"تقفيص" دولي
بقلم : جاسم الحلفي
العودة الى صفحة المقالات

لو قدر لوزير الكهرباء، او لأي مسؤول كبير آخر في الدولة، له دور في عقد صفقة الشركات المفلسة والوهمية، شراء مولدة خاصة لبيته، ومن ماله الخاص، هل تراه يتعامل مع بائع وهمي، بلا مبالاة، وبعدم حرص؟ كما تم في صفقة الشركات الوهمية الكندية والألمانية، والتي كشفت طريقة التعاقد الساذجة، الارتجالية، والتفريط بالأمانة وعدم احترام المسؤولية.
على كل مسؤول يتهاون في إدارة موارد الدولة، ويستخف بالأموال العامة ان يسأل نفسه كيف كان يتدبر بيته؟ وبأية طريقة يتبضع أثاث منزله؟ قبل ان يصبح مسؤولاً كبيراً في الدولة ومتنفذاً فيها! وهل يتصرف برواتبه أيام الحصار السوداء، وأيام اللجوء الأكثر قتامة، بهذا "الاستسهال"؟
أصبح العراقي، وبسبب ما مر به من أهوال و حروب وحصار واحتلال واقتتال طائفي وإرهاب، الى جانب الفساد، وسعة نفوذ الفاسدين، الذين يسمع أخبارهم وحيلهم في تمرير الصفقات، وبطرق تجاوزت أساليب عصابات المافيا، أصبح العراقي وبسبب كل تلك المصائب نبها وحساسا الى درجة كبيرة، ولا تمر عليه، بسهوله حيلة اي "قفاص" مهما كانت قوة حبكتها. لكن الغريب ان حيلة "التقفيص الدولي" مرت بسهولة ويسر على السيد وزير الكهرباء واللجنة الوزارية للطاقة، وعلى كل مسؤول كبير آخر في الدولة، له دور ما في عقد الشركات المفلسة والوهمية.
ويبدو ان سحرا ما وضع الغشاوة على العيون، فهناك من يقول انه عدم اهتمام، وهناك من يقول عدم كفاءة، وهناك من يقول ان العيون كانت ترنو الى  ثمن الصفقة، الذي أعمى بصيرتهم، كما يشاع في الشارع اليوم، والحقيقية ستبقى مجهولة، ولن تعلن للرأي العام، كما هي سابقاتها. للفساد نظام يحميه، لكن الشواهد تكشف يوما بعد آخر، ان سياسة المحاصصة لا تحمي الفاسدين وتغض الطرف عن غير الكفوئين فقط، وإنما توفر تربة خصبة لإنتاج الفساد وإعادة إنتاجه مرة أخرى.
لم أتفاجأ بقضية التعاقد مع الشركات الوهمية، كونها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل حكومة "الشراكة الوطنية"، فقد سبقتها قضية فضائحية أخرى، هي توريد شحنة لعب أطفال بدلا من المولدات الكهربائية،  ولشدة غرائبيتها، لم يتم تصديقها أصلا، فقد عّدها كثيرون انها تقّول باطل عن الحكومة ليس الا، فلم يتداولها الإعلام كما يجب،  ولم يكترث بها الناس. وانطلاقا من ذلك فقد تعلم "القفاصون الدوليون" كيفية تمرير ألاعيبهم على المتنفذين بكل هذه السهولة، حيث لم يبرروا الثقة بحرصهم على أموال العراق وموارده.
لم تبذل الحكومة اي عناء يذكر في التحقق من اسم وقدرات الشركات التي تتعاقد معها، ويبدو ان المعنيين لم يصرفوا بضع دقائق للبحث في محرك "غوغل" عن تلك الشركات، ربما انصب بحث البعض عن حصته بالصفقة!
قضية الكهرباء تعد، كما يفترض، أولوية في برنامج الحكومة، لكن اذا كان أداء الحكومة وتعاطيها مع هذا القطاع الهام بهذه الطريقة، اذاً كيف هو الأداء يا ترى في القطاعات الأخرى؟!.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 17-08-2011     عدد القراء :  1740       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced