هل نحن مجتمع ديمقراطي؟
بقلم : عبد الخالق كيطان
العودة الى صفحة المقالات

يعدّ الفيلسوف الأميركي جون ديوي واحداً من أبرز منظّري العالم للنظام  الديمقراطي، ويكمن إسهامه الأساس في هذا الموضوع من خلال نظرته للديمقراطية  من حيث هي نموذج للحياة الاجتماعية والأخلاقية المشتركة أكثر من كونها  نظاماً سياسياً كما هو شائع. يقول ديوي في هذا المجال: "ليست الديمقراطية  مجرد شكل للحكومة، وإنما هي في أساسها أسلوب من الحياة المجتمعة والخبرة  المشتركة المتبادلة".



ويعرف الذين اطلعوا على البدايات الأولى لتشكّل الديمقراطية في الولايات المتحدة أن الآباء المؤسّسين هناك عملوا أولاً على تمتين القيم الديمقراطية في المجتمع. وعاماً بعد عام صارت الديمقراطية الأميركية هي النموذج، والمعيار. ولقد تكلّل المسعى الديمقراطي الأميركي أخيراً بانتخاب رجل "أسود" لقيادة أكبر دولة في هذا العالم الواسع بعد ذلك التاريخ الطويل من القمع والتنكيل والاضطهاد الذي مارسه البيض ضد السّود.
قصص الديمقراطية الأميركية تجدها مبثوثة في مؤلفات عديدة، وليس المقام هنا مناسباً لعرضها، بل إضاءة فكرة جوهرية في سجالنا العراقي حول مهمة المثقف في الأزمة، وحول شكل نظامنا السياسي بعد خروجنا المفترض من زمن الديكتاتورية، وأخيراً من أجل تلمس طريقنا الذي يوصلنا إلى مستقبل البلاد. هذه الفكرة تتمثل على شكل سؤال: كيف نصل إلى النظام الديمقراطي المنشود؟ هل باعتماد الديمقراطية كشكل لإنتاج الحكومة أو من خلال تبني قيم الديمقراطية مجتمعياً؟
إن أبرز مشكلة يعانيها نظامنا الحالي تتمثّل في الحديث المستمر الذي يبديه قادتنا ونخبنا السياسية عن ديمقراطية عراقية. ومن الممكن أن نركن إلى تلك الديمقراطية المزعومة لو أثبت هؤلاء القادة أنهم يؤمنون بالفعل بقيم الديمقراطية، ولكن المشكلة في أن هؤلاء بعيدون تماماً عن ذلك. فأغلب قادتنا عاشوا في معارضة سرية كانت تحصي الأنفاس. وهم بانتقالهم من المعارضة إلى السلطة لم يمروا بأي مرحلة وسطية، يمكن تسميتها: انتقالية بين الديكتاتورية والديمقراطية، بل قفزوا إلى السلطة قفزاً. أما كيف؟ فبالوسيلة الديمقراطية، التي هي هنا الصندوق الانتخابي. وبدت هذه الوسيلة كافية لإقناع المتشككين والمراقبين على حدّ سواء. ولكن، هل حققنا عبر هذه الآلية شيئاً على الطريق الديمقراطي؟ من الممكن الإجابة بنعم، فنحن نجرّب اليوم ممارسة ديمقراطية كانت غريبة عنا، ومفاصل هذه الممارسة عديدة: صندوق انتخابي، دعاية انتخابية، برنامج انتخابي... إلخ... ومع ذلك، غابت عن هذه الممارسة أشياء أساسية.
إن أبرز الأشياء التي غابت تتمثّل بالتربية. والقصة باختصار شديد إننا إلى الآن لم نبدأ عملياً بتدريب أبناء الشعب على ممارسة الديمقراطية. إن واحدة من أبرز مظاهر التجربة الديمقراطية تتمثّل بالاحتجاج السلمي، مع ذلك، فإن السلطة والجمهور يعتبرانها خروجاً على العرف. فالسلطة نكّلت بالمحتجين السلميين على مدى الشهور الأخيرة، فيما عدّ جمهورها الاحتجاجات محاولة انقلابية يائسة. علينا أن نستدرك فنقول هنا أن جمهور السلطة هم أولئك الذين انتخبوها، وهؤلاء يشكلون نسبة كبيرة جداً من أبناء شعبنا.
من الممكن، أخيراً، أن نقول بوجود الملمح الديمقراطي في العراق، ولكن من الجائر أن نعدّ تجربتنا ديمقراطية إذا لم يرافقها عمل مجتمعي... وغداً نكمل.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 26-09-2011     عدد القراء :  1814       عدد التعليقات : 0

 
   
 

 
 

 
في صباح الالف الثالث
الأحد 23-10-2016
 
يـا ســاحة التحرير..ألحان وغنـاء : جعفـر حسـن
الجمعة 11-09-2015
 
الشاعر أنيس شوشان / قصيدة
الأربعاء 26-08-2015
 
نشيد الحرية تحية للاحتجاجات السلمية للعراقيين العراق المدني ينتصر
الثلاثاء 25-08-2015
^ أعلى الصفحة
كلنا للعراق
This text will be replaced
كلنا للعراق
This text will be replaced