إفساد السياسة وسياسة الإفساد
بقلم : جاسم الحلفي
العودة الى صفحة المقالات

ما أكثر الأدلة على  إفساد السياسة وسياسة الإفساد في العراق. والحديث هنا ليس عن "مؤسسة الفساد" بشكل عام، وعن نفوذها في دهاليز المال والاقتصاد والإدارة، وامتداد إخطبوطها المرعب الى الحياة العامة. إنما يدور الحديث حول ركن منها، هو المرتبط بالفساد السياسي، وهو الأخطر بالنظر الى دوره في توفير المناصب للفاسدين، وحمايتهم ومنع أي تقليص لنفوذهم، وتوفير الأجواء التي تسهل عملهم، وتهيء الأذهان لقبول هذا الواقع المؤلم.
وحين يواجه الشعب العراقي هذا الواقع بالشجب والإدانة، كون الفساد فعلا شائنا لا يتقبله أي شعب حر، يلجأ المتنفذون الى تبادل الاتهامات بتسييس الفساد. واحدث ما يمكن الإشارة إليه في هذا الصدد، هو تعامل مجلس النواب بكتله المختلفة مع موضوعة استجواب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ومفارقات التصويت على حجب الثقة عنها!
لا ابتغي هنا التذكير بمواقف السياسيين من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، منذ الفترة التي سبقت إجراء الانتخابات البرلمانية الاخيرة،  وخشيتهم من عدم حياديتها في إدارة العملية الانتخابية، و تشكيكهم في استقلاليتها، وارتيابهم في تشكيلتها. وذلك فيما كانت تتصاعد من جانب الغالبية العظمى من القوائم، التصريحات حول عمليات التزوير.  ولا يمكن نسيان حصول بعض المرشحين في انتخابات مجالس المحافظات على صفر من الأصوات ، حيث لم يحتسب حتى صوت المرشح لنفسه(!) في مفارقة اقرب ما تكون الى الخيال! فيما لم نسمع أي تصريح من أي نائب او مسؤول، يبرئ المفوضية من سوء إدارتها للانتخابات ومن الأخطاء الفاضحة التي وقعت فيها، وما أكثرها.
كذلك لا اريد هنا العودة الى عملية استجواب المفوضية في مجلس النواب، والتهم التي وجهت اليها، من فساد مالي وإداري وامتيازات غير مشروعة وإيفادات غير مبررة وحجوزات فندقية وهمية، فضلا عن  تسليم أهم ما في العملية الانتخابية، وهو التحكم في البرنامج الالكتروني لأصوات الناخبين، الى جهات خارجية.  ومرة أخرى لم ينبرِ احد من النواب للذود عن المفوضية، التي كان ردها على  التهم التي وجهت اليها ضعيفا وغير مقنع، في مقابل قوة الأدلة الموثقة التي قدمتها النائبة حنان الفتلاوي أثناء الاستجواب. ولم نسمع في النهاية سوى بعض التصريحات الخجولة، التي حاولت رد تهم الفساد بالحديث عن تسييس الاتهامات!
واللافت هو نتائج التصويت: حيث رفض 151 نائبا عزل أعضاء مجلس المفوضية العليا  للانتخابات، فيما ايّد العزل 94 نائباً فقط، من أصل 245 نائبا حضروا تلك الجلسة. فكم كانت المبررات باهتة، ومنها الحاجة الى خبرة المفوضية!؟  ولا احد يعلم في أي مجال تتجلى هذه الخبرة، ولا كيف يمكن الاستفادة منها؟
ويقال هذا بعد كل النواقص التي أشار إليها الاستجواب، وقبله تقارير مراقبة الانتخابات!  فيما يذهب تصريح آخر الى القول ان حجب الثقة كان يجب ان يتم بعد الاتفاق على تشكيل مفوضية جديدة. والسؤال هو  كيف يتم تعيين  الجديد قبل ان  يكون هناك شاغر إداري!؟
لكن الأغرب في كل هذه التصريحات هو اعتبار ما جرى انتصاراً سياسياً على جهة معينة، والابتهاج بقدرة الجهة المقابلة على إيقافها عن التفرد!
ولا جدال في ضرورة إيقاف التفرد، لكن ليس على حاب محاربة الفساد وسوء الإدارة!

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 03-08-2011     عدد القراء :  1781       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced