سبقـَنا هادي المهدي، الصوت الشجاع، فارس الكلمة المقاتلة، الى مجد شهيد الاحتجاج العراقي، نحن الذين شاركناه التظاهرات والسخط وعدم الصمت حيال جريمة اختطاف البلد رهينة الى التسجيل العقاري في وضح النهار.
وشاء، وقد سبقـَنا ايضا، ان يسمي القاتل باسمه الصريح قبل ساعات من اغتياله.
كان ذلك في وثيقة معلنة ومتداولة الآن بيد محامين ونشطاء ودعاة حقوق وعدالة، كان قد ابتدأها بالقول: اشهدوا انهم يعدون لاغتيالي باسمائهم المدونة ادناه.
ظهيرة الخميس الثامن من ايلول 2011. احفظوا هذا التاريخ، فاننا سنحتاج اليه ساعة يكون القاتل قد نزل من على ظهر بندقيته، يوما، وساعة ان نلتقي مع هادي المهدي في تلك الساحة التي يعمد فيها شهداء الكلمة والحرية الى محاسبة القتلة وماجوريهم.
كان هادي المهدي يعرف، وقد اعلن ذلك بالصوت والكلمة والصورة، بان رصاصة ما في الطريق اليه، وهي نفسها التي تتربص في المنعطفات لاغتيال اصوات الاحتجاج على تجار السياسة والتهريب والعقود المزورة وتصفية كلمة الحرية من على اي شفاه، وكان هادي يخيف اصحابها على مدار الساعة فرط دفاعه عن حق الملايين المهمشة والمقصية في ثروتها التي تنهب، وكان اسياد الفساد القابضون على البنادق والمنصات يشيدون كابوسهم من وحدات الخوف التي تنزرع في افئدة لصوص يخشون، دائما، الضوء الساطع.
سقط هادي المهدي على يد قاتل كان قد حدد ملامحه بدقة متناهية ورسم مسالك الطريق التي سيقطعها اليه، وعرف اين يقيم، وكم من الحراس والوكلاء والمأجورين من حواليه، وما يحمله من القاب وفيرة، وحين شهق هادي باخر هتافاته وهو ينزف فقد وزع على كل واحد منا، نحن الذين شاركناه الاحتجاج، حصته من المسؤولية ان لا تموت قضيته النبيلة، وان لا تأخذ ضمائرنا قيلولة نصف النهار، وان نحتسب كثيرا، فان القاتل نفسه يتربص بكاتم الصوت بضحية آخر، ولن يرحم احدا منا.
لقد حقق القتلة نصرا كبيرا في إزاحة هادي المهدي عن طريقهم، قبل ان يصبح، وسيصبح، هذا النصر حفنة رمل وعار حين نسد الطريق على رصاصهم الغادر من ان ينال الاصوات الاخرى التي اختارت طريق التصدي لمشروع الردة وجيوبه المسلحة.
ويا هاويتهم، كم هي واسعة.
* "من يعيش في خوف من الحرية لن يكون حرا".
هوراس
كتب بتأريخ : السبت 10-09-2011
عدد القراء : 1626
عدد التعليقات : 0