- ضمان مشاركة العاملة في عضوية وانتخاب، وقيادة اللجان والهيئات النقابية وذات النشاط الفني والاجتماعي والاختصاصي ومجالس ادارات المؤسسات والشركات العامة.
* نقابية عمالية
طريق الشعب /العدد 1

  كتب بتأريخ :  الأحد 31-07-2011     عدد القراء :  2036       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced