من أجل شراكة مجتمعية تعليمية تخطيط دروب النجاح لمسيرة التعليم
بقلم : نعمة عبد اللطيف
العودة الى صفحة المقالات

في الألف الثالثة أصبحت المعرفة محركا للإنتاج، وعملا هاما في النمو الاقتصادي والتطور الاجتماعي والرقي الثقافي. وأصبح بناء العنصر البشري وتزويده بأنواع المهارات والمعارف وتنمية قدراته وإمكاناته لقيادة عجلة الإنتاج وللتسيير السياسي الفعال حلا لأمور المجتمعات في القضايا المطلوبة وبإلحاح.
وقد وصل تأثير المعرفة والتعليم إلى مسألة التداول السلمي للسلطة وانتقالها بين القوى السياسية في العديد من المجتمعات البشرية، وأصبح ذلك مظهرا هاما للديمقراطية ودليلا واضحا على نضج الشعوب وقابلياتها في قيادة مجتمعاتها وتحقيق أمانيها بهدوء وسلام. ولهذا فقد وصلنا إلى مرحلة تتطلب منا وضع استراتيجية وطنية للتعليم واضحة الأهداف، تتضمن رؤية مستقبلية واعية لأهداف المجتمع وتطلعات المواطنين في حياة آمنة يظللها السلام الاجتماعي ويدعمها الرفاه الاقتصادي، بعيدة عن العنف والطائفية والعنصرية، تعمر قلوب المواطنين فيها المحبة لبعضهم والاعتزاز العالي بوطنهم والثقة الكبيرة بمستقبله.
وأن تحظى هذه الاستراتيجية بالدعم الكامل من قبل المسؤولين ومشاركتهم الواسعة والفاعلة من قادة السياسة التعليمية والمشرفين عليها، ومن قبل جميع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات وأولها نقابات المعلمين والمحامين والأطباء والنقابات العمالية والمنظمات النسوية والخيرية، من أجل تخليص التعليم من تخلفه المزمن ومن القصور المستمر في أداء مهامه ومن أجل أن يكون قادرا على إحداث التغيير المنشود في المجتمع. وهذا لا يتم إلا إذا كان الاستثمار في العنصر البشري متكاملا وشاملا، لأن الإنسان هو أساس النشاط الإنتاجي والتكوين الاقتصادي والتطور الاجتماعي والتغيير السياسي، ومن الضروري الاستمرار في تدريبه وتعليمه وجعله مواكبا لأحداث التطورات العلمية والتكنولوجية والسياسية.
التعليم قضية وطنية كبرى
إن كل مجريات الأمور في مجتمعنا، وفي العالم كله، تؤكد حقيقة لا جدال فيها وهي إن قضايا التربية والتعليم ومواجهة مشكلاتها المتعددة والمتنوعة وما يواجه مسيرتها من تحديات، هي قضية وطنية كبرى، أكبر من أن تلقى على عاتق وزارة أو مؤسسة لوحداها، وقضية مجتمعية يجب أن يشارك فيها جميع أبناء المجتمع وتتكاتف جهود كوادره ومربيه ومثقفيه وأحزابه ومنظماته على اختلاف انواعها ومستوياتها لدعم القضايا التربوية وجعلها فاعلة قادرة على تحقيق أهداف المجتمع الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وإرساء مبادئ الديمقراطية بين أفراد المجتمع والوصول إلى إحداث التغييرات المنشودة في المجتمع.
لقد أكدت الكثير من الدراسات التربوية على دور الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية ومنظمات المجتمع المدني، وضرورة مشاركتها المدارس والأسر والمؤسسات التربوية النظامية وغير النظامية في تنمية رأس المال البشري، وإعداد الإنسان المنتج القادر على خدمة وطنه، وتطوير الإنسان القادر على استيعاب ما تأتي به الألف الثالثة من العلوم والمعارف والتطورات التكنولوجية المتسارعة بشروطه السياسية والتزاماته بالديمقراطية وحقوق الإنسان والقيم الإنسانية الخيرة. وقد وصلنا إلى عصر يتصف بسرعة الابتكار والإنجاز، عصر يجسد القيم الإنسانية ويعطيها الأولوية ويغذيها بكل جديد ويفتح أمامها الطريق واسعا للمشاركة في المعرفة والثقافة الإنسانية، لأنه أحد الأمور التي تساعدنا على اللحاق بالتطورات العالمية، وتنمي لدينا الرؤى والمفاهيم والأفكار والدوافع والتطلعات الإنسانية وترفع مستوانا الثقافي، وتبعدنا عن قيم التخلف والعنف والطائفية السائدة في مجتمعنا، المفاهيم التي تغذينا بإفرازاتها الجديدة والمثمرة والمنافسة التي ترفع مستوى الإنسان إلى الأفضل وتوفر له كل طموحاته ورغباته، وتشكل بالتالي الواقع الاجتماعي والفكري بصورة متطورة وبرؤية متكاملة.
مفهوم الشراكة المجتمعية التعليمية
هي بناء وتثبيت علاقات عمل وتعاون بين المسؤولين عن السياسة التعليمية وبين الأحزاب السياسية والمنظمات والنقابات، ورجال الفكر والكوادر التربوية وجميع فئات المجتمع، تقوم على تبادل الأفكار والاهتمام بمعالجة المشكلات والمعوقات التي تعترض مسيرة العملية التربوية والتعليمية. والعمل على تحديث التجارب والخبرات المشتركة وتطويرها وتعزيز الثقة والقناعة والاندفاع بممارسات تهدف إلى التغلب على نواحي القصور والضعف والتخلف في المسيرة التعليمية بتقديم المساهمات الناجحة المتبادلة التي توصل إلى التجديد والتحديث وإعداد الخطط ودعم البرامج وتنفيذها.
إن الشراكة المجتمعية تساعد على بناء تعليم له مغزى بتطابقه مع مواقف الحياة المعاصرة ومتطلباتها، قادر على بناء شخصيات المواطنين الاجتماعية والثقافية والمهنية في ضوء التحولات التي تواجه المجتمع والعالم من حولنا. وتقديم ثقافة لشبابنا أفضل وأكثر ملاءمة للواقع المتجدد والتحديات المستقبلية، اي تنمية ثقافية تجعل أفراد المجتمع يتقبل بعضهم بعضا وتجعل للتربية امتداداتها خارج المدرسة لتقود إلى نشر الثقافة والمعرفة التي تعمل على تماسك المجتمع وتطوره وتقدمه.
ومن أجل الوصول بتعليمنا لهذا المستوى لابد من تقوية ترابطنا وتعاوننا مع المؤسسات التربوية العالمية والفاعلة مثل اليونسكو والاسيسيكو والالكسو ومكتب التربية العربي لدول الخليج الذي أسس (منتدى البرلمانيين العرب).

  كتب بتأريخ :  الأحد 31-07-2011     عدد القراء :  1859       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced