برلمانية: وثائق تؤكد تـورّط مسؤولـين في الحكومة بعقد صفقات مواد غذائية فاسدة
بقلم : ادهم يوسف
العودة الى صفحة المقالات

لم تكف عن القفز وكأن الأرض تشتعل تحتها. براء الصغيرة ذات الخمس سنوات  كانت  تطلب  من والدتها  أن تعطيها الـ(250) ديناراً كما اعتادت يوميا  لشراء علبة من "...... " ،  هي نوع من الشعرية المجففة مع بعض البهارات  والزيوت  تعودت أن تشتريها كل يوم من ( أبو احمد ) صاحب المحل الصغير عند  مفترق الطريق المؤدي إلى بيتهم.
خلدت براء إلى النوم في تلك الليلة مبكرا لكن الأم أحست أن طفلتها لا تستطيع التنفس بشكل طبيعي. حاولت أن توقظها بأن هزت كتفها مرات عدة لكن براء لم  تستجب لكل محاولات أمها. نقلت الطفلة إلى المستشفى إلا أن ذلك كان بعد فوات الأوان فقد ارتفع الضغط الدم والسكر وتدمرت خلايا الدماغ.
براء طفلة من بين الملايين، شيبا وشبابا نساء وأطفالاً من الذين اعتادوا شراء الحلويات والمعجنات والشيبس المختلف الأشكال والانواع والمعلبات واللحوم المجمدة والمياه المغشوشة. هذه القصة حلقة من حلقات مسلسل لملف الأغذية الفاسدة في العراق الذي يخلف آلاف الضحايا من المواطنين الأبرياء، فهل هذه عملية إبادة جماعية للعراقيين عن طريق الأغذية الفاسدة المستوردة.

مواد مميتة
مصادر موثقة أكدت لنا وجود فحوصات طبية  ومختبرية وتقارير رفعت الى جهات مسؤولة تتضمن اسماء  مواد غذائية مستوردة لا تصلح للاستهلاك البشري تدخل الى الاسواق العراقية حيث ظهرت في الآونة الأخيرة  مختلف أنواع الأغذية والأطعمة المعلبة من دون اكتراث ولا
مراقبة أو متابعة من أي وزارة أو رقابة حكومية، وغالبية هذه العلب المسلفنة بأوراق ملونة براقة وجذابة تحمل تاريخ صلاحية
منتهي، أو شارف على الانتهاء وهذه المواد الغذائية تحتوي على مواد محظورة دولياً، فمثلا مادة الاندومي الذي اثبت أنها تحتوي على مادة 621،و هي مادة تقتل بصمت وتدمر الخلايا وتنشر المرض بكل حفاوة، فهذه المادة تعتبر نكهة الأغذية و يتم صنعها بطرق بدائية تفتقر لأبسط القواعد الصحية والغذائية هذا إضافة إلى الأغذية التي تحتوي على متبقيات المبيدات أو المعاملة هرمونيا لضمان سرعة نضوجها وكبر حجمها والأغذية التي لا تصلح للاستهلاك الآدمي التي تصدرها الدول المتقدمة إلى دول العالم الثالث بعد أن تكون قد فقدت صلاحيتها أو رفض الترخيص بتداولها لعدم توافر الأمان الصحي بها وتطبق على القائمين عليها عقوبات رادعة في الدول المتقدمة،ولكن لعدم وجود نصوص قانونية رادعة في الدول الفقيرة فأصبحت هذه الدول بمثابة مستودع لدفن النفايات الغذائية.
المادة الأخرى هي عبارة عن msg أوE621  أحادي غلوتاميت الصوديوم أو مونوصوديوم غلوتاميت، اجينوموجو،فما هي هذه المادة؟ تم تصنيع هذه المادة أوائل القرن الماضي وأطلق عليها اسم اجينوموجو في اليابان ،وهي تستخدم بشكل واسع في المطبخ الصيني والآسيوي عموماً وتضاف لإعطاء الطعام نكهة الطعام الطازج وتعزز من الشعور بالطعم القوي للطعام لذلك فهي تصنف من المواد معززة النكهات، هذه المادة انتشرت بشكل هائل في عدد لا يصدق من المنتجات الغذائية، كالمعلبات وحليب الأطفال وأغذية الأطفال ومكعبات النكهة التي تضاف للمرق وأنها المسبب الأول لسرطان المعدة والقولون والمستقيم، بالأخص عند الأجنة وهي اخطر محسنات الطعام وهذه المادة هي احد مشتقات (monosodium glutamate)  ،وتعتبر اخطر مادة غذائية وجدت في العالم كمحسنات طعم، ويتم إخفاء اسم هذه المادة السامة في الأغذية تحت مسميات مختلفة منها (الجلوتامات، اسبرتام) وغيرها.

الشيبس المستورد
الشيبس"ليز" ذو ماركات احتلت الصدارة لعرضها في واجهات المحال التجارية وأصحاب "البسطيات" المنتشرة في كل مكان من ارض العراق، وتكاد إعلاناته تستحوذ على اغلب الفضائيات فهو طبيعي 100% وكما يقال! كيس الشيبس لا يتجاوز سعره 250 دينارا، والعبوة الكبيرة 1500 دينار، وبنكهات مختلفة الشيبس هذا حللت تركيبته الغذائية في دائرة التقييس والسيطرة النوعية واثبت أن تركيبته الغذائية تحوي مواد مسرطنة ولم يعلن عنها لأسباب غير معروفة، فمن يستورده هم تجار لهم باع طويل في التجارة ولهم اتصالات عديدة سياسية وخارجية ،اما بقية انواع الشيبس فما خفي كان أعظم ومنه " ،تايكون ، بافيز،هلا، علي بابا ،سمروت والكثير من الأنواع الأخرى .

اللحوم والدجاج
اللحوم والدجاج المستورد تدخل ضمن عمليات الإبادة الجماعية وذلك لان الدجاج المستورد ومن نوع "ساديا"  وغالبيته هو "نافق" منذ فترة ومجمّد يعتبر من ارخص الأنواع المعروضة في السوق و لأنه غير صحي ولا تعتمد الضوابط الكاملة في استيراده وعند فحصه من قبل لجنة صحية مرابطة على الحدود العراقية- التركية تبين انه تعرض الى التلف وضياع قيمته الغذائية بشكل كامل واثبت ذلك في التقرير الذي احتفظ به  ضمن الأوراق الأرشيفية للجنة ،كما إن مجموعة من التجار كانوا يكلفون أشخاصا معينين يقومون باستبدال الأكياس المغلفة للحوم المستوردة وبعلامة "لحم عجل وغنم"  المستورد من دولة الإمارات العربية المتحدة بأخرى تحمل تاريخ إنتاج جديد وتبدل هذه الأغلفة في البحر وباستخدام الآلات الحديثة التي تكون معهم على السفينة وهذه حقيقة اكتشفت من قبل البعض من المسؤولين ولهم علم ودراية بالأمر ،"قد يكون احدهم المستورد"، كما إن هناك أفخاذ الدجاج من النوع الأمريكي والذي يعتبر العراق اكبر سوق لاستيراده ثبت من خلال فحصه من قبل لجان طبية انه يحتوي على هرمونات جينية  تحقن الديوك بها تساعد على تكبير حجمه خلال مدة لا تتجاوز الأسبوعين  وهذه المواد هي محرمة دولياً كما إن تغذية الدجاج تحوي هرمونات ومضادات حيوية التي تذهب إلى الجسم وكذلك البروتين الذي يعتمد كليا على الفول الصويا بكثرة، الذي تتكون منه لحوم الدواجن في أمريكا وتركيا والذي يسبب تناولها زيادة هرمون اللأستروجين الأنثوى لجسم الإنسان، مما يترتب عليه تراجع هرمون التستسترون في الجسم وهذا يسبب بدرجة كبيرة التأثير على قدرة الرجال الجنسية ولم يحضر استيرادها لان من يقوم باستيراد الأفخاذ الأمريكية  هو مسؤول عراقي كبير وله شريك مقيم في أمريكا يورد له البضائع والربح "بالنص"، كما إن عملية حفظها لا تخضع الى الرقابة الصحية حيث انها تتعرض الى التجميد ومن ثم التمييع، وهي إن كانت صالحة بمرورها بهذه السلسة الطويلة من الموانئ او البر الى التاجر ومن ثم أصحاب المحال،فكم مرة تعرضت الى التلف ولم تحفظ في درجة التجميد المحدد؟، حتى هذا السبب يكون كافياً للإصابة بالفطريات المسببة لسرطان القولون .

المعلبات
المصدر الذي يعطينا أسماء المواد غير الصالحة للاستهلاك البشري والعلامات التي وضعت من قبل لجان فحص أكد ان اغلب المعلبات المستوردة ومن نوع "لحوم لانش..."  المراعي وهنا والمعلبات التي تغلف بأغلفة جديدة تطبع في مطابع منتشرة في العاصمة تم إلقاء القبض على بعضهم بعد ورود معلومات عن تواجد أفراد العصابة وعنوان المطبعة مثل "علب البزاليا باسم التازة والشمس ولذيذة" والفول المدمس والذي يغير تاريخ إنتاجه وانتهائه عند بعض التجار الطارئين في منطقة الشورجة وجميلة وقد تم القاء القبض على البعض منهم . واكدت مصادر طبية أن الاستمرارية في تناول المعلبات و الأغذية المحفوظة التي تباع في معظم المحال التجارية والبسطيات والمطاعم  لها آثار جانبية تكون ضارة بالصحة للكبار و الأطفال فقد أثبتت الدراسات الكيميائية الحيوية أن نيتريت الصوديوم يتفاعل مع الأمينات ( الأحماض الأمينية للمواد البروتينية) في الأمعاء مكونة مركب النيتروزامين و الذي يعتبر المسبب الرئيس لحدوث السرطان.
إضافة بعض الهرمونات على علائق الحيوان و الدواجن ممكن أن يكون لها تأثير ضار بصحة الإنسان مثل اضطراب نسبة الهرمونات التي تفرز من الغدد الصماء، مما ينتج عنها أمراض خطيرة و خاصة العقم .

قناني الماء الملوثة
قد يقول البعض إن مشكلة تلوث مياه الشرب عولجت بوجود قناني المياه الصحية التي يلجأ  اليها المواطنون لسد عطش أفواههم وإرواء أجسادهم،  حيث ازدهرت تجارة بيع  هذا النوع  من القناني  خاصة في تقاطعات المرور والمحال التجارية وبإمكان اي شخص ان يفتح معملاً لانتاج وبيع المياه بعيداً عن الضوابط والمواصفات الصحية وخاصة في المناطق البعيدة والتي تكون غير خاضعة لأي نوع من الرقابة من اي جهة حكومية . لقد وردت معلومات الى دائرة الجريمة الاقتصادية بان هناك معامل أهلية غير خاضعة للضوابط الصحية تقوم بملء (القناني بمياه الحنفية)  وإعادة بيعها من دون غسلها وتعقيمها، فضلا عما تفرزه الآلات المستخدمة من مواد تترسب مع المياه. وأضاف انها نتيجة لغياب الرقابة الصحية، استغل البعض من ضعاف النفوس والحالمين بالربح السريع على حساب حياة المواطنين الفرصة فانشأوا معامل خاصة بتنقية مياه الشرب، لا تحمل أية إجازة صحية، وهذا ما شجعهم على الاستمرار في العمل خاصة وإن هناك إقبالا واسعا على شراء قناني المياه خلال فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة. ويوضح ان هناك اختلافا وتفاوتاً ليس بالأسعار وحسب بل حتى في طعم الماء ما يدل على عدم صلاحية البعض للاستهلاك البشري، ومنها"هنا ،روضتين ،فرات ،المروة ،نستلة  وداليا" وأشار المصدر الى ان دائرة الجريمة الاقتصادية داهمت اماكن المطابع التي تزود هذه المعامل الوهمية بالليبلات وألقت القبض على أصحابها.
كما إن غالبية معامل إنتاج المياه المعدنية في العراق غير حاصلة على شهادة (الايزو) الخاصة بالمواصفات الصحية العالمية للمياه المعدنية , ما يضاعف حجم المشكلة ، كما ان رئيس الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية وعلى هامش ندوة عقدها الجهاز عن أهمية مياه الشرب المعبأة في العراق ببغداد قال إن "ما بين  40 إلى 50 % من المياه المعدنية التي تباع في الأسواق العراقية غير صالحة للاستهلاك البشري، إضافة إلى أن 10 % من المياه المعدنية المستوردة" غير مطابقة للمواصفات، مبينا أن "غالبية معامل المياه المعدنية في البلاد لا تحتوي على مختبرات لفحص المياه ولا تلتزم بتحديث أساليب الإنتاج ومراحله.

وزارة الصحة
أكد وكيل المفتش العام في وزارة الصحة احمد الساعدي في تصريح لـ(المدى) إن دائرة الصحة العامة  التابعة للوزارة أصدرت قائمة بأسماء منتجات المياه المعدنية المغشوشة وتم ذلك بعد إن أجرت فرق الرقابة الصحية فحوصا مختبرية للعبوات المتداولة في الأسواق المحلية من المياه المعبأة فأظهرت عدم صلاحيتها لاحتوائها على بكتريا القولون البرازية بالإضافة إلى البكتريا الهوائية.
بينما علّق النائب حسين الأسدي من الائتلاف الوطني العراقي وعضو لجنة النزاهة في تصريح لـ(المدى) قائلاً: إن استيراد المواد الغذائية من قبل وزارة التجارة خصوصاً المستوردة بين عام 2008 و2010  شكلت لجنة خاصة تتابع تلك العقود المبرمة ونوعية المواد المستوردة ومن ثم التعاقد عليها، وهناك مخالفات قانونية كبيرة كشفتها اللجنة من التحقيقات الأولية، وإن ملفات الأغذية الفاسدة كثيرة وتجري متابعتها بشكل جدي ومباشر من قبل اللجان البرلمانية المختصة مثل النزاهة والاقتصاد والقانونية، وأشار الأسدي في حديثه إلى أن هناك عقودا غذائية سببت مشاكل صحية لآلاف المواطنين.
أما النائبة عالية نصيف جاسم من القائمة العراقية وعضو لجنة النزاهة فقد قالت في تصريح لـ(المدى): إن ملفات استيراد المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك البشري تفوق أعدادها العشرات وتشير وثائقها الى تورط الكثير من المسؤولين في الحكومة ووزارة التجارة بعقد صفقات مشبوهة ولم يتوقف الامر إلى هذا الحد، بل إن التغاضي والسكوت جريمة أيضاً وإيقاع المواطن في أمراض وربما الموت من اجل تحقيق الربح هو جريمة أخرى، لكن الملفات لن تغلق وسوف تتم محاسبة المقصر مهما كانت درجته الوظيفية وهناك الكثير من العقود والصفقات مع الأسف أبرمت بعلم المسؤولين في وزارة التجارة وأحيانا بعلم مسؤولين في الحكومة ،من جانبها أكدت النائبة نوره سالم عضو اللجنة الاقتصادية في تصريح لـ(المدى) قائلة: هناك عقود أبرمت بشكل مباشر بين التاجر ووزارة التجارة وهذه العقود يتم تدقيقها جدياً لأنها تمت بصورة سريعة وطبقت مبدأ القبول بأوطأ الأسعار ،وأضافت سالم أن اللجنة الاقتصادية ولجنة النزاهة في طور التحقيق عن ماهية هذه الصفقات المشبوهة وشكلت لجنة أيضاً من عدد من النواب لتدقيق عقود أبرمتها وزارة التجارة عام 2008 وأثبتت أن تحقيقها البدائي يؤكد إن الصفقات التي أبرمتها وزارة التجارة أكثرها غير صالحة للاستهلاك البشري.
المدى

  كتب بتأريخ :  السبت 10-09-2011     عدد القراء :  2074       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced