لاجِئُون عراقِيُّون فِي مُسَابَقة تلفِزْيُونِيَّة هولَنْديَّة تحُثُّهم على الرَّحِيل
بقلم : عدنان أبو زيد
العودة الى صفحة المقالات

يستعد النازح العراقي إلى هولندا عمر العاني للمشاركة في مسابقة معرفية يتضمنها برنامج تلفزيوني مثير للجدل يحمل عنوان "الرحيل الى هولندا "، يحث اللاجئين الذين ينتظرون حسم طلباتهم في اللجوء، على الرحيل من البلد، بمنحهم مبلغا قيمته أربعة آلاف دولار وسترة واقية من الرصاص اذا ما فازوا في المسابقة، وأما الخاسر في المسابقة، فيُمنح السترة الواقية فقط.

وعمر، هو واحد من بين المئات من اللاجئين العراقيين المهددين بالرحيل بعدما قررت السلطات المعنية عدم منحهم رخصة الإقامة منذ ان اعتبر العراق منطقة آمنة بحسب تفسير القوانين الهولندية للوضع في بلاد الرافدين.

وبحسب عمر فان العودة الى العراق بالنسبة له أمرا واقعا، ومشاركته في المسابقة هدفها الحصول على مبلغ من المال يمكّنه من عودة ميسّرة الى العراق. وعمر الذي درس علوم الحياة في العراق، ونزح الى هولندا منذ العام 2005، يعتبر العودة الى العراق مجازفة، ليس بسبب الأوضاع الأمنية التي تحسنت كثيرا، بل من قلقه من عدم الحصول على فرصة عمل، لاسيما وانه لا يمتلك رصيدا ماليا يمكنه من ترتيب شؤون حياته لحين الحصول على عمل ومسكن.

ويتابع عمر ساخرا : في كل الأحوال، سأشارك في المسابقة، وفي حالة الخسارة سيتم منحي سترة واقية للرصاص.

السترة الواقية.. سخرية مرّة

والسترة الواقية، أصبحت مبعث السخرية بين الهولنديين لاسيما وسائل الإعلام، فقد كتبت صحيفة "تروبتر" في الجنوب الهولندي، ان منح " المرحلّين " سترة واقية، نكتة ثقيلة، فالسترة تعني فيما تعنيه ان العائد الى بلده يحتاج إلى هذه السترة لكي يتقي الهجمات، في ظل وضع غير آمن، والا فلماذا اختار المنظمون في المسابقة هذه الفكرة التي يجدها الكثير من اللاجئين استغلالا، وسخرية من مصيرهم المرتقب في حالة العودة الى بلدانهم.

ويبلغ عدد المتقدمين للجوء في هولندا نحو عشرين الف شخص سنويا، ترفض طلبات الأكثرية منهم. و سحبت السلطات في هذا البلد الاقامات المؤقتة التي مُنحت للعراقيين، بعدما اعتبرت سياسة الهجرة الهولندية، العراق منطقة آمنة لا يتعرض فيها الأشخاص للخطر، وفق قوانين اللجوء، لكن السلطات مازالت تتساهل في منح اللجوء ورخص الإقامة لإفراد الأقليات العراقية من صابئة ومسيحيين و ايزديين وشبك، وفي ذات الوقت فأنها ترفض تمام منح اللجوء للأكراد القادمين من إقليم كردستان، وكذلك عراقيي الوسط والجنوب.

وعمر هو أول عراقي ينوي الاشتراك في البرنامج الذي يعرض مساء كل خميس، من على قناة " فابرو varo " الهولندية المشهورة.

عودة غير آمنة

ويسخر اللاجئ العراقي المهدد بالرحيل رحيم عاصي الذي نزح من بلده العام 2005، من منح العائد سترة واقية، بالقول انه سيبيعها للجماعات المسلحة في العراق لحظة نزوله في ارض مطار بغداد، في أشارة إلى اعتقاده ان الوضع ليس آمنا في العراق وان عودته القسرية تحفها المخاطر.

ويقتنع عدد قليل من العراقيين المهددين بالعودة القسرية، بان الوضع أصبح آمنا في العراق وإنهم يتفاءلون برجوعهم إلى العراق في ظل اخبار عن تحسن الوضع الأمني وارتفاع مستوى المعيشة، فقد قررت سلوى الجزائري العودة الطوعية (مهندسة) بعد غربة دامت عقد من الزمن قضتها متنقلة بين الأردن وسوريا وتركيا وهولندا.وتأمل الجزائري ان تعود إلى وظيفتها في معمل الزيوت النباتية في بغداد، وان تتاح لها توظيف دراستها في خدمة البلد. وكانت الجزائري نزحت من العراق بعد مقتل زوجها في انفجار سيارة مفخخة في سيارة مفخخة قرب مطعم في الكاظمية (تقع في الكرخ في العاصمة بغداد )العام 2005، حيث قررت بعد ذلك الرحيل.

استفزاز اللاجئين

وبحسب إذاعة هولندا العالمية فان مدير محطة "فابرو varo " المعروفة ببرامجها الجريئة، لم يكن مقتنعا بفكرة المسابقة التي عدها "مخجلة" و"استفزازية" في أول مرة، لكن معاونيه عدوها فكرة "رهيبة".

وشارك في حلقة الأسبوع الماضي لاجئون من العراق وتشيلي والشيشان ومصر، واغلبهم من الذين تلقوا تعليما جيدا في بلدانهم الأصلية وهولندا، كما إنهم يتقنون اللغة الهولندية والانكليزية إلى حد كبير.

ورسمت على منصات المسابقة طيور طويلة الأجنحة في دلالة على الطيور المهاجرة التي لابد وان تعود يوما الى موطنها .

وتقول المتطوعة في مكتب شؤون اللاجئين في هولندا "ماريا فان" في تصريح ل"المدى" ان البرنامج يثير حنق الكثير من الهولنديين، لأنهم يستغل الوضع المقلق، النفسي والقانوني، لأشخاص مهددين بالعودة القسرية. و تتابع : كيف نصنع المتعة للمشاهد باستعراض مآسي الآخرين، لهذا أدعو السلطات المعنية إلى إيقاف البرنامج فورا. وما يثير في البرنامج ان المشاركين فيه هم نخب متعلمة ومثقفة، برهنت أجوبتهم على المستوى العلمي والدراسي العالي الذي بحوزتهم، وان بإمكان هولندا الاستفادة من قدراتهم وإمكانياتهم بحسب "ماريا فان". من جانبه يقول عمر المشهداني اللاجئ العراقي في مدينة دنبوس (80 من جنوب العاصمة أمستردام ) والذي يستأنف قرار طرده من هولندا، انه لن يرحل من هولندا، بأقل من مائة ألف دولار، في سخرية واضحة من المبلغ الضئيل الذي تقدمه المسابقة. ويقترح ازاد حسن وهو كردي وينتظر إجراءات ترحيله إلى كردستان، ان يُمْنح الفائزون في المسابقة الإقامة، بدلا من السخرية منهم، بمنحهم مبلغ " ترضية " أو سترة تقيهم ربما، من الرصاص، لكنها لن تساعدهم في إيجاد فرصة عمل في بلدهم
المدى

  كتب بتأريخ :  الإثنين 12-09-2011     عدد القراء :  1852       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced