يوم بلا ماء!
بقلم : سليمة قاسم
العودة الى صفحة المقالات

مع مجيء الصيف اكتسبت عادة جديدة هي الاستيقاظ  فجرا، حينها يكون الماء متوفرا لقلة مستخدميه في تلك الساعات، لحسن الحظ كانت العزيزة الكهرباء متوفرة، توجهت فورا نحو أنبوب الماء الرئيسي بعد تشغيل ماطور الماء (ألحرامي) كما أسماه البائع حين اشتريته منه، لكن الماء كان مقطوعا ، وبعد محاولات عدة لم أحصل منه سوى صدى الهواء الذي يدفعه بدلا من الماء.
كنت أتوقع ان يحدث هذا في أية لحظة ولكن ليس في تلك الساعات، تبدلت كل خططي صباح ذلك النهار، فالماء شريان الحياة، أجريت أولا اتصالا هاتفيا للاعتذار عن الذهاب الى العمل، فبقاء الأطفال بمفردهم معناه استنزاف كمية الماء الموجودة في غضون ساعة، وأوقفت معظم نشاطاتي التي كنت أمارسها عادة مع بدء النهار من غسيل الملابس وطهي الطعام والاستحمام قبل الذهاب إلى العمل.
أعلنت حالة الطوارئ في البيت وأخبرت الجميع بضرورة تقنين استخدام الماء الموجود لدينا ، وبدأت بحصر الأشياء التي سوف يمنع الماء عنها وهي مبردة الهواء والأغصان الصغيرة التي زرعتها في باحة الدار لتدفع عني الإحساس بالتصحر، استبدلت وجبة السمك التي كنت انوي طهيها لحاجتها إلى كمية كبيرة من الماء بحساء العدس، إضافة إلى تسببه بالعطش وهو أمر ليس مقبولا في ذلك اليوم، بعثت أبني ليشتري لنا قنينة مياه معدنية من الحجم الكبيرة.
بحثت حلولاً آنية كثيرة علّني افلح في مواجهة المشكلة بتروي، لكن أعصابي بدأت تتوتر مع تناقص كمية المياه الموجودة في البيت، فكرت أن مجيء الكهرباء سيقلل من حاجتنا لها، فبدا توقيت تشغيل المولدة الأهلية ، ومن التلفاز اكتشفت أن المشكلة شملت أحياء واسعة من بغداد، شاهدت الكثير من النسوة يحملن قدور الماء فوق رؤوسهن، وتخيلت أنني قد أضطر إلى فعل هذا ألأمر.
وفيما كنا نعايش غياب الماء صوتا وصورة انقطعت الكهرباء فجأة، ليتضح أن المولدة الأهلية بحاجة للماء كي تعمل وهنا أدركت سر العلاقة الجدلية بين الماء والكهرباء. لعنت حينها حظي العاثر ودول الجوار التي فعلت هذا بنا حين أقامت السدود لتمنع وصول الماء إلينا ، ولعنت سوء تخطيط حكوماتنا المتعاقبة التي فشلت في التوصل إلى حلول مناسبة مع تلك الدول، وتذكرت جاري الذي يصر على رش باب بيته بكمية  من الماء تكفي لتروي عطش أناس آخرين.
القلق بدأ يجتاحني بعد أن عاهدت نفسي أن أتحمل تلك ألازمة الطارئة بهدوء أعصاب كبير، ورحت أفكر ماذا لو أستمر انقطاع الماء أياما عدة، وما الذي سوف أفعله حينها، وهل ستحتمل ميزانية العائلة أجوراً أضافية؟ حين أرتفع صوت أبني الصغير معلنا مجيء الماء، لم أصدق ادعائه ذاك،لكن صوت الماء وهو ينساب جعلني أقفز من مكاني فرحا،لاْراه بأم عيني، سقيت  الأغصان الصغيرة التي أصابها الذبول، وذهب ذلك القلق اللعين، فقد أصبح في بيتنا ماء!

  كتب بتأريخ :  الأحد 28-08-2011     عدد القراء :  2092       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced