:لسنا شحّاذين .. يا سادة
بقلم : عدنان حسين
العودة الى صفحة المقالات

عدنان حسين
في ثماني سنوات يُنهي المرء الصغير مرحلة المدرسة الابتدائية وثلثي المرحلة  المتوسطة.. وفي ثماني سنوات يُمكن أن ينهي المرء الكبير مراحل البكالوريوس  والماجستير والدكتوراه مجتمعة.. أي انه في ثماني يمكن للطفل الجاهل الأمي  أن يتحوّل إلى شخص متعلم ونصف مؤهل للعمل، ويمكن لثلاثة أرباع المؤهل (خريج  الثانوية) أن يُصبح في ثماني سنوات مؤهلاً بدرجة رفيعة... لكن الأمر مختلف  على صعيد طبقتنا السياسية.

طبقتنا السياسية هذه مرّ عليها الآن أكثر من ثماني سنوات وهي في الصفوف الأولى من المسؤولية، بيد أنها لا تبدو قد تعلّمت حتى الحد الأدنى من أصول الحكم والإدارة وفن السياسة، فترى أخطاءها تتناسل وتتفاقم من دون انقطاع، بل أن عدم تعلمها يشمل حتى ما يتصل بالذوق واللياقة والإتيكيت.
مناسبة هذا الكلام الإعلان عن أن اللجنة المالية في مجلس النواب طلبت من رئاسة المجلس "إهداء الموظفين والشعب العراقي مبالغ محدودة كعيدية لإدخال الفرحة عليها لمناسبة حلول عيد الفطر المبارك"! فكرة كهذه لا تنشأ وتتبلور إلا في ذهن شخص ضعيف الشخصية وطمّاع يسيل لعابه للمال وإن بأبخس قيمة، أو له عقلية من طراز عقلية صدام حسين وأمثاله من السلاطين والأباطرة والخلفاء ممن كان واحدهم يرى نفسه مالك الملك كله المتصدق على الرعية.
من المعيب أن ينظر "نواب الشعب" إلى شعبهم باعتباره مجموعة من الشحاذين والصعاليك والمساكين تحلّ عليهم الصدقة ويتوجب لهم الإحسان في المناسبات الدينية وغير الدينية.
النواب الذين قدموا هذا الاقتراح لا يستحقون أن يكونوا في المواقع التي يحتلونها ممثلين للشعب ونواباً عنه، فهم بهذا إنما يُطلون على الشعب من علّ وينظرون إليه بقدر من الترفّع واستصغار الشأن.. فمن قال لهم إن الشعب جائع ويحتاج إلى أن يتمنن عليه النواب بما يسدّ الأود؟ ومن قال لهم أن الشعب عريان ويتلهف إلى أن يتفضّل عليه النواب بما يستر العورة؟
الشعب العراقي لا هو بالجائع ولا هو بالعريان، انه في واقع الحال مريض ويحتاج إلى المستشفيات والمستوصفات التي سُرقت أموالها قبل أن يكتمل حفر أساساتها.. والشعب يكابد الحر صيفاً والبرد شتاء للعام الثامن على التوالي بعدما اختلست مليارات الكهرباء شركات وهمية، بين المساهمين فيها ومن أصحابها نواب ووزراء ووكلاء ومدراء فاسدون ومفسدون. الشعب تنقصه المدارس التي نهب الفاسدون والمفسدون تخصيصاتها وتُركت هياكل من دون جدران أو أسقف تعصف بها الريح والرمال في العراء. الشعب يحتاج إلى وظائف وأعمال لبناته وأبنائه الخريجين ممن سَرق وظائفهم ومناصبهم أصحاب الشهادات المزورة الذين يسعى الآن البرلمان بعد الحكومة إلى مكافأتهم عن جرائمهم المخلّة بالشرف الشخصي والوطني بالعفو عنهم عفواً عاماً.
لسنا شعباً شحّاذاً أيها النواب يمدّ إليكم صحون الفافون (الألمنيوم) في انتظار فضلاتكم المسمومة... امسكوا أنفسكم وزملاءكم في الدولة عن سرقة مالنا العام وسترون أننا الأغنياء والأعزّة.
adnan.h_(at)_almadapaper.net

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 23-08-2011     عدد القراء :  1915       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced