120 طفلا ضاعوا في متنزه الزوراء..العيد.. اخبار ساخنة.. وامنيات تبحث عن حلول
بقلم : سها الشيخلي
العودة الى صفحة المقالات

لاأحد يعرف متى يبدأ العيد في العراق، فهناك دائما توقيتان لثبوت "الرؤية  الشرعية"  مما ساهم في تمديد ايام العطلة  فقد أعلنت الحكومة أن عطلة العيد  تبدأ من الثلاثاء ولمدة 5 أيام وذلك تحسبا لاختلاف التوقيت في تحديد يوم  العيد وفيما يستقبل العراقيون هذا العيد بموجة ساخنة من الصراع السياسي على  المناصب،


جارتي التي هي اول المهنئين في العيد قالت ان الحكومة منحت لاعضائها عيديات بالملايين، وكانت تقصد الانباء التي تحدثت عن المبالغ التي خصصتها رئاسة البرلمان لنفسها ، قلت لها لاعليك العيد القادم سيمنحون العراقيين جميعا عيديات " خشنة " ماان غادرت جارتي حتى رددت مع نفسي بيت المتنبي الشهير " عيد باية حال عدت ياعيد " باية حال استقبل العراقيون العيد ،  ماهي امانيهم ، مااحلامهم وطموحاتهم، اسئلة كثيرة حاولت ان اجد الاجابة عليها وانا اخطو خطواتي الاولى خارج البيت.
جولة في المتنزه
كانت زيارتنا لمتنزه الزوراء في اول ايام العيد وذلك للحديث مع البغداديين عن طقوس الفرح التي يمارسونها بعد انقضاء شهر الطاعات. اول عقبة واجهتنا هي قطع الطرق المؤدية الى المتنزه ما اضطرنا انا وزميلي المصور الى السير تحت شمس اب الحارقة وقد كان ذلك اليوم الأشد حرارة من بقية الايام او هكذا خيل إلينا ونحن نغذ السير للوصول الى المتنزه. كانت جموع المحتفلين تسير معنا بصبر نافد وهم لا يكفون عن التذمر من قادة عمليات بغداد الذين اوجدوا هذا الاجراء للحفاظ على أرواح المحتفلين وكانت تعليقات البعض منهم وتساؤلاتهم عن اخر تفجير شهدته بغداد قبل يوم من العيد وهو تفجير جامع ام القرى الذي ذهب ضحيته اكثر من 90 شهيدا ،وعدد كبير من الجرحى بين شباب واطفال وشيوخ ، ومن يقف وراء ذلك التفجير المروع ؟ وكان التأكيد على غياب الوزراء الأمنيين والصراع الدائر حول المناصب هو الجواب الذي توصل اليه الجميع الذين جاءوا للاحتفال بالعيد. وعلى جانبي الطريق كانت توسلات المتسولين بدفع العيدية تعيد الى الاذهان عيدية رئيس مجلس النواب ونائبيه الكبيرة ، وما أحوج هؤلاء المتسولين الى  دنانير تنسيهم فقرهم ولو لدقائق ،  وبعد وصولنا إلى المتنزه وجدنا العيد في تلك البقعة الجغرافية ( متنزه الزوراء )،مغلفا بالحزن والأسى ، هذا ما عكسته لنا وجوه المارة والمحتفين بالعيد التي أكدت الفقر والعوز و الحرمان .. كنا نسير في ممرات المتنزه التي اختلطت في ارجائها رائحة ( الدولمة ) برائحة الدهان (البوية) التي صبغت بها الارصفة وزينت الممرات برسوم لأغصان الزهور.
سرنا بين ممرات وحدائق منسقة وجميلة الا اننا وجدنا ان اسعار المرطبات مرتفعة بل وحتى قناني مياه الشرب قد تضاعف سعرها ، وهذا يعني ان الداخلين الى المتنزه عليهم ان يحملوا معهم مبالغ كبيرة اذا ما أرادوا تناول الوجبات السريعة وانخراط الاطفال في الصعود الى الاراجيح او دواليب الهواء ،والتي قال اغلب الاطفال ان اسعار الالعاب قد اتت على كل العيديات التي ادخروها.  وقفنا امام عائلة جاءت من الاعظمية للاحتفال بالعيد وكانت مجموعة من النساء والاطفال منهمكين في اعداد مائدة الغداء قالت السيدة ام وسام ان العيد في هذه الايام لا يحمل نكهة العيد المميزة التي كانت في السابق فكل اهلها قد هاجروا الى ارجاء المعمورة بعد فقدان الامن والخدمات ، وان الاحتفال بالعيد صار عبر المسجات التي تصل من الاهل والاحبة البعيدين عن الوطن .
من الافت للنظر ان بعض الفرق المسرحية جاءت الى المتنزه لعرض مسرحياتها سواء كانت للصغار ام للكبار ، وكانت هناك يافطات كثيرة تحمل عناوين تلك المسرحيات فدخلنا مسرحية تحمل عنوان ( لعبة البنات ) لفرقة مسرح ( باب المسرح ) التي تشكلت عام 2004  وتحدث الينا مؤلف ومخرج المسرحية حسين علي صالح قائلا:
-تصوري طلبت منا دائرة السينما والمسرح مبلغا قدره 5 ملايين دينار لكل يوم عرض للمسرحية هذه ! مما اضطررنا الى عرضها في متنزه الزوراء ، وسوف تعرض طيلة ايام العيد وهي من بطولة ميلاد سري وحيدر عبد ثامر وتدور احداث المسرحية حول الفقر والغنى ، كما تعالج خطف البنات وانعكاساته على العائلة.
ثم دخلنا الى مسرح اخر تعرض من خلاله فرقة ( ثيسبس للفنون ) مسرحية الثعلب الذي خدع نفسه وهي خاصة بالاطفال ، وتحدث الينا مؤلف المسرحية عل الخطاط واشار الى ان المسرحية تدور حول الثعلب الذي حاول ان يكون مكان الاسد لكن الذئب كشفه وهي تهدف الى تعليم الصغار الصدق والصراحة والابتعاد عن الكذب والرياء ، وشكا الخطاط من اهمال الدوائر المعنية للفن عموما وللمسرح خصوصا ، مع ان الدول تنهض بفنونها، واصفا المعنيين بالامر بالاهتمام بمصالحهم الشخصية والدليل برأيه كثرة ملفات الفساد ، تركنا المسرح الخاص بالصغار لنقف امام لعبة ( تصادم السيارات ) والتي يتعالى من خلالها صراخ الأولاد المراهقين الذي تستهويهم هذه اللعبة التي تعتمد على شطارة بعضهم ، يحدثنا يونس مجيد صاحب اللعبة الذي قال انه مستأجر هذه اللعبة سنويا من امانة بغداد و ان لديه خمسة ابناء هم الان في المتنزه ، وان العائلة العراقية تأتي الى المتنزه بعد عناء رمضان الذي كانت أجواؤه شديدة الحرارة ، بعد ذلك ندخل حديقة الحيوانات وتطالعنا اسراب من البط والاوز يسبحون في مياه وبرك آسنة ضحلة ،وقد فاحت من المكان روائح نتنة وعفنة ،  لنقف امام الاسود كانت اللبوة تستلقي متعبة من حرارة الجو، حارس عرين الاسود اخبرنا ان هذه الاسود قد تم استيرادها من الهند ويزن الذكر منها 350 كغم، اما الانثى فوزنها 200-150 كغم وتعيش اسرة الاسود لفترة 4 سنوات ثم يتم الانفصال بين افراد العائلة بعد ان ترضع اللبوة صغارها لفترة سنتين ، وفترة حمل لمدة 110 ايام ،وان عمر الاسود لا يزيد على 13 سنة فقط ،  ثم نبحث عن النمر لنجده قد غطس في حوض النافورة من شدة حرارة الجو وقد أراح رأسه على حافة الحوض وترك جسمه في الماء ، وسرنا بين اقفاص الطيور المتنوعة ، وبعدها دخلنا حديقة النباتات الظلية التابعة لأمانة بغداد  واخبرنا حسن عبد علي ان عدد انواع تلك النباتات الظلية هو 70 نوعا و موطنها هو آسيا ، ماليزيا ، السودان ، سوريا  الى جانب النباتات المحلية ، ثم دخلنا الى إحدى الكازينوهات وتقدمنا من احد الشباب وسألناهم ( كيف ترون العيد ؟ ) قال يوسف :  أيام العيد ليست أياما تأتي وتروح ، العيد هو ان نرى الوطن وقد عاد مزهرا نظيفا على اقل تقدير !  ليس مكبا للقمامة ، اذهبي الى أي شارع سواء في الكرخ او الرصافة ستجدين كومة من الازبال ، ساحات بغداد محفورة ، تلال من الانقاض تزيد من قباحة وجه بغداد الذي كان جميلا الى وقت قصير ! لماذا هذا الاهمال ، لما كل هذه الفوضى ؟ وصاح رجل كان يستمع الى حديثنا فصرخ انهم سرقوا كل شيء منها حتى فرحة العيد !  من أهم أحداث اليوم الاول للعيد انفجار في منطقة الغدير راح ضحيته رجلان من منتسبي الشرطة . وعن الاجراءات الاحترازية والوقائية تم غلق اغلب الشوارع في بغداد وقال لطيف عبد الكريم مدير الدفاع المدني ان تلك الاجراءات تعيق الوصول الى مكان الحادث لوجود الصبات الكونكريتية وكثرة رجال السيطرة مع قلة آليات المديرية .

عسكرة العيد
في اليوم الثاني للعيد ذهبنا الى مدينة الكاظمية المقدسة ، كانت تبدو نظيفة وساحاتها جميلة ، كانت بعض الحدائق العامة مكتظة بالأطفال الذين قدموا مع ذويهم للاحتفال بالعيد ، ملاعب الاطفال كانت ملونة وكان الصغار يستقلون سيارات الـ( ستوتة ) ووجدنا واحدة من تلك السيارات وقد تكدست فيها اطفال لا تزيد اعمارهم على 10 سنة وقد شهروا لعبهم التي كانت على شكل بنادق ومسدسات بوجهنا ، ضحك الرجل الذي كان معي وهو يقول: ها هي مخلفات الحروب التي عاشتها المدينة ، أنهم يعسكرون حتى العيد !
قدمنا الى الاعظمية عبر جسر الأئمة .. فكانت المدينة زاهية بألوان العيد  ومررنا بساحة مرقد الإمام ابي حنيفة النعمان فوجدنا  الكازينوهات مكتظة بروادها والمطاعم الشعبية تشهد هي الاخرى ازدحاما ، كانت الأرصفة تمتلئ بزبائن الكازينوهات من اطفال ومراهقين ، ثم دخلنا حديقة النعمان ،وقد شاهدنا انتشار العوائل في الكازينو الخاص بالحديقة  وكانت لا تبدو عليها بشائر العيد ذلك ان غالبية الذين استشهدوا في جامع ام القرى كانوا من سكنة هذه المدينة الباسلة ، وعند تقديم تهاني العيد لبعض المواطنين كان الرد الجاهز هو ان العيد يكون مبهجا لو كانت بغداد ترفل في حلة العيد بصدق ، لا ان تتقاذفها رياح الطائفية وسموم الفتنة ، وان تكون خدماتها تليق باسمها العريق ، وان تنورها الكهرباء ولا تضيق شرفاتها بالظلام .

أخبار العيد
حفلت أيام العيد بأخبار ساخنة سخونة أجوائه الحارة، كان في يوم العيد الاول انفجار في منطقة  الغدير ذهب ضحيته رجل واحد وجرح اثنان ، الا ان اهم الاحداث كان هروب 35 سجينا من سجن بادوش في محافظة نينوى ، واعلان حظر التجوال في مدينة الموصل الذي لقي استياء المواطنين كونه نفذ  في يوم العيد ، وأخذت شاشات التلفزيون تنقل لنا مقابلات مع محافظ نينوى وإلقاء القبض على البعض من الفارين ، كما روعت محافظة الناصرية بحادث مروري أودى بحياة 8 أشخاص وجرح 22 اخرين ، وعلى الصعيد السياسي، تظاهر العشرات من المواطنين في ساحة التحرير يوم الجمعة الموافق 2 ايلول الجاري، مطالبين بخروج القوات الامريكية وتوفير الخدمات وعلى رأسها الكهرباء ، وخبر آخر مفاده اعتقال 12 صيادا عراقيا في المياه الإقليمية من قبل خفر السواحل الكويتية وضربهم واقتيادهم الى جهات مجهولة ، وكان لخسارة المنتخب العراقي في مونديال 2014 إمام نظيره الأردني على ملعب أربيل قد احزن الكثير من عشاق كرة القدم العراقية  ، وشهدت منطقة المدائن مقتل ثلاثة اشخاص في انفجار عبوة لاصقة في سيارة للاجرة ، ونخرج قليلا عن الحزن في العيد ونسمع خبر افتتاح جزيرة بغداد السياحية بعد اغلاق دام اكثر من 7 سنوات ، وتنقل لنا الاخبار  تجدد القصف على المناطق الحدودية في اقليم كردستان  مع كل من ايران وتركيا وهجرة العديد من العوائل ، ونسمع تأكيد رئيس الوزراء المالكي من انه سينهي مشكلة الوزراء الأمنيين بعد عطلة عيد الفطر، في حين تتوقع الناطقة باسم القائمة العراقية ميسون الدملوجي تغييرا في بعض وزراء الحكومة الحالية وليس كلها ، فيما تنتظر هيئة النزاهة انتهاء عطلة العيد لتحيل عددا من الملفات التي تحوم حولها الشبهات والفساد الى التحقيق ، وعلى صعيد الاغتيالات، شهدت مدينة تكريت مقتل ضابط وجرح اثنين من رجال الامن يوم الخميس الماضي اخر ايام العيد . إلا أن خبر ضياع 120 طفلا في متنزه الزوراء وان 90 طفلا فقط تم العثور عليهم  قد احزن العوائل وأحال العيد لديها إلى مأتم!!!
وختاما... ألف تحية لعراقنا العظيم ومواطنيه وكل الأحبة،وكل عيد والوطن بألف خير.
المدى

  كتب بتأريخ :  السبت 03-09-2011     عدد القراء :  3115       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced