عسى أن يدركوا .. يا "مدارك"!
بقلم : جاسم الحلفي
العودة الى صفحة المقالات

غاب 144 نائباً عن الجلسة التاسعة والعشرين للبرلمان، التي عقدت يوم الاثنين 12 ايلول الجاري، مما ادى الى تأجيل التصويت على صحة عضوية النائبين جمال شيبان حمادي الكيلاني وعمار حسن عبد علي. فالنصاب الضروري للتصويت على صحة العضوية، والبالغ 217 نائبا، لم يكن متوفرا.
ويبدو أن غياب أعضاء مجلس النواب غدا ظاهرة متفشية لا سبيل لتجاوزها. فليس هناك رقيب ولا حسيب، وسبق  لـ "المرصد البرلماني العراقي" التابع لمؤسسة "مدارك" ، أن أشار الى هذه الظاهرة في تقاريره الفصلية عن عمل البرلمان، وآخرها التقرير الفصلي للشهور أيار، حزيران، تموز 2011، حيث تكشف أرقام الغيابات التي أحصاها المرصد ووثقها، ظاهرة خطيرة تؤثر سلباً على دور البرلمان وأدائه. كما تؤشرعدم اهتمام أعضاء المجلس حتى بالحضور الشكلي، وهو أبسط الواجبات الوظيفية التي تمكنهم ولو قليلا من مواجهة السخط العام على ادائهم المتواضع ورواتبهم الباهظة وامتيازاتهم الكبيرة، ناهيكم عما يشكله هذا الحضور من بعض احترام لثقة الشعب التي منحها لهم (ولو أن البعض منهم لم يحصل الا على بضع عشرات من الأصوات).
لكن الأغرب من ذلك هو عدم اكتراث الرأي العام بما تضمنه تقرير المرصد المهم، حيث لم يحظ بالتغطية الاعلامية التي تتناسب وأهميته، ولم يجر تناوله بالعرض والتحليل وإضاءة القيمة الكبيرة لإشاراته الموثقة الى أخطر الظواهر السلبية في عمل مجلس النواب.
من جهة أخرى وبعيداً عن أرقام ومعطيات تقرير المرصد واستنتاجاته المهمة، وعودة ً الى جلسة البرلمان يوم الاثنين الفائت المشار اليها أعلاه، والتي أنجز فيها مجلس النواب التصويت على 44 من أصل 227 مادة من مواد نظامه الداخلي، يجد المرء نفسه أمام سؤال ملح حول الفترة التي يتطلبها انجاز التصويت على بقية المواد البالغة 183 مادة! هذا اذا علمنا أن أكثر من سنة ونصف السنة مرت على انطلاق أعمال مجلس النواب الحالي دون أن يكون له نظام داخلي أصلاً. فكيف لمجلس لم يقر نظامه الداخلي حتى الآن، أن يؤدي واجباته السياسية والتشريعية والرقابية، في وقت تعصف بالبلد أزمات سياسية خطيرة، وفساد مالي واداري تمترس في مفاصل الدولة، ونظم نفسه في مؤسسة كبيرة يعترف الجميع بوجودها، وصار مستحيلا على أي امريء ان يتجاهل دور "مؤسسة الفساد" ونفوذها؟
لم يدرك أعضاء البرلمان، على ما يبدو، أهمية دور منظمات المجتمع المدني وتقاريرها في رصد الاداء، والتي كشفت حقيقة أن مؤسسة سياسية – تشريعية - رقابية بجحم مجلس النوب، يشكل الغياب بين أعضائها نسبة ملفتة للنظر،  ويضعها في موقع يصعب عليها فيه أن تكون مثالاً ايجابياً. وعندئذ يصبح السؤال عن جدية عمل المؤسسات الأخرى سؤالاً موجعاً. لذا بات مفهوماً لنا سبب عجز مجلس نواب عن محاسبة وزير فاسد أو ضعيف الاداء. أما الوزراء الذين لاحقتهم تهم الفساد فكانت صفقة استقالاتهم وفق مبدأ (التقاعد مقابل حفظ الملف) مساومة لحفظ ماء الوجه.
وبما أن الامور تسير في العراق بالشكل العجائبي المعروف، فلربما يطلب منا ذات يوم أن نسيّر مظاهرات نشكر فيها البرلمان على أدائه! دون خشية من "مدارك" وأخواتها من مؤسسات المجتمع المدني الجادة، التي تؤدي دورها في رصد الظواهر السلبية، والتبشير بكل عمل ايجابي، والترويج لثقافة المحاسبة والشفافية.
وعسى أن يدركوا .. يا "مدارك" !

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 14-09-2011     عدد القراء :  1807       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced