الشهيد المهدي يتهم...!؟
بقلم : باقر الفضلي
العودة الى صفحة المقالات

لا سبيل الى التنصل من تحمل المسؤولية، وليس هناك من مسوغ الى تسجيل الإتهام ضد مجهول، فكل الأدلة والقرائن تشير الى الجهة التي تقف وراء جريمة إغتيال الشهيد الصحافي الفنان هادي المهدي مساء الثامن من أيلول/2011، سواء من حرض عليها أو من خطط لها أو من قام بالتنفيذ المشين؛ كما ومن نافل القول، أن يبتعد المرء عن التنقيب والبحث عن دقائق الأمور ليخرج بالإستنتاجات والتكهنات أو التأويلات، ليوجه سهام الإتهام الى جهة معينة بذاتها، فالجريمة ومن ندرتها، أن تلك السهام قد وجدت طريقها الى الجهة المُتَهَمَة، حتى وقبل أن تُستكمل عناصر الجريمة أو أن يصبح المجني عليه في عداد المغدورين..!

لقد فتح الشهيد هادي المهدي بنفسه، جميع الأبواب مشرعة، أمام المحققين وأمام المدعي العام_ إن وجد_ وأمام السلطات القضائية، وأمام السلطات الحكومية، وأمام جمهرة النواب، وأمام الرأي العام، وأمام الأحزاب والكتل السياسية والمرجعيات الدينية، بل وأمام البعيد والقريب من دعاة الحق والعدالة ، صارخاً مستصرخاً وملوحاً بكل أدلة الإتهام، بعظمة لسانه وبكل وجوده الإنساني: أن الجريمة واقعة لا محال، وأنه مستهدف تحت طائلة التهديد بالقتل، وأن القتلة يتربصون به كل لحظة، لا لسبب ما، بل بهدف إسكات صوته المدوي من أجل الدفاع عن حقوق الناس، وعن كرامة المهمشين.. ولكنه ماض في الطريق لإسماع صوته رغم كل التهديدات...

بأعلى صوته أشهر الشهيد هادي المهدي "لائحة الإتهام" بوجه كل من تربص به من القتلة، ليقطع الطريق أمام كل الأقاويل والتبريرات والإدعاءات التي قد يلجأ اليها كل من ستتلوث يده بدمائه الزكية، فهو من خلال مسيرته الصحفية ونشاطه الإعلامي، وما تعرض له من تنكيل وإنتقام بسبب ذلك النشاط منذ 25 شباط، قد وضع النقاط على الحروف، وبجرأة الشجاع حدد هويات المتربصين به، وأشار الى هدفهم، محذراً أهله وأصدقائه وزملائه الصحفيين من حاملي الكلمة الحرة، بما قد ينتظرهم على يد أعداء الكلمة الحرة من سطوة الإنتقام..!؟

فجريمة إغتيال الشهيد هادي المهدي، ليست بذلك الغموض الذي يتعذر معه فك أسرارها، أو الغور بعيداً في متاهات مسالكها، بعد أن حدد الشهيد كل المسارات التي سلكها المتربصون به، والوسائل الدنيئة التي مارسوها بحقه، والتهديدات التي تعرض لها لآخر يوم من حياته، وكذلك آلية التنفيذ التي إستخدموها في الإجهاز عليه وغدره، وبهذا فقد ترك الشهيد المغدور أمام المحققين، كل الإمكانات لسبر أبعاد الجريمة، بدءً من البواعث التي دفعت بالجناة الى التربص بالشهيد، والترصد لكل حركاته ونشاطاته، يعزز ذلك آلية ووسائل تنفيذ الجريمة، التي إستخدمها الجناة، وهي "كاتم الصوت"، والذي وحده يعبر عن دلالة مهمة بإتجاهين؛ فالمغدور كان يعرف على أقل تقدير المتربصين به، ومن المنطقي فإن إستخدام "كاتم الصوت" يعتبر من الوسائل المحبذة لدى الجناة، في التغطية على شخوصهم، وإبعادهم من الإنكشاف، في نفس الوقت وبالإستدلال بأقوال المغدور وإشاراته التي أخذت طابع الإتهامات ضد المتربصين به، يشكل إستخدام "كاتم الصوت" نتيجة منطقية، وإن كانت ليست مطلقة، على صحة تلك الإشارات والإتهامات التي كان يرددها المغدور بأيام قليلة قبل إستشهاده..!

ولأهمية وقع تداعيات هذه الجريمة المنكرة، على الواقع السياسي ومسيرة "الحياة الديمقراطية"، وتأثيراتها السلبية على حرية الصحافة وحرية التعبيروالرأي، ولما فيها من طابع سياسي لا يمكن التستر عليه بأي حال من الأحوال، حيث أن نشاط الشهيد الصحفي والإعلامي وحده، وما كان يترتب عليه من ردود فعل معاكسة من قبل جهات أشار اليها الشهيد جهارا، يمنحها هذا الطابع، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة سياسية خانقة، وإختراقات متكررة على الصعيد الأمني، فليس أمام المراقب غير الأمل بأن تأخذ لجنة التحقيق التي أمر بتشكيلها السيد رئيس الوزراء، للتحقيق بالجريمة، كل التفاصيل التي وردت على لسان الشهيد المغدور، بما فيها السمعية والمسجلة، والتي جرى بثها من قبل بعض الفضائيات لما تشكله من أهمية على صعيد التحقيق في أبعاد الجريمة النكراء وعلى لسان المغدور نفسه..!

أما الأكثر أهمية في الكشف عن الجريمة المنكرة وأبعادها السياسية والجنائية، فإنه يكمن في الحقيقة في مدى الجدية والسرعة والإهتمام الذي تأخذ به لجنة التحقيق، في محاولتها سبر الحقيقة بعيداً عن أي تأثيرات شخصية أو حزبية أو سياسية، مع الأمل بأن لا ينال مصير الكشف عن هذه الجريمة المستنكرة، مصير غيرها من الجرائم المستنكرة التي طالت العديد من رجال الفكر والصحافة والاعلام، ومن الأكاديمين من رجال العلم والثقافة، والتي سُجلت وللأسف ضد مجهول..!؟

لقد شخص الشهيد هادي المهدي المتربصين به وهو حي يرزق، فهل بإمكان القضاء العراقي ومجلس النواب والحكومة، أن تسمي للعراقيين من هم أولاء القتلة من أعداء الديمقراطية والكلمة الحرة، لتهدأ روح الشهيد وهو في مثواه الأخير، وتطمأن نفوس أهله وأصدقائه وكل من سار ويسير على طريق الحق والعدالة..؟!

  كتب بتأريخ :  الأحد 11-09-2011     عدد القراء :  1802       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced