أيام الأنفال... أيام الحشر الإلهي (7)
بقلم : ئاشتي
العودة الى صفحة المقالات

يتمرد مساء الحصار على شعاع موقد النار، فيتدثر الشعاع برماد الموقد، مادامت الظلمة تعبر عن فرحها بأي ضوء ينبعث، من أجل أن يكشف عريها المستتر بثياب الليل. فالظلمة تخاف الليل، لهذا تفتح مساماتها حتى لشعاع الضوء المنبعث من موقد الجنود الذين يحاصروننا، رغم أنهم يبتعدون عنا (في مجال الرؤية) أكثر من كيلومتر. تحاول أن ترى أشباحهم وهم يحيطون بلهب الموقد المتصاعد، ولكن هيهات ذلك رغم قوة تكبير المنظار الذي تنظر موقدهم به، لا تدري ما الذي يجعلك تجهد نفسك في رؤيتهم؟ ربما هو هاجسك من أن يكون رفيقك الحرس ما قبل الأخير قد سلم نفسه لهم؟ أو ربما هو سر البحث عن المجهول الذي رافقك منذ أيام الصبا، يوم شاع الحديث عن الصحون الطائرة، فأخبرت صديقك مساء شارع ترابي في مدينتك الجنوبية، بأن تتمنى أن تكون أحد ركاب هذه الصحون لكي ترى ما على سطوح المنازل، ولكن صديقك المولع (بما حرم الله) أضاف، أن يرى ما يجري تحت الناموسيات البيضاء المنتشرة على جميع سطوح المنازل. فمن يمنحني الليلة صحنا طائراً لعلني أجد رفيقي الحرس ما قبل الأخير.
(فاصلٌ يكتب ُ الموت َ والحبَّ في لهجة ٍ واحده،
فاصل ُ الرغبة الخامده)
النوم يغادر عينيك، بعد أن سلمت الحراسة إلى رفيق آخر واضطجعت إلى جانب جذع شجرة بلوط. كنت تحدق في النجوم، حاولت أن تعدها بالإشارة عليها بسبابتك. ولكن وازعا من أيام الطفولة منعك من ذلك، فمن يعد النجوم بأصابعه، توردُ الثآليل على أنامله، لهذا اكتفيت بالنظر إليها، وأنت تحاول أن تقيم علاقة ود مع أحداها، لعلك تغريها بهذا الود، فترد على سؤالك (يا نجمة شوفي هواي نايم لو صاحي). أخيرا نمتَ دون أن تسمع جوابها، ودون أن تستطيع إحصاء مئة نجمة.
الصباح في أيام الحصار العسكري لا يعدو أكثر من مشاريع خرساء، لا تنطق بشيء، ولا تفتح أمام عينيك رؤية الساعات القادمة، فكل لحظاتك عبارة عن حوادث مفاجئة، ليس في أغلبها ما يسرك. ثلاثة من مقاتلي حزب حليف، أخبروكم وهم يتناولون الشاي، عن جثة رفيقكم التي غطوها بالصخور. في تلك اللحظات كان الألم يأكلك، وليس سوى حسرة حزن بعمق ثقل الأيام، تتناوب على استهلاك خلايا رئتيك، رغبتك بحجم جبل كَارا في أن تحتضن جثمان رفيقك الشهيد، وتوسده تربة تليق به كشهيد. ليس ما يحزنك هو الاستشهاد، بل كنت تتمنى لمثل هذا الشهيد، أن تكون شاهدة قبره لوحة من لوحاته الفنية التي ترمز لفرح الحياة، لا أن يضيع جثمانه في واد غير مرسوم على خارطة وطنه.
(بيننا فاصلٌ
فاصل ٌ من دم،
فاصلٌ من علوِّ)
هل تتعدد الفواصل في حياتنا، ولماذا كل هذي الفواصلُ، ما دام الحزن معيار هذه الفواصل. هل يا ترى نصل الضفة الآمنة؟
ربما!!

  كتب بتأريخ :  الإثنين 19-09-2011     عدد القراء :  1701       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced